Al Masry Al Youm

«عليا» لا تعلم أنها تعيش فى دار مسنين.. و«منال» لا تكف عن الصراخ والبكاء

-

سناء على سريرها ممسكة بالبطانية حتى وجهها، وكأنها تحاول الاختفاء من شىء ما، لكن الابتسامة التى لا تفارق وجهها تجعلك تتساءل ما هذا التناقض؟، لتجيب مايسة، جليستهم ومشرفة الدار: «سناء تبلغ من العمر 55 عاما، كانت تعمل بالمعاشات حتى حدث لها جلطة بالمخ بسبب ظروف لا نعلمها، تسببت لها فى فرط حركة مما جعل أهلها غير قادرين على التعامل معها، أقاربها أحضروها للدار منذ أقل من سنة، ومن وقتها محدش بيزورها، يومها بين الجلوس مع السيدات، وبين النوم أو مشاهدة التلفاز. وهى لا تصوم سناء بسبب ظروفها الصحية ومواعيد أدويتها، ونحن هنا نحاول إقناعها بأن رمضان خلص .»

وداخل نفس الغرفة تجلس «نادية» على السرير المجاور للباب الذى يفتح على الحديقة، تجلس صامتة شاردة، عيناها تتقلبان بين سقف الغرفة تارة وبيننا تارة أخرى، تشعرك وكأنها تحمل حزن العالم بداخلها، أو تتذكر الماضى حينما كان لديها منزل وتعيش وسط أبنائها وعائلتها، الصمت كان مسيطرا عليها لا تتفوه بكلمة ولا يتحرك وجهها بتعبيرات تخبر عما يدور بداخلها. وهى تبلغ من العمر 50 عاماً، تجلس على سريرها، ملقية قطعة من القماش على طرفى رجليها، وبجوارها عصاها تتكئ عليها عند الوقوف أو الخروج للجلوس فى الحديقة أثناء تناول الإفطار فهى تحافظ على الصيام رغما عن جواز عدم صيامها لمرضها ولكن تصر على أن تصوم رمضان، أو عند زيارة بنات أختها لها اللاتى ليس لها أحد غيرهن.

بدأت الحديث معها ولكنها تنظر لى ولا تجيب، حتى اكتشفت أن سمعها ثقيل، لا بد من أن أقترب أكثر منها حتى تتمكن من سماعى، وتجيب «أنا الحمد كويسة، شكرا»، بهذه الجملة البسيطة هكذا كان حديثها لا أكثر ولا أقل، حتى عادت مرة ثانية لصمتها وشرودها وكأنها فى عالمها الخاص لا تريد الخروج منه. أما منال فهى أكثر السيدات بالدار التى لا تتوقف عن الصراخ والبكاء، تجلس بغرفة بمفردها فهى آخر السيدات التى أتت للدار قريبا، ليس لها سوى ابن وحيد لا تتوقف عن النداء عليه وطلبه. كانت تعمل مديرة مدرسة تبلغ من العمر 45 عاما، لا تتوقف عن الالتفات يمينا ويسارا كأنها تنتظر أو تبحث عن شىء ما.. تبدو وكأنها عانت من أمر ما جعلها لا تتوقف عن البكاء والصراخ، حتى أتى بها ابنها، فهو لا يستطيع السيطرة عليها ولا تهدئتها، ولكنه رغم ذلك لا يتوقف عن زيارتها وكثيرا ما يأخذها لتقضية يوم أو بضع ساعات معه بعد فترة عمله.

فاطمة :«ربيت عيال جوزى ورمونى فى الشارع.. وابن اختى جابنى هنا »

 ?? ?? محررة «المصرى اليوم» خلال جولتها بدار المسنين
محررة «المصرى اليوم» خلال جولتها بدار المسنين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt