Al Masry Al Youm

تنتهى الأزمات ويبقى الطمع والجشع

-

من الأمراض المستعصية على الشفاء الطمع والجشع، الذى يُصاب به البعض عند الأزمات والكوارث. فقد رأينا كيف استغل الكثير كارثة وباء كورونا، ليحقق ثروات طائلة من المغالاة فى أسعار الكمامات والكحول وأسطوانات الأكسجين غير مبالين بآلام الناس. ذهب الوباء بعد أن اختبر فينا قيم التراحم والرفق، وجاءت أخبار الحرب الروسية على أوكرانيا، وقبل أن نعرف أى تفاصيل عن الحرب انتشر مرض الطمع والجشع مرة أخرى فى سوق البيع والشراء، وجُنّت الأسعار واحترقت الجيوب. وبدأت تصريحات المسؤولين عن تشديد الرقابة على الأسواق، فى نفس الوقت الذى انتشرت فيه ظاهرة تعدد الأسعار لنفس السلعة من مكان لآخر، حسب بعد المكان عن جهات الرقابة! والآن يدعى التجار أو يعلقون الارتفاع على شماعة حرب غزة. إن الاعتماد على الضمير والأخلاق والدين لردع الفئة التى تستغل الظروف لتحقيق المكاسب على حساب المواطن لم يعد كافيًا، لأن المطامع هذه الأيام قلما يوقفها ضمير حى أو وازع دينى إلا من رحم ربى. قد يكون أحد الحلول هو المقاطعة، وهذه تصلح مع سلع مثل اللحوم أو الدواجن، ولكنها لا تصلح مع الخبز وأبسط أنواع الغذاء، الذى يعتمد عليه جماهير الناس، فقيرهم

وغنيهم. وقد لجأت الحكومة فى هذه الحالة لتكثيف الرقابة، كما قامت بعمل معارض وسيارات متنقلة تبيع بأسعار أقل، وهذه الحلول جيدة جدًا، لكنها تظل محدودة بأماكن معينة، ولن تصل إلى كل الناس. لذلك لابد من وجود جهة رقابية لها ضبطية قضائية، لتحدد نسب الزيادة ووقت الزيادة بناء على دراسات يقوم بها متخصصون، وتعتمد على معرفة بالتغير الذى طرأ على التصنيع والنقل جراء أى أزمات أو حروب طارئة. وتوحيد سعر السلعة الواحدة فى جميع المنافذ والأسواق، وتطبيق القوانين التى تلزم البائع بوضع السعر بوضوح، وتجريم التلاعب بالأسعار وقت الأزمات لأقصى عقوبة ممكنة. قيام وزارة التموين بإلزام التجار بتقديم تقرير عن المخزون من السلع الموجودة لديهم فى حالة الأزمات والكوارث، ولا يتم زيادة الأسعار إلا باتفاق مع الوزارة بعد التأكد من نفاد المخزون لدى التاجر. تطبيق قانون الطوارئ على كل تاجر يقوم بزيادة سلعة بطريقة عشوائية، دون الرجوع لوزارة التموين. ففى مسألة الغذاء والدواء أثناء الأزمات لا يمكن أن نعتمد على قانون العرض والطلب وحده فى التسعير.

مجدى خلاف

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt