Al-Akhbar

ما بعد رمضان

- ◼ د. صابر حارس

الغاية من الصيام ليست مؤقتة أثناء رمضان فحسب بتطهير النفوس من الذنوب، وإحيائها بالذكر والقيام وقراءة القرآن والصدقات وإطعام الطعام، ولكن الغاية بعيدة املدى التى تبدأ بعد رمضان هى األهم.

وهذه الغايات ثالث: األولـى أن تخاف ال من أذية خلقه؛ فال تعسر عليهم، وال تظلمهم، وال تكر بهم، وال تغشهم ، وال تسيء الظن بهم، وال تغتابهم، وال حتقد عليهم ، بل جتاهد بتطهير قلبك من البغض والغيرة منهم، وتتمنى الير لهم، وال تشمت فيهم إن أصابهم مكروهاً، ثم بعد ذلك ال تقصر فى حق نفسك، أو حظك، أنت وأهلك، وال تقصر فى حق من ترعى وتعول.. والقصد هنا أن ترتقى درجة مما كنت عليه قبل رمضان، فيزداد إيانك وتزداد تقواك، فهما الدليل العملى للعبادة الصحيحة والعقيدة السليمة، فال يصح أن يكون صومك ثالثني يوماً، معدوم األثر، ينتهى بانتهاء رمضان.

أما الغاية الثانية فهى صحتك النفسية، التى تتحسن تلقائياً بفعل التقوى فتزداد درجة رضاك، وتقوى طاقتك اإليجابية، ويزيد إحساسك بالسعادة احلقيقية، وتتخلص من همومك وأحزانك، وتسلم أمرك كله ل، فإن هذه األمور كلها نتيجة طبيعية ملا قبلها من التقوى كغاية نهائية للصيام.

وال تنسى أن العبادة كلها شفاء، الدعاء شفاء، واالستغفار شفاء، وكل أشكال الذكر شفاء، والقرآن شفاء، وربنا عز وجل فى محكم آياته يقول: «وشفاء ملا فى الصدور»، ويقول أيضاً: « َونُنَ ِّز ُل ِم َن الُْق ْرآ ِن ما هو ِش َفاءٌ َو َر ْح َم ٌة ِّللُْم ْؤ ِم ِن َني َو َال يَِزي ُد ال َّظا ِمل َني ِإ َّال خسارا» حتى إن العلماء اختلفوا فى نوع الشفاء ما إذا كان قاصراً على الشفاء النفسى أم الشفاء الشامل مع األخذ باألسباب، ورمضان شهر الشفاء من كافة األوجاع واألحزان .

أما الغاية الثالثة فتنعكس على صحتك اجلسدية، فتتحسن وتقوى وتتخلص من السموم والبكتيريا الضارة، وتتجدد األجهزة، وتستريح األعضاء، وتتطهر املعدة «بيت الداء».. وألن العالقة بني الغايات الثالث: التقوى والصحة النفسية والصحة اجلسدية مترابطة معاً، فنجد أن الصائم رمبا يفقد صحته النفسية بسبب أخطاء فى النظام الغذائي، وقد تسوء حالته النفسية بسبب إهماله وتقصيره فى التقوى والوف من ال.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt