الروبوت أميرة

فى ركن من أركان مقر قمة الحكومات فى دبى وقفت الروبوت أميرة، ومن حولها راح عدد من جمهور القمة يتطلع إليها مندهشًا ويدقق النظر فيها.

كانت ترتدى بنطلونًا رماديًا، وقميصًا مُقلمًا، وفوقه جاكيت أسود، وكانت ترسل شعرها على كتفيها، وكانت شقراء طويلة مثل شجرة فارعة، وكانت العروق تبدو نافرة فى سطح يديها، بينما هى تحرك اليدين إلى فوق وإلى أسفل، وكانت تفعل ذلك فى محاولة منها لتوصيل معنى ما تقوله إلى المتحلقين من حولها!.

وكنت أتطلع إليها بدورى، وكنت أتامل ملامحها فى هدوء، وكنت أحاول أن أقارن بينها وبين الفتاة الطبيعية لو أنها وقفت فى مكانها بدلً منها.. وقد اكتشفت للحظة أنك ل تكاد عند الوهلة الأولى تتبين ما إذا كانت هذه الواقفة روبوت يتحرك حسب قواعد الذكاء الإصطناعى، أم أنها فتاة حية من بنات آدم وحواء!.

كانت أميرة تتلقى الأسئلة من الواقفين حولها، وكانت تجيب بسرعة وبغير أن تستغرق وقتًا فى الإجابة، وكانت إحدى الفتيات تمطرها بالأسئلة المتلاحقة، وكانت هى تجيب وتُخيب ظن السائلة التى تخيلت أنها سوف تضعها فى مأزق!.

ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى تعرض قمة الحكومات نموذجًا أو أكثر من نماذج الروبوت، فمن قبل عرضتها فى الدورات السابقة، ولكن المختلف هذه المرة أن القمة كانت أكثر اهتمامًا وتركيزًا على موضوع الذكاء الصطناعى، وهى قد ركزت عليه إلى حد أنها جعلته محورًا من محورين كانت تناقشهما وتستشرف ما يمكن أن يكون فيهما لحقًا.

ولم يكن موضوع الذكاء الصطناعى ضاغطًا على الناس، كما هو الحال هذه الأيام، وهو لم يتوقف عند حدود إثارة الهتمام وفقط، ولكنه بدأ يثير المخاوف والهواجس، ثم ازدادت المخاوف والهواجس وتضاعفت، بعد أن قرأنا خلال السنة الماضية عن روبوت اشتبك مع إنسان فى معركة بطريق الخطأ فقضى عليه!.

ومثل هذه الواقعة تكررت إلى درجة لفتت النتباه إلى مدى الخطورة التى يمكن أن يمثلها الذكاء الصطناعى على البشر فى المستقبل، لو أنه لم يكن تحت السيطرة الكافية.. ومن أيام كان الجيش الأمريكى يتلقى نصيحة بأل يستخدم نماذج الذكاء الصطناعى فى الحروب، لأن ذلك قد تكون له عواقب تصل الى حد القضاء على البشر!.

ولكن نموذج أميرة يقول إن فى مقدور الذكاء الصطناعى أن يكون مفيدًا للناس، وأن يضيف إلى حياتهم، بدلً من أن يخصم منها، أو بالطبع يخصمها هى نفسها.. والقرآن الكريم يقول «وما أوتيتم من العلم إل قليلًا» بما يعنى أن كل ما تراه حولك من خطوات مذهلة قطعها العالم فى الذكاء الصطناعى وفى سواه، ل يقوم إل على القليل من العلم الذى أعطاء الله للإنسان!.