Al Masry Al Youm

نزيلات دار مسنين يفتقدن «لمة العيلة» فى رمضان: حبايبنا عاملين إيه؟

-

المكان: 37 شارع أحمد عرابى بمنطقة المهندسين «إحدى دور المسنين.» الزمان: شهر رمضان الكريم. الحدث: عشرات الساكنات يتجمعن فى الشهر الفضيل بدون أبنائهن.

برفق طرقنا الباب الذى لم يكن أقل رقة من الساكنين خلفه؛ ليقل الضجيج الصادر عن الشارع شيئا فشيئا، وترتسم ابتسامة أمل ممن داخله، لعل القادم أحد الأبناء الذى تذكر والدته فى الشهر الفضيل، ورغم أننا لم نكن كذلك لكن تم الترحيب بنا.

ممر ليس بكبير، يقودك نحو غرف السيدات التى تتكون من 3 غرف داخل الدار، و3 أخرى تطل على حديقة صغيرة، وضعت بها بعض من الترابيزات والكراسى التى هى ملاذهن اليومى لرؤية النور واستنشاق هواء الطبيعة، ملئت بالزينة الرمضانية والفانوس الذى يتوسط الحديقة، فى آخرها نصف حائط على شكل دائرى، وضعت بداخله غسالة والعديد من ملابس سيدات الدار التى تقوم إحدى العاملات بغسلها جيدا وتعقيمها فى الشمس.

أول من استوقفنا بالدار الحاجة «عليا».. أو «تيتا عليا» كما يقولون لها بالدار، جسمها الضئيل الذى يشير إلى كبر سنها، وعيناها التى فقدت الرؤية بهما منذ عدة سنوات وأصبحت كفيفة، لسانها لا يتوقف عن حمد الله وشكره رغم ما عاشته من ذكريات أليمة، تبلغ من العمر 70 عاما وأكبر سيدات الدار سنا، تتربع جالسة على سريرها تغطى جسمها الهزيل ببطانيتين لحمايتها من البرد، ترتدى عباية قطيفة وعليها إيشارب يتشابه مع لون العباية، وسرعان ما أخذت تبحث حولها عن الراديو الذى لا تتوقف عن الإمساك به والاستماع إليه، وهى تردد «ونيسى بسمع عليه كل حاجة حلوة.»

«كنت فى دار مسنين قبل ما أجى هنا،» لا تعلم «عليا» أنها تعيش فى دار مسنين، فهى على قناعة تامة أنها تعيش بمنزلها، وجميع العاملين بالدار ومن حولها لا يحاولون إقناعها بغير ذلك ويتعاملون معها على أنها فى بيتها، ورغم ذلك تقول «أنا مبسوطة أوى هنا والحمد لله كلهم هنا بيخدمونى، أول ما أنده ميس مايسة على طول تجينى.»

«عليا» لا يوجد لها أقارب ولا أحد سوى أخ وحيد، أحضرها إلى الدار منذ قرابة العام لعدم قدرته على الاعتناء بها ورعايتها، لكنه لا يأتى لزيارتها منذ ذلك الوقت، فأصبحت عليا لا تعلم عن الدنيا سوى الراديو الذى لا تملك غيره.

وداخل إحدى الغرف الثلاث التى تطل على الحديقة الصغيرة، تجلس «فاطمة» على سريرها، واضعة نصف رجلها تحت بطانية صغيرة، وتمسك بالمصحف تتلو بعض آيات القرآن من سورة سبأ وفى يديها صورة لها وهى فى عمر الثلاثين من عمرها التقطت لها مرتدية خمارا يقترب للأبيض، وهى فى الحج مع والدها الذى أخذت تترحم عليه وتدعو له.

وتروى فاطمة- 60 عاما- أنها تصوم رمضان، وتابعت: «ابن أختى جابنى هنا كتر خيره، بعد ما ولاد جوزى رمونى لما مات، أنا اللى مربياهم وفى الآخر سابونى من غير ما يسألوا عنى، ربنا مرزقنيش بولاد ولا عيلة أتونس بيها غير ابن أختى.. هو كان هيعمل إيه عنده بيته وحياته وكل فترة بيجى يشوفنى، نحمد الله.»

وتابعت: «فى الدار هنا بيعاملونا كويس وبياخدوا بالهم مننا ومن صحتنا، وكلهم هنا بنحبهم زى ولادنا .»

على السرير المجاور داخل نفس الغرفة، تستلقى

 ?? ?? إحدى النزيلات تقرأ القرآن داخل الدار فى ظل أجواء رمضانية
إحدى النزيلات تقرأ القرآن داخل الدار فى ظل أجواء رمضانية
 ?? ?? تصوير
محمد التمسلى
تصوير محمد التمسلى

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt