Al Masry Al Youm

أسرة «حامد»: خرج من المستشفى جثة هامدة لعدم حقنه ب«تيتانوس»

⏮ النيابة تأمر باستخراج الجثمان وعرضه على الطب الشرعى للوقوف على أسباب الوفاة

-

كتب- محمد القماش:

وجوه مكفهرة وبكاء مكتوم وملابس حداد سوداء، يضع الأهالى النعش على الأرض، وتحتضن الزوجة وطفلاها أثرًا من رائحة رب الأسرة، يتصاعد بكاؤهم، بينما تجلس والدته وحيدة، وقد ماتت بقعتا ضوء فى عينيها، فلم يبقَ للعجوز سوى حرقة القلب، ووطأة الصبر على هول المصيبة بعد وفاته لعدم حقنه ب«تيتانوس» حين جُرح بإصبعه، ولم تبقَ لها سوى صورة تتذكر بها ابنها الشاب الثلاثينى، وسيرته العطرة بين جيرانه بالعياط.

حامد إبراهيم، رجل بسيط يعمل على «توك توك»، ولديه طفلان، أكبرهما 5 سنوات، وجد جاره «أيمن» يفتتح محلًّا «فرارجى»، حمل معه الأقفاص الحديدية، وعاونهما 4 آخرون، لم يمر الواجب على خير إثر سقوط أحدها على قدمه ليصرخ عاليًا: «آه يا رجلى.. صباعى الكبير بينزف دم».

أحد الجيران هرول ب«حامد» إلى مستشفى الزهراء الخاص القريب من منزله، استلزم الجُرح 5 غُرز وضمادة لعلاج الكسر بالإصبع.

ووفقًا لأسرته، لم يحقنه الطبيب المعالج ب«تيتانوس»، إذ شعر الشاب بحالة إعياء شديدة، وفق عمرو درويش، صديقه: «الجزء الشمال من جسمه كله كإن فى جلطة فيه، لا إيد بيحركها ولا رجل، ومتصلب وجامد».

زوجة المجنى عليه قالت: «درجة حرارة )حامد( ارتفعت ليُنقل إلى مستشفى حميات حلوان، حيث أخبر الأطباء أهله بأن )المريض كان لازم ياخد تيتانوس(، لقيناهم بيتصلوا

بينا ويقولولنا: البقاء لله.. قلت: البقاء لله فى مين؟!، ثم أغلقت الخط، ولم أصدق أن زوجى يموت هكذا فى غمضة عين.»

«امتد تلوث الدماء من القدم إلى الرئة».. سبب وفاة «حامد»، وفق ما دونه الأطباء بتقريرهم عن أسباب الوفاة، لتلطم الزوجة: «إحنا عيشتنا على قدها، هو عائلنا الوحيد، عيالى بقوا يتامى بدرى»، فى الوقت ذاته يشرح لها طبيب بالحميات: «الحديد اللى رشق فى صباعه كان فيه صدا، هو اللى عمل التلوث ده.» انتهت إجراءات دفن «حامد» سريعًا، وأمه تولول بصوتها الحزين: «ده غلبان وفقير، عاوزة حقه اللى ملوش حد غير ربنا،» وحين وارى جثمانه الثرى، حررت محضرًا، واتهمت المستشفى الخاص بالإهمال، ما تسبب فى الوفاة، وتحكى العجوز: «مش هنسيب حق ولدى، والنيابة العامة خدت إجراءاتها، ابنى مات نتيجة قلة ضمير، وخايفة تتكرر تانى مأساته.» لم يتبقَ بمنزل «حامد» سوى صوره القليلة مع طفليه، وملابسه التى لم يكفوا عن احتضانها، وتخيله يعيش وسطهم تارةً ويتذكرون موته تارةً أخرى، فمشاعرهم تختلط بين البكاء والضحك، الزوجة تقول: «ده كان حنية الدنيا فيه، وعيالى كل يوم يسألونى: بابا فين؟، وراجع إمتى؟، فأرد عليهم: ده راح عند ربنا، وهُمَّه يقولولى: طيب جاى تانى ؟!».

النيابة العامة أمرت باستخراج الجثمان وعرضه على الطب الشرعى للوقوف على أسباب الوفاة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt