لحظات حياتنا الفارقة
املـــــــــــتـــــــــــربـــــــــــصـــــــــــون بـــــــنـــــــا، واملــــــخــــــطــــــطــــــون لــــــزوالــــــنــــــا، واملثابرون على طريق تشريد شـــعـــبـــنـــا األصـــــيـــــل، ومتـــزيـــق بلدنا العريق، وإلقاء ناسنا الطيبني فى مهاوى الهالك والــــــضــــــيــــــاع، هــــــم أنـــفـــســـهـــم مــــــــن يــــــــــدبــــــــــرون إلســــــقــــــاط مـــؤســـســـاتـــنـــا، وهــــــدم دولــتــنــا الناهضة الصاعدة، ازدوجت الـغـايـة، ولكن الفاعل واحـد تــــنــــكــــر فــــــى صــــــــور عـــــديـــــدة، وتخفى فـى أقنعة متباينة، وتـــــــدل الــــوقــــائــــع الــــدامــــغــــة، واألحــــــــداث الـــقـــاطـــعـــة، على أن االســـــــتـــــــهـــــــداف يـــشـــمـــل احملــــــكــــــومــــــني واحلـــــاكـــــمـــــني مــــعــــا، أى أنــــنــــا جــمــيــعــا فـى «مــــــركــــــب» واحــــــــد يــــقــــف فــى شـــمـــوخ فــــى الـــبـــحـــر الــلــجــى الـــهـــائـــج املـــتـــالطـــم األمــــــواج، واســـــــتـــــــهـــــــداف الــــطــــامــــعــــني اجلــــشــــعــــني لـــــذلـــــك املــــركــــب يـــبـــلـــغ مـــــن الــــشــــراســــة حـــدا لــم تـعـرف مثيال لــه الـدهـور املنقضية، والعصور املولية، وميــثــل األمــــر مــفــتــرق طــرق تاريخيا، ومنحنى مصيريا يـــــســـــتـــــوجـــــب االحـــــــتـــــــشـــــــاد، واملـــــرابـــــطـــــة، والــــتــــوحــــد فـى مـــواجـــهـــة اإلعــــصــــار الـــداهـــم الرهيب، وألنها حلظة فارقة حــقــا، ال تــتــكــرر فـــى الــدهــور كثيرا، فإن الوعى يصير هو بطل املشهد، وجنــم املوقف، ويــــبــــدو الـــــــدور املـــلـــقـــى عـلـى كــاهــل املـفـكـريـن، واملـبـدعـني، واألدبــــــــاء فـــى املـــعـــتـــرك غير املــســبــوق خــطــيــرا مـصـيـريـا، وفاصال، ولكن احلصاد على ذلــك الصعيد لـأسـف ليس مـــرضـــيـــا، وال يـــتـــنـــاســـب مـع حجم االستهداف، وشراسته، وفـــرادتـــه، واملــطــالــعــون بعمق لـــلـــتـــاريـــخ يـــــدركـــــون دقــــــة مـا أقــــــــول، فـــلـــم تـــوحـــد األقــــــدار -بــــشــــراســــة األخــــــطــــــار- بـني خـــــيـــــوط الـــنـــســـيـــج املــــصــــرى مـــثـــلـــمـــا حــــــدث فـــــى الـــعـــقـــود األخـــيـــرة، حـيـث االسـتـهـداف يــــتــــهــــدد اجلـــــمـــــيـــــع، وبـــعـــض مـــن نــتــوســم فـيـهـم الـفـطـنـة، والــــذكــــاء ال يــنــتــبــهــون لـهـذه احلقيقة، وإذا انتبه بعضهم آثــــــر الــــصــــمــــت، واالنــــشــــغــــال بأموره اخلاصة فى حلظة ال يليق باألصفياء النبالء أن يتجاهلوا خطورتها، وما وما تتطلبه من تفان، وإخـالص، وإنكار ذات.