األزمات الساخنة والقرارات المدروسة
الصخب الـــذى صـاحـب «مـظـاهـرة املـسـيـرات» يؤكد صحة تقديرات املوقف املصرى، وأن األدوار ال ُتكتسب بالكالم أو الشعارات، وإمنا برفع هامة البالد وقامتها، والـعـمـل الـشـاق ليل نـهـار على تدعيم مكانتها، وبث روح العزمية واإلصرار فى مواطنيها، خللق حالة من التفاهم والوعى لدى الرأى العام.
منظومة متكاملة يؤدى كل عنصر فيها دوره احملدد فـى تناغم، ليخرج الـقـرار املـصـرى على قـدر احلـدث، فـى ضــوء احلـسـابـات السياسية املعقدة فـى املنطقة، وهـــذا هــو ســر قـــوة الــــدور املــصــرى، الـبـعـيـد متــامــا عن الضوضاء والضجيج.
األدوار ال تكتسب بالتصريحات والـبـيـانـات، وإمنـا بحساب كل كلمة وكل قرار، وأن يكون كل شيء مدروسا بتأٍن ودقة وعناية وعمق، وصوًال إلى حتقيق املصالح العليا للبالد وحفظ أمنها واستقرارها وسالمتها.
وأثبتت األحداث الصاخبة التى مرت باملنطقة فى الــســنــوات الـعـشـر األخـــيـــرة، أن مـصـر قــويــة األعــصــاب وثــابــتــة املـــواقـــف، وال تــصــدر عـنـهـا قـــــرارات مـتـسـرعـة وانــفــعــالــيــة، وال ميــكــن اســتــدراجــهــا أو تــوريــطــهــا فى صراعات بعيدة عن ثوابت أمنها القومى.
وأثبتت أحـداث غزة وما تالها باألدلة القاطعة أن إدارة مـصـر لــأزمــة قـمـة احلـنـكـة والــوعــى، دفــاعــا عن األمن القومى العربى، وأن األدوار ال ُتباع وال ُتشترى، وإمنــا بالقدرة على حتمل املسئوليات اجلـسـام، فمن أراد أن يـــحـــارب فــلــيــحــارب بــقــواتــه ولـــيـــس بـاجلـيـش املصرى، الذى يعرف جيدا مهامه االستراتيجية وال يحيد عنها، وكيف يحمى القضية الفلسطينية من الضياع.
وجنـحـت مصر فـى إخـمـاد مــؤامــرات الـتـوريـط بكل أشكالها، من املخططات احملمومة للتهجير القسرى لــلــشــعــب الــفــلــســطــيــنــى، حـــتـــى املــــــزايــــــدات الـــقـــدميـــة بالشعارات الكاذبة، واختفت أصـوات تيارات النضال الصوتى بعد أن انكشفت حيلهم، وأنهم كانوا سببا فى معظم النكبات التى تعيشها األمة العربية.
هوية الوطن تكمن فى الدولة القوية التى تصون مصالح الوطن وتعظم مردودها، وهى السياج القوى الـــذى يـحـمـيـنـا فــى االنـــتـــصـــارات واالنـــكـــســـارات، وقــوة البالد تكمن فى احلفاظ على ثوابتها وعدم التفريط فيها، وأهمها عدم السماح ببث الفنت بني املصريني.
ونحن اآلن جننى الثمار فى االحـتـرام الـذى تناله مصر فى املجتمع الدولى، وجتسد املواقف احلاسمة والهادئة للدولة املصرية، مدى حرص زعماء العالم على التشاور مـع رئيس مصر بشأن القضايا املهمة فى املنطقة.
كـــنـــا مـــثـــال نـــســـمـــع مـــنـــذ ســــنــــوات عــــبــــارة «فـــــني دور مصر»؟.. ولم يأخذ السؤال شكل التحليل والدراسة وإمنــــا أخــــذ شــكــل الــتــرصــد مبـــصـــر، وكــــأن كــثــيــرا من املترصدين والدول والقوى والتيارات، ينتظرون على أحر من اجلمر االنهيار والتراجع، وكأن قاماتهم لن تعلو إال بالنيل مـن مـصـر.. واهلل ال يضيع أجــر من أحسن عمال.