Al Masry Al Youm

تراث الإسكندرية «متاحف سكنية» وطرز أوروبية تزين الأحياء القديمة والحارات

عميد الأثريين: أحياء كاملة تحتفظ بتراث معمارى «إيطالى فرنسى عربى» فى آن واحد.. ومنازل فقيرة تحكى تاريخ ما قبل 1952

- الإسكندرية- رجب رمضان:

قطع من باريس ومدينة نصف خيالية، أقل ما توصف به الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط، أجمل سكندريات الكون على الإطلاق، حيث مازالت تحتفظ المدينة الساحلية ببنايات وأبراج تبدو فى ظاهرها متاحف سكنية تزين الحارات والأحياء الشعبية القديمة على مستوى المحافظة، جمال معمارى وهندسة فريدة تجعل من الإسكندرية نموذجا فريدا تتميز به عن باقى سكندريات الكون.

«المصرى اليوم» رصدت مجموعة من المبانى التراثية القديمة التى تمثل «قطعا من الجنة على الأرض»، تتجلى فيها مدينتا برايس ونابولى على الحارات والنواصى والأحياء القديمة، ولعل العجيب والملفت للنظر أن هذه العناصر المعمارية التاريخية القديمة تكشف فى المدينة نكهة يونانية فرنسية إيطالية عربية فى آن واحد.

الخبير الأثرى، أحمد عبدالفتاح، مدير عام آثار الإسكندرية السابق، عميد الأثرين، قال إن الإسكندرية مدينة كوزومبيلتي­نية تختمر داخلها كل الحضارات والثقافات ودائما ما تتقبل أى ثقافة أو حضارة وتضيفها إلى سجلها التراثى التاريخى النادر بن مدن مصر المحروسة، مشيرا إلى أن المدينة الساحلية تضم العديد من الأحياء الشعبية القديمة التى تعد بمثابة «متاحف سكنية»، نتيجة احتفاظها حتى الآن بالعناصر المعمارية والطرز الهندسية النادرة نتيجة احتوائها على العديد من المبانى التراثية الهامة والمهمة.

وأضاف «عبدالفتاح»، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»، أن من بن الأحياء القديمة التراثية حى كوم الدكة الذى يضم أكثر من %80 من المبانى التراثية حولته إلى ما يشبه «متاحف سكنية»، لأنه يجمع ما بن التراث المعمارى والأوروبى والشرقى فى آن واحد، حيث كانت تقطنه العائلات السكندرية القديمة جداً والمنحدرة من حى بحرى، فضلا عن العائلات الأجنبية المتوطنة فى المدينة.

وتابع: «لعل من المؤلم أن أكبر منزل تراثى كملكية فكرية معنوية فى حى كوم الدكة هو منزل فنان الشعب سيد درويش، الذى مازال حتى الآن خرابة علما بأن الاتجاه العام للدولة والقيادة السياسية المتمثلة فى شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الحفاظ على التراث بأقصى ما يمكن، ونفض الغبار والإهمال عنه، ومسح جروح الإهمال والتجاهل عن التراث، مشيرا إلى أنه ساعد فى أن تحتفظ الإسكندرية بجميع الطرز المعمارية حتى الآن فى الأحياء الشعبية. إن الأجانب خاصة اليونانين والإيطالين والفرنسين خلدوا تاريخا زمنيا كبيراً بها، لدرجة أنه من الأشياء الطريفة أن تجد فى بعض المبانى بمحطة مصر نوافذ هى نسخة طبق الأصل من نوافذ منازل موجودة فى جنوب فرنسا، خاصة شارع الأمير عبدالمنعم، باعتباره منطقة شعبية ومربع اللبان والفراهدة، وهو مربع مازال يحتفظ بتراث معمارى إيطالى وفرنسى وعربى فى آن واحد، حتى فى حجر النواتية هناك منازل قديمة مازالت تصميماتها المعمارية من الداخل تماثل تصميمات إيطاليا، خاصة مدينة نابولى، وتجاوز عمرها 100 عام، كما يوجد فى منطقة السيوف فيلات تحتفظ بعناصر معمارية تراثية من تراث روما واليونان القديمة وحدائقها، فضلا عن جناكليس التى يتجلى فيها عبق فرنسا فى حارات جانبية، مشيرا إلى أن هذا التراث يمثل جزءا من الحياة العامة والحفاظ عليه مسؤولية الجميع، دولة ومواطنن.

وقدم «عبدالفتاح» مقترحا يفيد بأن يقوم اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، وهو من مدينة أخميم فى الصعيد )بلد الآثار(، بإصدار توصية أو قرار بفرض رسم على كل مواطن فى الإسكندرية ولو بمعدل 1 جنيه، ما يعنى جمع 8 ملاين جنيه سنوياً للحفاظ على التراث السكندرى، يخصص لصيانة التراث بحيث تسلم هذه الأموال للمحافظة للحفاظ على مدينتنا الساحلية من الاندثار، لاسيما أن المبانى التراثية فى تناقص كبير من مجلد الحفاظ على التراث.

ولفت إلى أن الإسكندرية تحتوى تراثا لا يقدر بثمن وأنه على الرغم من أنها منازل فقيرة، إلا أنها تسجل ملامح عصر بأكمله وهو عصر مجيد لما فيه من ظلال وأضواء، وهو عصر الفترة ما قبل عام 1952، وهناك الحى التركى فى الإسكندرية، المعروف حالياً بحى بحرى أو الجمرك، يضم مبانى تراثية من أروع المبانى التراثية فى العالم وأقدمها، مشيرا إلى أن المبانى القديمة تحتفظ بتقاليدها وعبقها يتصاعد فى أيام المناسبات والأعياد الدينية، مثل شهر رمضان، خاصة منطقة سوق راتب خلف المحكمة وشارع إبراهيم ومحطة الرمل، خاصة فى أيام الأعياد المسيحية )الكريسماس والميلاد(، حيث تكون مزدانة بأجمل معالم ورموز الأعياد كلها، كما يعتبر شارعا صفية زغلول وسعد زغلول شارعن عالمين فضلا عن الغرفة التجارية، ومازالت البيوت فى المنطقة الواقعة خلف مبنى الغرفة التجارية التاريخى تحتفظ بنوافذها وشرفاتها القديمة والأكاليل الزخرفية المنحوتة فى الحجر والموجودة فوق الشرفات والنوافذ بالرغم مما أصابها من عوامل الزمن والتعرية، كما تزين البيوت القديمة ميدالية على طراز القصر الفرنسى يتجلى فيها تاريخ إنشاء المبنى، علاوة على شارعى تيجران فى كليوباترا، المعروف حاليا بسبورتنج، وبورسعيد ويوجد به فيلات من أروع ما يمكن.

وقال إنه من الغريب أن بعض الفيلات التراثية مازالت مغلقة وحدائقها تغمرها الأشجار ومظلمة لعقود طويلة مضت، كما يوجد فى حى الحضرة الشعبية، خاصة فى شارع المفتش، تحف معمارية ومنطقة امبروزو وبقايا قصور الأمراء التى مازالت موجودة.

ودعا المحافظ، باعتباره من بلدة أخميم العريقة والمشهورة بالطراز الأثرى، إلى التحرك لحماية التراث السكندرى من خلال تشكيل لجنة عاجلة تضم خلاصة الخبرات الأثرية وليس من موظفى الآثار وأساتذة الفنون الجميلة والهندسة والآداب )قسم الآثار(، بحيث تأخذ شكل اللجنة الدائمة لمتابعة مشاكل حفظ تراث الإسكندرية على مدار الزمن وتخصص لها ميزانية للإنقاذ السريع من الرسم المقترح على كل مواطن والمقدر بجنيه واحد، وتبقى هذه الميزانية تحت تصرف اللجنة للهروب من الروتن ورقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.

بدوره قال الدكتور هشام سعودى، رئيس لجنة الحفاظ على التراث، نقيب المهندسن فى الإسكندرية، إن الإسكندرية يكفيها وصف الشاعر الإنجليزى لورانس داريل ب«النصف خيالية» فى كتابه «رباعية الإسكندرية»، حيث تعتبر ساحرة سكندريات الكون، فهى أولى سكندريات العالم لعدد ٤8 مدينة سميت باسمها، إلا أنها باتت مهددة بفقدان بريقها وعدم التربع على عرش درة مدن حوض المتوسط، بعد أن زحف زمن الإهمال إلى تراثها ومبانيها التاريخية التى تحكى حقبا وعصورا قديمة مازالت تصارع الزمن.

وشكا « سعودى » ، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»، من تعرض المبانى التراثية لأعمال هدم وتعد من قبل الملاك، مستخدمن ثغرات فى قانون 1٤٤ لسنة 200٦ للحفاظ على التراث، وهو ما ننادى بتعديله من المجلس الأعلى للتنسيق الحضارى، حيث يقوم بعض الملاك بالحصول على أحكام قضائية بحذف المبنى من القيد اعتماداً على تلك الثغرات القانونية واستصدار رخص من الجهات المعنية بهدم المبانى بحجة أنها آيلة للسقوط، وبالتالى يتم حذفها من مجلد التراث بحجة أنها باتت غير مطابقة لاشتراطات قائمة التراث، ما يجعل الأمر يتطلب ضرورة الانتباه والتدخل لحماية ما تبقى من المبانى التراثية فى المدينة والتى تقلصت إلى أقل من 10٤0 مبنى حتى الآن، وتسببت ثغرة قانونية فى القانون 1٤٤ لسنة 200٦ ولائحته التنفيذية فى حذف العديد من القصور والفيلات المهمة مثل أجيون وسباهى وغيرهما، والتى تسمح لملاك المبانى التراثية باستغلالها للحصول على أحكام قضائية تمكنهم من هدمها والانتفاع بها واستبدالها ببنايات خرسانية تؤثر سلباً على القيمة المعمارية والتراث السكندرى المتميز.

خصص متحف الإسكندرية القومى استفتاء «أنت مَن تقرر» عن وحدة الأديان، لاختيار قطعة شهر فبراير 2023، باعتبارها القطعة الفائزة بلقب الشهر بعد حصولها على أعلى الأصوات.

وجاءت القطعة المتنافسة فى الاستفتاء، من الفن القبطى، وبدأ الفن القبطى فى الظهور بمصر، خلال القرن الرابع الميلادى، مرتبطًا بالعقيدة المسيحية، وتأثر بالفن المصرى القديم، واستخدم الزخارف الهندسية والزهور والحيوانات، أما العلامة الهيروغليف­ية )عنخ(،

مفتاح الحياة، فهى رمز الصليب فى الفن القبطى.

ويعرض المتحف شكل الهلال داخله صليب، رمز الوحدة بين الديانتين المسيحية والإسلامية.

القطعة الثانية من شواهد القبور، وهى من العادات الجنائزية فى مصر القديمة، وقد حافظ عليها الأقباط، وشاهد القبر تُصور عليه نقوش وعلامات رمزية، والهدف هو جنة الفردوس، ويعرض المتحف شاهد قبر، من العصر القبطى، مصورًا عليه شكل الصليب والقوقعة وزخارف نباتية على الجانبين.

القطعة الثالثة، من النسيج القبطى، ويعود تاريخها إلى آلاف السنين، ولها قيمة كبيرة عند المصريين مسلمين ومسيحيين، حيث رُوى عن «المقريزى» أن المقوقس، حاكم مصر، أهدى النبى محمد، عليه الصلاة والسلام، عشرين ثوبًا منها، كما كُسيت الكعبة بها قبل الإسلام، ويعرض متحف الإسكندرية القومى أجزاء من النسيج القبطى من الصوف والكتان، تعود إلى القرن الرابع الميلادى، ومزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية.

وفى جنوب سيناء، أعلن متحف شرم الشيخ الدولى عن الاستفتاء الشهرى، الذى يطلقه ضمن مسابقة «أنت مَن تقرر» للتصويت على القطعة الأثرية المميزة لتكون على قائمة صالات العرض المتحفى على مدار شهر فبراير المقبل.

وقال محمد حسنين، مدير متحف شرم الشيخ، إن الاستفتاء يجرى على ثلاث قطع أثرية مميزة لاختيار إحداها لتكون ضمن قائمة صالات العرض المتحفى، خلال شهر فبراير المقبل، بناءً على أعلى نسبة تصويت من قِبَل جمهور المتحف.

وأوضح مدير المتحف أن القطعة الأثرية الأولى هى تمثال إيزيس أفروديت، مشيرًا

إلى أن المصريين القدماء صنعوا هذا التمثال أملًا فى حياة أخروية طيبة للمتوفى، ويصور «إيزيس» تضع إكليلًا نباتيًّا ضخمًا على رأسها، يعلوه تاجها المميز بقرنى البقرة وقرص الشمس، مع خصلات شعرها الحلزونية المعتادة، وتمسك بيدها اليسرى إناء كبيرًا، وفى يمناها قرن الخيرات.

وأضاف: «يقف إلى جوار قدمها طفل صغير، ربما )إيروس(، أو أحد خدم عبادتها، وترتدى )خيتونًا( حابكًا و)هيماتون( يغطى جذعها السفلى»، لافتًا إلى أنه عُثر على التمثال داخل مقبرة، ويتميز بدقة وجمال فى تفاصيل الوجه

والعيون الملونة، ويعود إلى العصر الرومانى.

وعن القطعة الأثرية الثانية، قال مدير المتحف إنها عبارة عن إناء خزفى مزين بوحدات زخرفية نباتية ومشاهد أسطورية ومشاهد الحياة اليومية، وصُنع من البورسلين، مضيفًا أن القطعة الثالثة عبارة عن «حنية دندرة»، وتُعد إحدى الحنايا التى زينت الحوائط الداخلية للكنيسة القبطية فى معبد دندرة، وجرى تزيين «الحنية» بزخارف تمثل كرمات العنب وأوراقه، مع زخرفة صَدَفة تعبر عن رمزية كبيرة فى الفن المسيحى المبكر فى مصر والعالم الشرقى، وتعود إلى العصر البيزنطى.

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt