Al Masry Al Youm

يهود يخافون على إسرائيل من نفسها

إذا كنا نعلن تأييدنا لوقف إطلاق النار فى غزة، فإن من المهم قبل ذلك تعريف من هو المعتدى ومن هو الضحية. وليس طبيعيًا أن يعطى بايدن لإسرائيل شيكًا على بياض لإبادة سكان غزة.

- عاطف الغمرى نقلً عن صحيفة «الخليج»

من بن تكاثر المنظمات اليهودية الأمريكية المعارضة لسياسات حكومات إسرائيل، وتأييد هذه المنظمات لحقوق الفلسطينين، خاصة فى دولتهم المستقلة، مازالت فى ذاكرتى لقاءات مباشرة مع قادة إحدى هذه المنظمات أثناء عملى لسنوات فى واشنطن، وهى المنظمة التى تسمى «منتدى سياسة إسرائيل».

كان الدافع للقائى معهم بياناتهم التى كانت تصلنى بالبريد على مكتبى، وكلها تهاجم الحكومة الإسرائيلي­ة ورئيسها بنيامن نتنياهو، وتعلن تأييدها لحل الدولتن.

وحن سعيت للقاء هذه القيادات كان أول سؤال لى هو: فهمت مما قرأته فى بياناتكم أنكم مؤيدون لشعب إسرائيل، وفى الوقت نفسه تنددون بحكوماته.

وكانت الإجابة: إن المخاوف تسيطر علينا من أن سياسة حكومة إسرائيل يمكن أن تُلحق كارثة بالإسرائيل­ين أنفسهم هناك، فإن حكومة إسرائيل تتصرف وكأن الأمور داخلها ومن حولها ستظل ساكنة، بينما الطبيعى أن تحدث تطورات خاصة داخل الأرض الفلسطينية، يمكن أن تُلحق أخطر الأضرار بدولة إسرائيل، وبالتالى سيكون سكان إسرائيل هم الذين ستلحق بهم النتائج التى تسببت فيها حكوماتهم، ولذلك فنحن نخاف على مصير يهود إسرائيل من غباء حكوماتهم.

ثم جاءت أحداث 7 أكتوبر )تشرين الأول( الماضى، وما أعقبها من حرب تدميرية لم تحقق نجاحًا فى غزة، ولاتزال تداعياتها المتوقعة تحمل الكثير من المخاطر على الإسرائيلي­ن.

لهذا رحت أبحث عما يشغل هذه المنظمة فى أيامنا الحالية. وكانت الحصيلة مواقف مستجدة معلنة من قيادات هذه المنظمة فى تشخيص أحداث واقعية تجرى الآن، بعد أن تجاوز ما يحدث فعليًا توقعاتهم وتخوفاتهم السابقة.

ومن هذه القيادات سوزى جيلمان، وهى من أبرز القيادات السياسية فى هذه المنظمة، والتى تصف موقفها بأنه ينبنى على الخوف على إسرائيل من نفسها، وقالت: إن معركتها هى ضد التطرف السياسى الإسرائيلى، وإنها مستمرة فى هذا النهج بهدف إنقاذ إسرائيل من نفسها.

وهناك مايكل كوبلو، المسؤول السياسى فى المنظمة، والذى ينقل مقالاته عدد من المجلات السياسية المتخصصة.

وكان كوبلو قد وجه نصيحة إلى الرئيس بايدن فى يناير )كانون الثانى( الماضى، قال فيها: إنه يجب على بايدن أن يضغط على نتنياهو ويرغمه على تنفيذ حل الدولتن، الذى يحافظ على إسرائيل كدولة آمنة.

وقال: إن نتنياهو كان يوصف قبل 7 أكتوبر )تشرين الأول( بالخبير فى شؤون الأمن، والآن أصبح اسمه الخبير فى اللاشىء، والرافض لكل شىء.

وتحدث أيضًا ديفيد هالبرين، وهو عضو مؤسس فى المنظمة، وقال: «إن حكومة إسرائيل اعتادت تجاهل ما يقوله البيت الأبيض، وإن الخلاف بينهما سيستمر بلا توقف إلى أن يرغم بايدن نتنياهو على قبول الاختيار السليم، وإن كان المتوقع فى ظروف العلاقة بينهما ألا يقدم نتنياهو على أى اختيار ».

وهنا يصل الموقف إلى التساؤل عما إذا كانت إسرائيل قادرة على تحمل نتائج تمردها على أمريكا، وأضاف أن ما يُبقى الاختلاف بينهما فى منطقة الظل هو أن الخلافات بينهما نظرية ولم تدخل مرحلة المواجهة الفعلية.

هؤلاء الثلاثة من قادة «منتدى سياسة إسرائيل» يتفقون على أن السياسة التى تتبعها حكومة نتنياهو ستنقلب على إسرائيل بالضرر، وأن موقف منظمتهم يستند إلى مخاوف حقيقية وليست نظرية، تغيب كثيرًا عن عقل حكومة إسرائيل، ولهذا فإنهم يخافون على مصير الشعب اليهودى فى إسرائيل.

وأعربوا عن ارتياحهم لبدء ظهور ردود أفعال من داخل إسرائيل نفسها، تتفق مع مخاوفهم، مثل ما عبرت عنه صحيفة «هآرتس» تحت عنوان «أمن إسرائيل القوى صار مهددًا بالخطر».

وأيضًا بدء عدد من السفراء القدامى فى إنشاء ما سُمى «منتدى السياسة الخارجية»، وهدفه العمل على تحسن علاقات إسرائيل الخارجية مع دول العالم، والتى لحقها الضرر بسبب سياسات حكومة نتنياهو، وحملتها العسكرية الفاشلة فى غزة، والتى وصفها مسؤول فى الحكومة بأنها حرب بلا مستقبل.

وما لجأ إليه هؤلاء السفراء السابقون من توجيه خطاب مفتوح إلى نتنياهو، يُعربون فيه عن قلقهم العميق من الضرر الذى أصاب علاقات إسرائيل بدول كثيرة فى العالم، وقالوا: إن ما يزيد من قلقنا هو صدور بيانات رسمية عن مسؤولن كبار فى الحكومة والكنيست حول السياسات المتبعة فى الضفة الغربية، والتى تشمل فرض قوانن تقوم على التمييز العنصرى وقمع الآخرين، والإضرار بحقوقهم الطبيعية فى الحرية، وإن هذه المخاوف عبّر عنها اثنان من الكتاب اليهود فى أمريكا، وهما ميدا بنجامن، ونيكولاس ديفيز، وتحذيرهما من أن تصرفات أمريكا وإسرائيل قد تدفع الوضع فى المنطقة نحو حرب أوسع نطاقًا.

وإذا كنا نعلن تأييدنا لوقف إطلاق النار فى غزة، فإن من المهم قبل ذلك تعريف من هو المعتدى ومن هو الضحية. وليس طبيعيًا أن يعطى بايدن لإسرائيل شيكًا على بياض لإبادة سكان غزة، وكان ينبغى عليه الاستماع إلى بعض كبار مستشاريه الذين ينصحون بالإصرار على وقف إطلاق النار، وليس ترك إسرائيل تعمل على إفناء غزة.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt