Al Masry Al Youm

علم الاقتصاد السياسى

-

علم الاقتصاد السياسى ليس مُوغاً فى القِدَم، إنما ارتبط ظهوره عمليًّا مع بزوغ المرحلة الأولى من الثورة الصناعية فى أوروبا مع بدايات القرن التاسع عشر، حيث كانت التطورات الصناعية الهائلة التى خلفتها ثورة البُخار أو الثورة الصناعية الأولى تقتضى أن تكون هناك مفاهيم علمية لها خلفية ثابتة من ضوابط ومفاهيم اجتماعية واضحة. وبنهاية الحرب العالمية الثانية عام ١945 ميادية، ظهر فى النظام الاقتصادى العالمى فرع يسمى «اقتصاديات التنمية»، والذى ينصب فى الأصل على ذلك الجزء المعروف من العالم باسم العالم الثالث، الذى يضم شعوب القارات الثاث )آسيا وإفريقيا وأمريكا الاتينية(، وأن السمة الغالبة بينها هى انخفاض مستوى الدخل. وفى تلك الحقبة- ما بعد الحرب العالمية الثانية وما تاها- بدأت المؤسسات المالية العالمية ومعها الدول الصناعية الكبرى فى تقييم الدول النامية، وإطاق برامج الإصاح الاقتصادى فى دول العالم الثالث؛ باعتبارها جزءًا من المنظومة الاقتصادية العالمية. وذلك بالاتجاه نحو آليات السوق الحرة وتحرير سعر الصرف وتشجيع نشاطات القطاع الخاص، والكف من تدخل الدولة فى الاقتصاد كأداة إنتاج؛ وهذا المنطق الاقتصادى- الليبرالى- لا يعنى مطلقًا إلغاء دور الدولة فى الحياة الاقتصادية، بل إن الدولة وفق هذا التقييم عليها المعول الأكبر فى اتخاذ السياسات الاقتصادية المناسبة لحماية الاستقرار المالى والاقتصادى من خال الرقابة والإشراف بموالاة حازمة ودقيقة، وبما لا يعرقل حرية الأسواق ولا تتحول الحكومة إلى يد غليظة تضيق الخناق على متنفسها الضرورى، ما نستنتج منه أن مقتضيات المرحلة التى تمر بها الدولة تصوغ الرؤية الاقتصادية المستقبلية للدولة، والرؤية الاقتصادية لا تنفصل عن آليات ومقتضيات السياسة العامة

للدولة، ومن ثَمَّ فالتشريع- بالضرورة- يأتى فى مقدمة الآليات التى تمتلكها الدولة لإنفاذ وإعمال المنهج الاقتصادى الذى يحقق لها- وفق رؤيتهاالاس­تغال الأمثل لمواردها وتحقيق القدر الأكبر من الرفاهية للمواطنين. ومؤخرًا، قامت الحكومة المصرية باتباع حزمة قرارات اقتصادية تدخل فى إطار برنامج للإصاح الاقتصادى «روشتة» من البنك الدولى؛ تستهدف النهوض بمستوى الاقتصاد ونسب التنمية الاقتصادية ورفع دخل المواطن؛ وعليه، فالعاقة القائمة على التفاهم والتنسيق بين المؤسسات السياسية والمؤسسات الاقتصادية تمثل جوهر الإسهام الرئيسى فى تطور المجتمع، وقامت الدولة بإصدار التشريعات الاقتصادية فى السنوات الأخيرة، والتى كانت بمثابة إلقاء الحجر الذى حرك المياه الراكدة، من خال وعى حكومى، وفهم تشريعى كامل بحقيقة موقفنا من العالم، وما يجب توخيه واقتفاء أثره بالضرورة؛ للحاق بالركب الحضارى الراكض با هوادة، وتحقيق الوثبات التنموية الهائلة فى شتى المجالات، ومن ثَمَّ يأتى معيار نجاح أى دولة فى مساحة التناغم بين القرار السياسى والضرورة الاقتصادية. لذلك بات الاقتصاد- بعلومه وتطبيقاته وآلياته- شُعبة مهمة من شُعَب العلوم الاجتماعية المؤثرة فى حياة الشعوب ومعيارًا لتقدمها، ورُكنًا أصياً فى جميع التصنيفات العالمية بين الدول وبعضها، إذ إن جميع فروعها على اتصال ببعضها البعض، فا توجد أى ظاهرة اقتصادية/ سياسية/ أطروحات قانونية، مستقلة بنفسها وفى معزل عن بقية نواحى الحياة الاجتماعية، ومن ثَمَّ ما طرقه الفكر الإنسانى فى علم الاقتصاد، حتى صار علمًا معتبرًا، ثم خروجه من حيز النظرية الجامدة وتضارباته الفقهية إلى التطبيقات العملية الفاعلة، حتى اتُخِّذَ الاقتصاد محورًا مهمًّا للتحضُر فى العالم المتمدن.

 ?? ?? حسام العادلى يكتب:
حسام العادلى يكتب:

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt