Al Masry Al Youm

شخصيات عكاشة «من لحم ودم»

⏮ أبطال أعماله فى صراع مستمر مع الزمن.. أحيانًا لا يجدون أنفسهم ويحاولون العثور عليها طوال الوقت على البدرى نسخة معدلة بين الحقبتين الناصرية والساداتية.. وحسن أرابيسك البطل الشعبى ابن الحارة المصرية أبوالعلا البشرى نموذج «دون كيشوت» يحاول إصلاح المجتمع..

-

أهم ما يميز عالم أسامة أنور عكاشة الدرامى هو الشخصيات، فهى من لحم ودم، وتحمل عمقًا وفلسفة وأبعادًا مختلفة عن أى شخصيات أخرى، فالسمات الغالبة لأبطال أسامة أنور عكاشة أنهم فى صراع مستمر مع الزمن، أحيانًا لا يجدون أنفسهم ويحاولون البحث عنها وإيجادها طول الوقت، ويطرح عليهم السؤال الصعب: «هل يسايرون الزمن ويتعايشون مع قيمه ومبادئه أم يحاولون فرض قانونهم ومنطقهم الخاص؟».

بجانب أن أبطال أسامة أنور عكاشة مهزومون عاطفيًّا، ونادرًا ما تجد قصة حب لأسامة أنور عكاشة موفقة وناجحة، بجانب أنها شخصيات مضغوطة نفسيًّا وعصبيًّا وتحت وطأة الانفجار.

فإذا تحدثنا عن أهم وأبرز شخصيات أسامة أنور عكاشة وهو على البدرى، نجد كثيرين تحدثوا أنه يمثل أسامة أنور عكاشة نفسه فى الحقبة الناصرية، فهو الحالم، الرومانسى، المؤمن بالمثل العليا للثورة وبمبادئها وقدرتها على التغيير، والمحب لزهرة لدرجة العشق وترك بعثة إلى لندن من أجلها، ثم فجأة تنهار كل هذه الأحام والمثل والمبادئ مع انهيار الحقبة الناصرية وهزيمة 1967، وإدراكه أنه كان يحيا فى أوهام كبرى.

ثم لا تتوقف هزائمه عند هذا الحد حيث تأتيه الهزيمة العاطفية من حب عمره زهرة التى تفضل مستقبلها الصحفى عليه، وتبتعد عنه ليدرك أنه كان مغفاً كبيرًا وأن العالم لا يتحمل موهومين ومغفلين مثله.

وتستمر مأساته فى حبسه فى قضية مراكز القوى.. ليخرج على البدرى من السجن إنسانًا جديدًا ومختلفًا تمامًا.

فمع الحقبة الساداتية، وسيادة سياسات الانفتاح الاقتصادى يستغل على ثروة أبيه وعودته من فرنسا لتكون نقطة انطاق جديدة لعلى البدرى الجديد، المادى، قلبه لا يرحم، استغالى، رأسمالى قح، لا يمثل على البدرى القديم تمامًا بل يمثل نقيضه فى كل مبادئه ومثله، وكأنما ينتقم منه وكل من على شاكلته حتى تأتيه الهزيمة مرة أخرى بدخوله السجن فى قضايا فساد، ليخرج منه نسخة معدلة ما

بين على البدرى الناصرى والساداتى.

حسن أرابيسك يختلف نوعًا ما عن على البدرى، فهو البطل الشعبى، ابن الحارة المصرية، غير المثقف ثقافة أكاديمية ولكنه يحمل الثقافة الفطرية التى تمكنه من معرفة حقيقة وهوية الشخص الذى أمامه بمجرد الجلوس أمامه مرة واحدة، ولكنه يحيا فى زمن ليس زمنه، زمن لا يمثل مبادئه ولا أفكاره ولا موهبته فى صناعة فن الأرابيسك، زمن يمثل نسيبه رمضان الخضرى؛ لذلك يختار أن يهرب

إلى المخدرات والنوم والكسل.

ومع محاولته مسايرة الزمن بمشروع فيا د. برهان إلا أنه يدرك أن ما يريدونه هو سلطة وترقيع وجمع حضارات مصر كلها بشكل كاريكاتورى، فالحل الحقيقى بالنسبة

له إذا أراد أن يعرف ونعرف معه من نحن؟ وما أصلنا وجذورنا؟ أن نهد الفيا والمعبد من أساسه ونبدأ من جديد، وهو حل ثورى دفع ثمنه بالدخول للسجن ولكنه بالتأكيد هو الحل الأمثل.

ويشترك حسن أرابيسك مع على البدرى فى الإخفاق العاطفى، فمع كثرة عاقاته النسائية لم يوفق عاطفيًّا لا مع توحيدة أو مع أنوار، ويُعد زواجه من توحيدة فى نهاية أحداث «أرابيسك» نهاية بناء على طلب الجمهور وقتها، ولكن وفقًا للنص الأصلى فهو لم يتزوجها، على حسب تصريحات تلفزيونية للفنانة هالة صدقى.

بشر عامر عبد الظاهر يعيش نفس معاناة حسن أرابيسك، فهو مضطرب الهوية، حائر ما بين هويته الإيطالية والمصرية، فهو ابن الطليانية صباحًا ولياً ابن عامر عبد الظاهر، يرتدى القبعة صباحًا ومساءً الجلباب، والعكس صحيح، ينجذب إلى خاله الخواجة تارة، وإلى والده تارة أخرى، يهرب من هذه الحيرة بعاقاته النسائية المتعددة، وإلى صديقه المضطرب كذلك عبد الفتاح ضرغام الذى يعيش مأساة واضطرابًا أكثر منه فهو الولى العاشق المجذوب بعايدة ثم مع وقوعه هو شخصيًا فى حب عايدة، ينتهى الحب إلى مأساة زواج عايدة من شخص آخر والسبب عقد نفسية وغيرة وحسابات داخل نفس بشر.

وعلى الرغم من زخم عوالم بشر واتساعه، إلا أنه فى النهاية وحيد، محبوس بداخل نفسه، فاقد لهويته، لا يعرف حقيقة من هو.

«أبوالعا البشرى» نموذج «دون كيشوت» يحاول إصاح المجتمع بنفسه، ويعتبر نفسه مبعوثًا للعناية الإلهية وحامل للرسالة الأخاقية، وعلى الرغم من عدم واقعيته أحيانًا وانتمائه دائمًا للماضى، وهزيمته باستمرار أمام قوى الشر الجديدة إلا أنه لا يستسلم ويحاول أن يوصل رسالته حتى لو كانت نهايته فى مستشفى المجانين.

د. مفيد أبو الغار لا يختلف كثيرًا عن أبطالنا السابقين فى نبله وأصالته وحبه وتقديره لكل ما هو جميل وأصيل، يفاجأ بنفسه على خط النار فى حرب ضروس أمام غول اسمه فضة المعداوى، فى حرب ظاهرها فيا مفيد أبو الغار، وباطنها وعمقها حرب مبادئ، وقيم، قيم د. مفيد وفريقه وقيم التتار والسوقية الممثلة فى فضة المعداوى، لتنتهى الحرب بينهما نهاية واقعية بهزيمة مفيد لكنه لا يستسلم ويقف ويواجه بلدوزر فضة المعداوى.

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt