Al Masry Al Youm

إدارة الثروة بعد رأk الحكمة!

- تتمة مقا< الأول8

ومن المؤكد أن كاًّ منها يصلح لأن يكون مكانًا للسكن والحضارة لا يختلف كثيرًا عن حى جزيرة الزمالك أو حى جزيرة المنيل. وكل ذلك بخاف ٨1 جزيرة فى البحر الأحمر، كلها لا تقل روعة عن جزر بحر الكاريبى.

ولكن القضية المصرية فى التنمية ليست فقط الخروج من النهر إلى البحر؛ وإنما ما لا يقل أهمية هو إدارة الثروات المصرية ليس إدارة الفقر فى مصر؛ ولعل أهم الثروات هى تلك التى جرى التغيير بشأنها بالتعمير وإقامة البنية الأساسية، خاصة ما يتعلق بالمدن الجديدة والمناطق الصناعية. «الحماية الاجتماعية» دائمًا مطلوبة فى المراحل الانتقالية من التخلف إلى التقدم، ولكن إدمانها سوف يُضيع على مصر فرصة تاريخية كبرى يمكن انتهازها الآن بما سميته «تشغيل التغيير» لكل ما لدينا من مدن جديدة ومطارات

منظورة، ومناطق صناعية ليست مأهولة حتى الآن، وشقق غير مسكونة، وتراكم مخيف لما يسميه الاقتصاديو­ن رأس المال الميت، الذى لا يُنتج عائدًا، ولكنه لا يستنكف الإنفاق عليه فى سكونه. وربما فى هذا الشأن يمكننا القيام بنوع من «الهندسة العكسية» لمشروع «رأس الحكمة» يسير على الوجه التالى: أولًا أن المشروع كان معلومًا وواقعًا فى خطة قومية لا جدال فى أصالتها المصرية. وثانيًا أن فوائد المشروع معلومة من حيث الإنتاجية وتوابعها من عوائد مادية ومعنوية؛ وبالصورة التى خرج عليها، فإنه يوفر موارد فورية تُغنى الموازنة العامة وتجعلها أكثر مرونة فى التعامل مع العجز المالى. وثالثًا فإنه رغم أولًا وثانيًا، فإن المشروع لم يخرج إلى النور سوى الآن، وبعد المرور بفترة من العسر المبين الذى بات علينا التعرف عليه وإدراكه. وهنا

ورابعًا ما العقبات التى وقفت من قبل أمام المشروع ومنعته من الظهور؛ وهل كان ممكنًا أن نُقيم مدينة العلمين بنفس الطريق الذى نسير فيه بالنسبة لرأس الحكمة؛ أم أنه، وعلى الأرجح، أن إقامة المدينة على المستوى الرائع الذى أُقيمت به هى التى جعلت الساحل الشمالى المصرى مغريًا لاستثمار الكثيف؟.

ببساطة، ونحن الآن فى مرحلة فارقة من المشروع الوطنى المصرى؛ وعلى أبواب فترة رئاسية جديدة، وعلى مرمى النظر بالمستحقات المطلوبة فى رؤية مصر 2030؛ فإن التاريخ سوف يحاسب الجيل الحالى على المدى الذى يستطيع به أن يحقق نقلة كيفية ونوعية فى المستقبل المصرى. هو انتقال لا يتم دون إزالة عوائق البيروقراط­ية وتخلف النظام الإدارى للدولة الذى لا يوجد مثيل له فى الدول البازغة، وبالتأكيد المتقدمة؛ وربما آن الأوان لتطبيق ما لدينا من مشروعات الإصاح فى هذا الشأن، والتى طال التأخير تطبيقها أكثر من الازم. لقد أثبتت الأحوال كثيرًا أن الواقع «الجيو سياسى» المصرى فى إمكانه توفير حوافز مشجعة للمؤسسات الدولية على مراجعة أمورها فيما يخص الشأن الاقتصادى المصرى كما وضح مؤخرًا من سلوكيات صندوق النقد الدولى الأكثر رحابة، فى وقت تقوم فيه مصر بدور إقليمى بارز فى أزمات تهدد بالتحول إلى حرب إقليمية صعبة. وكذلك حث هذا الواقع الأصدقاء والأشقاء على استكشاف القدرات التنموية المصرية فى إطارات من التكامل الإقليمى فى فترة باتت فيها تحالفات «الميليشيات الإقليمية» مقلقة ومفزعة، وتستدعى تقاربًا وتكاماً بين دول راسخة.

ولكن على الجانب الآخر، فإن الواقع «الجيو اقتصادى» المصرى يظل هو دائمًا الذى يكفل التنمية المستدامة وتحقيق القفزات الكبرى فى معدلات النمو التى تراجعت كثيرًا خال السنوات الماضية، فكما جرى ذكره أعاه فى هذا المقام وغيره، فإن الحقيقة الراسخة هى أن مصر ليست فقط «جيوسياسية» تعبر، كما ذكر د. جمال حمدان عن عبقرية المكان؛ وإنما هى أيضًا حقيقة جيو اقتصادية معبرة عن وفرة فى الموارد كما ظهر جلِيًّا من مشروع «رأس الحكمة»، فموارد الدول ليست دائمًا نفطًا وغازًا وذهبًا. الاندفاع فى اتجاه «الذهب أو ‪GOLD RUSH‬ » ليس فقط عندما اندفع المهاجرون الأمريكيون من الشاطئ الشرقى الأطلنطى إلى الشاطئ الغربى الباسيفيكى، فهناك وجدوا الذهب ومعه ما هو أكثر وأعلى قيمة.

د. عبدالمنعم سعيد

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt