Al Masry Al Youm

رمضان فى الغربة.. حنين إلى روحانيات الشهر الكريم فى مصر

«محمود» فى روسيا ويفتقد «عزومات الأقارب والدورات الرمضانية »

- أحمد صلاح مقاوى

«رمضان فى مصر حاجة تانية فعلا، زينة رمضان، عربيات الفول، العزومات، كل حاجة نعرفها عن رمضان مفتقدينها هنا فى سويسرا».. عمر إبراهيم، مصرى مقيم فى سويسرا.

يحل شهر رمضان على المغتربن محملا بذكريات وحنن إلى زمن ولى وفات، ينعش ذاكرتهم، يعيدهم إلى حياتهم الأولى، يجدد الحيوية فى نفوسهم، ولأن «رمضان فى مصر حاجة تانية» لا عجب أن العرب والمسلمن يأتون إلى مصر خلال شهر رمضان؛ للاستمتاع بالأجواء الخاصة التى يتفرد بها الشارع المصرى ويخلقها خصيصا احتفاء واحتفالا بالشهر الكريم، من ليالى شارع المعز والحسن إلى عزومات الأقارب والأهالى، وصولا إلى صلاة التراويح فى بيوت الله.. كل ذلك يوضع فى خانة الذكريات.

على الرغم من انتشار الجاليات المصرية فى العديد من الدول الأوروبية، وحرصها على إحياء شعائر ومظاهر شهر رمضان المبارك، إلا أنه دائما ما يكون هناك شىء ناقص.

يقول «عمر» فى حديثه ل«المصرى اليوم»: «سافرت من مصر بعمر ال 25 سنة، ربع قرن قضيته فى أحد الأحياء الشعبية فى مصر بالتحديد عن شمس، هناك عرفت رمضان من الزينة المعلقة فى الشوارع، وانتشار عربيات الفول، والدورات الرمضانية، عزومات الأهالى والأصدقاء، كل ذلك لم يعد جزءا من حياتى منذ دلفت بقدمى إلى سويسرا، لا توجد مظاهر لشهر رمضان، افتقد الكثير من روح الشهر الكريم، لا أنكر أن الجالية تحاول أن تساعد فى تجميع المصرين قدر الإمكان والاحتفال بشهر رمضان، إلا أن رمضان فى مصر مختلف تماما، فلا تشعر أن الأمر يوجد به تكلف، فهو يحدث لأنه يحدث فقط».

رمضان فى مصر يحمل طابعا خاصا، الهواء يحمل نفحات إيمانية خاصة، تكتظ المساجد بالمصلن، تمتلئ الشوارع بالمحتفلن، وتنتعش الساحات بالدورات الرمضانية، يقول عمر: «الأمر فى سويسرا مختلف تماما، على الرغم من جود مسلمن إلا أن شهر رمضان يأتى ويذهب بدون أى مظاهر، بالتأكيد لا يتم تعليق زينة رمضان فى الشوارع، ولا توجد موائد رحمن.. هنا فى سويسرا لا يوجد رمضان بمفهومه وشكله المصرى، لكننى برفقة بعض الأصدقاء أحاول أن أنعش الذاكرة قدر الإمكان، من يأتى من مصر يحضر معه بعض أشكال الزينة الخاصة برمضان ونحتفظ بها، وعندما يحل رمضان نبدأ فى تعليقها فى بيوتنا، لعلنا نشعر أن الغربة لم تأخذ منا كل شىء، وما زلنا نحتفظ بجزء من حياتنا السابقة».

رمضان فى روسيا بلا روح لم يختلف الامر كثيرا بالنسبة إلى محمود حسام، طالب كلية الطب بإحدى جامعات روسيا، والذى اضطر للسفر إلى روسيا منذ ما يقرب من 4 سنوات للدراسة.

«محمود حسام» من أبناء محافظة الشرقية بالتحديد منيا القمح، هناك تربى وكبر بن أقرانه وأبناء عمومته، عندما كان يحل شهر رمضان تبدأ القرية من حوله تتغير بشكل كامل، الزينة تنتشر فى الطرقات، تبدأ الدورات الرمضانية، وتفتح بيوت القرية بأكملها لاستقبال ضيوف الرحمن، كل ذلك لم يعد موجودا واختفى.

يقول «حسام» فى حديثه ل«المصرى اليوم»: «لا يوجد شىء يعبر عن رمضان فى روسيا، أنا أتواجد فى «نالتشيك قبردينو بالقاريا» هناك يوجد جالية مصرية لكنها ليست بالحجم الكبير، فأنا طالب

بكلية الطب السنة الرابعة، سافرت إلى روسيا بعمر ال18 عاما، وبحكم الدراسة اضطررت أن أمكث خلال شهر رمضان فى روسيا، وكانت الصدمة الأولى لى، لا يوجد فى روسيا رمضان مصر، هكذا أسميه «رمضان مصر» ما نعرفه عن شهر رمضان اتضح أنه خاص ب«مصر» فقط، لا يوجد مثيل لطقوس أو مظاهر رمضان، الحياة هادئة وعادية لأبعد حدود .»

على الرغم من أن المسلمن يشكلون فى جمهورية قبردينو بالقاريا وعاصمتها نالتشيك- إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية- أكثر من 75 فى المائة من تعدادها السكانى الذى يصل إلى مليون نسمة، يوجد فى عاصمتها أكبر مسجد من تصميم المهندس الروسى أسانوف والذى افتتح فى عام ،2٠٠4 إلا أن رمضان فى مصر ذو طابع خاص.

يضيف «حسام»: «أنا من محافظة الشرقية، عرفت رمضان بطقوسه ومظاهره المميزة والخاصة جدا، عزومات الأقارب والأهالى، زينة رمضان، الدورات الرمضانية، السهر مع الأصدقاء لتناول السحور، الذهاب إلى المساجد التى تفتح أبوابها على مدار اليوم، الاستمتاع بقراءة القرآن والدروس الدينية فى الجوامع، كل ذلك لم يعد موجودا، هنا فى روسيا لا شىء يشير إلى أن هناك شهرا

مميزا، فهو شهر مثل سابقه، لا يوجد احتفاء خاص بالشهر، وبالطبع لا توجد زينة رمضان بالمفهوم المصرى الذى نعرفه، فقط بضعة محال يمتلكها مسلمون تضع إضاءة على شكل فانوس رمضان أو الهلال، لكن لا يوجد ما هو أكثر من ذلك، لن تجد عربات الفول تنتشر فى الشوارع مع اقتراب السحور، على المستوى الشخصى أنا لا أتسحر بالأساس هنا فى روسيا، زى ما بيقولوا عندنا فى مصر «اللمة بتأكل» هنا الكل يعيش فى معزل عن غيره .»

يتفق «محمود على» مصور ومحب للسفر والترحال، ويعيش ما بن إيطاليا وسويسرا، فى أن «رمضان مصر» لا يوجد مثيل له فى العالم، لا دول عربية أو أجنبية، كل شىء مختلف فى مصر.

يقول محمود فى حديثه ل«المصرى اليوم»: «تركت مصر منذ ما يقرب من 15 عاما، خلال تلك الفترة تنقلت بن العديد من البلدان الأوروبية والعربية وما زلت أشتاق إلى رمضان فى مصر، بالتحديد فى محافظتى الإسماعيلي­ة، والقاهرة، لذلك حاولت أن أحضر رمضان إلى سويسرا بالشكل الذى أعرفه، فقبل بداية الشهر الكريم بقرابة ال4٠ يوما أبدأ فى طلب زينة رمضان من الصن والإضاءة الخاصة برمضان والفوانيس لأنها تصل خلال 4 أسابيع

إلى سويسرا، وفور وصولها ابدأ بتزين المنزل من الداخل والخارج، فأصبح معروفا فى الحى الذى أسكن فيه أن السكان فى هذه البناية عرب ومسلمون».

يشير «محمود» إلى اختلاف الثقافات الذى يواجهه فى بيئة عمله: «زملائى فى العمل لا يعرفون الكثير عن الدين الإسلامى أو شهر رمضان، ويطرحون كثيرا من الأسئلة لعدم تناولى الطعام طوال اليوم لكنى أبدأ بمحاولة توضيح الأمور لهم، البعض أشعر بخوفه علىّ، فيما أشعر أن البعض لا يفهم المعنى الروحانى من الصيام، على أى حال الجميع يحترم رغبتى، ولكن الفضول يتملكهم أحيانا».

وعن أصعب رمضان مر عليه فى الغربة يقول: «لدى العديد من الأصدقاء هنا فى سويسرا، ولكن فى عام 2٠15 جميعهم سافروا إلى دول مختلفة، ومكثت أنا بمفردى فى سويسرا وكنت أتناول السحور والإفطار وحيدا، كان ذلك أصعب رمضان منذ سفرى إلى أوروبا، فى ذلك الوقت قررت أن أعود إلى مصر فى نهاية الشهر».

 ?? ?? إفطار جماعى فى سويسرا
إفطار جماعى فى سويسرا
 ?? ?? ؟؟؟؟
محمود على داخل أحد المساجد فى إسطنبول
؟؟؟؟ محمود على داخل أحد المساجد فى إسطنبول
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt