Al Masry Al Youm

رفض التنازل أمام المشاهير والاستسلام لسيطرة الإعلانات على الدراما التلفزيوني­ة.. ودفع ثمنًا لمواقفه من أعماله ومشروعاته الفنية نموذج للكاتب النجم وكتب على التتر: «المؤلف أسامة أنور عكاشة وروايته الجديدة»

-

كثيرًا ما نستمع فى الحوارات التى تجرى مع مؤلفين عن أسئلة من عينة: «أين ذهبت هيبة المؤلف؟ لماذا تراجعت هيبة كاتب السيناريو أمام النجم؟ هل كثير من كتاب السيناريو تحولوا إلى ترزية للنجوم؟، هل للمؤلف دور وقيمة فى الصناعة أم أنه مجرد حرفى يمارس عمله ويتقاضى عليه أجرًا؟» ومبعث هذه الأسئلة يعود إلى التراجع الكبير لقيمة وهيبة المؤلف فى آخر عشرين عامًا لدرجة الانسحاق الكامل أمام كافة أطراف الصناعة فى بعض الأحيان، ويعود إلى الترحم على زمن كان المؤلف فيه مركز قوة، وعنصرا مؤثرا ومحركا، ونجمًا مثل زمن أسامة أنور عكاشة.

فأسامة أنور عكاشة بجانب أعماله وأدبه التليفزيون­ى العظيم، صنع هيبة ومكانة وقيمة المؤلف المصرى، من حيث القوة فى الصناعة والتأثير فى أطرافها، والوقوف أمام كل ما يهدد هيبتها كذلك.

فجميع مؤلفى مصر يتمنون كتابة عمل للنجم عادل إمام، وأسامة أنور عكاشة أحدهم بالتأكيد، وكثيرا ما أشاد عادل إمام ب«ليالى الحلمية» وأنها ذكرته بأيام طفولته فهو ابن الحلمية، وأشاد كذلك ب«الرايا البيضا»، وتلاقى الثنائى فى مشروع «أرابيسك» الذى كان مكتوبًا، وبطل عكاشة فى هذا العمل هو عادل إمام، وبعد 6 حلقات ونتيجة لخلافات فى وجهات النظر بينهما، لم يتفقا، انسحب عادل من المشروع، ولم يسع عكاشة إلى إرضائه بحكم أنه نجم النجوم، احترم إبداعه وعرض النص على نجوم كثيرين أمثال أحمد زكى، محمود عبدالعزيز، نور الشريف، يحيى الفخرانى، سعيد صالح، إلى أن استقر عند صلاح السعدنى ليصنع به تحفته الفنية الخاصة.

وذات الأمر تكرر فى مسلسل «كناريا وشركاه،» فالصحف كانت تتحدث وقتها عن عودة محمود عبدالعزيز للدراما التلفزيوني­ة بعد رأفت الهجان، وفى لقاء فنى خاص مع المؤلف أسامة أنور عكاشة، قال إنهما اختلفا فى وجهات النظر الفنية فى المسلسل فاعتذر محمود، ولم يلح عليه أو

يتنازل أمام رغباته عكاشة، ونفس الأمر حدث مع بعض أبطال الحلمية الذين طالبوا بزيادة مساحات أدوارهم فى بعض أجزاء الحلمية، ليرفض بإباء احترامًا لنصه ولقلمه وأنه ليس ترزيًا للنجوم وللممثلين، فى صورة ليست موجودة اليوم عند كثير من المؤلفين للأسف الشديد.

كما أنه خاض حربًا ضروسًا مع دخول الإعلانات للدراما التلفزيوني­ة، وأعلن رفضه سيطرة الإعلان على المنتج الدرامى، وأنها تفسد متعة المشاهدة، فكيف يشاهد المشاهد تتابعًا دراميًا مهمًا ثم يفاجأ بإعلان زيت وصابون!! ورفض سيطرة الإعلان على أعماله الدرامية كذلك، فى سباحة ضد التيار لكنها ليست غريبة على شخصية أسامة أنور عكاشة.

ودفع ثمنًا لمواقفه، فكان معروفا عن عكاشة أنه ناصرى الهوى، ويهاجم سياسات الانفتاح الاقتصادى وعصر السادات بكل سلبياته، لذلك رفض كبار الكتاب والصحفيين مشروعه لكتابة عمل عن حرب أكتوبر فى منتصف التسعينات

وكان سيخرجه المخرج شريف عرفة، وتساءلوا: كيف لناصرى مهاجمًا عصر السادات أن يكتب عملًا عن حرب أكتوبر؟ وتوقف المشروع بالفعل. ولم يتراجع عكاشة عن موقفه إلا فى أواخر حياته اقتناعًا بأن كل عصر له سلبياته وإيجابياته.

ونتيجة لرفضه بعض الممارسات فى بعض البلدان العربية، وتحديدًا فيما يخص علاقة المصريين المغتربين بها، قاطعته بعض شركات الإنتاج العربية الكبيرة فى تلك الفترة ورفضت تنفيذ مشاريعه ولم يتراجع عكاشة حفاظًا على مصالحه بل زاده الأمر إصرارًا على موقفه ومبدئه.

كما أنه كان نموذجًا للكاتب النجم فكان يكتب على التتر «المؤلف أسامة أنور عكاشة وروايته الجديدة»، فى ظاهرة لم تحدث سوى معه فقط، فلم يعش مؤلفًا مصريًا نجوميًا ونفوذًا وتأثيرًا مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد.

لذلك لا نبالغ إن قلنا إن أسامة أنور عكاشة صنع نجومية وهيبة وسعرا ونفوذًا لمهنة كاتب السيناريو فى مصر.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt