Al Masry Al Youm

«يوميات الحداد».. بطاقات رثاء «رولان بارت» لأمه

ظل مغلقًا على 3 مومياوات و5 قطع ذهبية لأكثر من 2000 عام

- لوسى عوض

أثار رحيل الأم الكثيرين الحزن والأسى فى نفس الفيلسوف الفرنسى «رولان بارت».. فقد دفعته الكارثة فى اليوم التالى لوفاة أمه فى 25 أكتوبر 1977 إلى كتابة الكثير من التعليقات والذكريات عنها، على بطاقات كان يعدها بنفسه من أوراق ذات مقاس موحد كان يقطعها إلى أربعة أجزاء.. حتى بلغت أكثر من ثلاثمائة بطاقة تحمل تاريخ كتابتها، حملت هذه البطاقات أصداء وقع كارثة وفاة الأم على «بارت».. المجموعة كاملة قامت بجمعها ناتالى ليجير فى كتاب تحت عنوان «يوميات حداد 26 أكتوبر ‪15 1977-‬ سبتمبر »1979 والتى صدرت ترجمته العربية ضمن إصدارات المركز القومى للترجمة بالقاهرة، وقد ترجمته من الفرنسية إيناس صادق.

رولان بارت 12) نوفمبر 1915-25 مارس 1980( فيلسوف، ناقد أدبى فرنسى وعالم فى السيميوطبق­ا )علم الدلالات( درس فى جامعة باريس، وتأثر بماركس، ونيتشه، وفرويد، وسارتر. وُلد رولان بارت فى شربورج، قبل أن يتم رولان عامه الأول قتل والده الضابط البحرى فى إحدى معارك الحرب العالمية الأولى، ربته أمه وخالته وجدته فى بلدة أورت بالقرب من مدينة بايون. وانتقلت عائلته إلى باريس وهو فى الحادية عشرة، وتفوق بارت فى دراسته وقضى الفترة من 1935 إلى 1939 فى السوربون حيث حصل على ليسانس فى الآداب الكلاسيكية. وفى الفترة من 1939 إلى 1948 حصل على ليسانس فى النحو، ونشر أول كتاباته ودرس الدراسات الطبية، واستمر فى النضال رغم المرض الذى أصابه، وحصل على دبلوم دراسات عليا، يعادل ماجستير من جامعة باريس عام 1941 عن دراسة التراجيديا الإغريقية. فى أواخر الستينيات حقق شهرة، وسافر إلى الولايات المتحدة واليابان وكتب أفضل أعماله. فى عام 1977 ماتت أمه التى عاش مكرساً نفسه لها، وهى فى الخامسة والثمانين. فى 25 مارس 1980 أصيب فى حادث ومات بعدها بشهر.

بدأ بارت كتابة هذه اليوميات فى اليوم التالى لوفاة والدته فى المدة من 26 أكتوبر 1977م إلى 15 سبتمبر ،1979 كما ذكرت «ناتالى ليجير» فى مقدمتها، أثناء كتابة هذه اليوميات كان رولان بارت يقوم بتحضير دراسته عن «المحايد» فى الكوليج دى فرانس )من فبراير إلى يونيو 1978(، وكان يكتب نصر المحاضرة المعنونة «لقد ظللت لمدة طويلة أنام فى ساعة مبكرة- ديسمبر (،1978 وقام بنشر موضوعات كثيرة فى جرائد ومجلات مختلفة، وكتب الحجرة المضيئة ما بين إبريل ويونيو ،1979 وقام بتحرير الأوراق الخاصة بمشروعه «فيتا نوفا» طوال صيف ،1979 وقام بتحضير دراسته المزدوجه عن «إعداد الرواية» فى الكوليج )من ديسمبر 1978 إلى فبراير 1980(. وأساس كل من هذه الأعمال الكبرى أنها تندرج كلها بوضوح تحت معنى موت الأم، توجد بطاقات «يوميات الحداد». وقد تم تحريرها أساسا فى باريس واورت، بالقرب من

بايون، حيث كان رولان بارت يقيم أحيانا بصحبة أخيه ميشيل وزوجة أخيه راشيل. وهناك بعض الرحلات التى تتناغم فى هذه المرحلة، وبالذات إلى المغرب، حيث كانت تتم دعوة رولان بارت بانتظام للتدريس، وحيث كان يحب الذهاب إلى هناك. المجموعة الكاملة من صندوق البطاقات التى جمعها رولان بارت موجودة هنا، بطاقة بطاقة، مرتبة تاريخياً.

الأم «هنربيت بينجر» ولدت سنة ،1893 وتزوجت لويس بارت وهى فى العشرين، وصارت أما فى الثانية والعشرين، وأرملة بسبب الحرب وهى فى الثالثة والعشرين. وعندما ماتت وهى فى الرابعة والثمانين من عمرها كان ابنها فى الثانية والستين، ولم يكونا قد افترقا أبداً.

أبرز مقتطفات يوميات حداد رولان بارت.. يبدأ استهلال اليوميات بين جدلية الحداد، الفرح تلك اللفتة التى بدأها بارت فى اليوم التالى لوفاة الأم، فى 26 من أكتوبر 1977م كتب فيها: «أولى ليالى العُرس، ولكن أول ليلة حداد.»! وفى 29 أكتوبر كتب 1977: «فكرة مذهلة، لكنها ليست محزنة، إنها لم تكن كل شىء بالنسبة لى، وإلا ما كنت كتبت مؤلفاتى. منذ أخذت أرعاها، منذ ستة أشهر، كانت بالفعل «كل شىء» بالنسبة لى، ونسيت تمامًا أنى كنت أكتب، لم أعد مهتمًّا بشغف إلا بها. قبل هذا كانت تجعل نفسها شفافة حتى أتمكن من الكتابة.

1 نوفمبر 1977: «هناك أوقات أكون فيها )ساهيًا( أتكلم، وعند الحاجة أمزح - كما لو كنت بلا إحساس- ويتبع هذه الأوقات فجأة انفعالات فظيعة، إلى درجة البكاء. عدم استقرار الشعور: يمكن أن يقال فى الوقت نفسه: إنى فاقد الشعور أو رهين انفعال خارجى )سطحى( عكس الصورة الجادة للأ للألم الحقيقى- عن أن أكون يائسا بائساً عميقا، سا ساعياً للتجاوب مع الآخرين، كى لا أشيع الكآبة حوحولى، ولكن فى بعض الوقت لا أستطيع الاستمرار و«أنفجر». 8 ديسمبر 1977: «حداد: ليس انسحانسحاقًا ولا حصارًا )يُفترض أنه انكفاء(، لكنه فراغ مؤلم: أنا فى حالة تأهب، منتظرًا، مترقبًًا مترقبًا مج مجىء أحد «معانى الحياة .»

يواصل «رولان بارت» تدوين «يوميات الحِداد،» وجاء يوم عيد ميلاده 12 نوفمبر: «اليوم – عيد ميلاد ميلادى– أنا مريض، ولا يمكننى ولم يعد بإمكانى أن أقول لها هذا.»

وتعلق «ل «ليجير» على فترة زيارته للمغرب من 15 إلى 27 إبرإبريل 1978 .. «فى أثناء هذه الرحلة )إلى المغرب( ش شعررولان بارت بأنه مماثل للإشراقة التى شعر بها بروست فى نهاية الزمن المسترجع. هذه الإشرالإشر­اقة توجد فى صلب مشروع محاضرة بارت الح الحياة الجديدة، ومحاضرته عن إعداد الرواية. ووكتب رولان بارت فى مراكش يوم 18 إبريل ‪1978 978‬ : «منذ أصبحت ماما غير موجودة، لم أعد أشعر بانطباع الحرية الذى كنت أشعر به فى أثناء السف السفر عندما كنت أتركها لقليل من الوقت ،» وكتب فى 21 إبريل 1978: «فكرة موت ماما: تذبذبات م مباغتة وعابرة، فقدان الوعى لفترات قصيرة ج جدا، صراعات مؤلمة ورغم ذلك تبدو كما لو كانت خاوية، والتى جوهرها هو: اليقين بالنهاية.» وفى صباح يوم عودته إلى باريس فى 27 إبريل 1978: «هنا، خلال خمسة عشر يوماً، لم أتوقف عن التفكير فى ماما والتألم لموتها. لا شك أنه فى باريس، لايزال البيت هناك، والنظام الخاص بى عندما كانت موجودة.»

أول أغسطس 1978 كتب «بارت» خمس رسائل منها: «الأدب: ألا أستطيع القراءة من دون ألم، من دون اختناق من الحقيقة، كل ما كتبه بروست فى رسائله عن المرض، والشجاعة، وموت أمه، وحزنه… إلخ» 7 أكتوبر 1978: «أنا أستنسخ فى داخلى – اكتشفت أنى أستنسخ فى داخلى سمات دقيقة لأمى، نسيت مفاتيحى، وأنا أشترى فاكهة من السوق. نوبات غياب الذاكرة التى كنا نعتقد أنها من سماتها )أسمع شكواها المتواضعة بخصوص هذا الموضوع(، أصبحت سمات خاصة بى». وفى 20 أكتوبر 1978: «اليوم تقترب ذكرى موت ماما، أخاف أكثر فأكثر، كما لو كان يجب أن تموت مرة ثانية فى هذا اليوم (25 أكتوبر(.

ولعلّ أكثر ما يعطى فكرة عن علاقة رولات بارت بوالدته ما كتبه فى أول سبتمبر 1979: «لا أستطيع بشكل رمزى أن أمنع نفسى من الذهاب، فى كل مرة أكون فيها فى أورت، عند الوصول والرحيل، لزيارة قبر أمى، لكن عند وقوفى أمامه، لم أكن أعرف ماذا أفعل. أصلى؟ ماذا يعنى هذا؟ ما مضمونه؟ ببساطة التصور الزائغ لاتخاذ وضع الحميمية، لذلك كنت أرحل من فورى.»

قال الدكتور خالد أبوالحمد، مدير عام منطقة آثار الإسكندرية، إنه يجرى تجهيز وإعداد مقر جديد داخل منطقة مقابر مصطفى كامل الأثرية ضمن مقترح التطوير للمنطقة الأثرية ككل، لعرض تابوت سيدى جابر المكتشف فى يوليو ،2018 والذى كان مثار اهتمام الأثريين والمهتمين بالشأن التراثى فى الإسكندرية.

وأوضح «أبو الحمد»، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»، أن التابوت معروض حاليًا فى المنطقة الأثرية بمقابر مصطفى كامل، لكن سيتم تجهيز مقر جديد يتماشى مع أهمية وحجم التابوت، مع توفير وسائل جذب حديثة للزيارة له، وذلك فى إطار مشروع تطوير شامل للمنطقة ضمن 8 مشروعات يجرى تطويرها فى الإسكندرية بتكلفة إجمالية للمواقع ال8 تبلغ قرابة 239 مليون جنيه، خاصة أنه يمثل كشفا مهما، فضلً عن كونه يزن أكثر من 30 طنًا، كما سيتم عمل ما يعرف ب«ID» مكبرة تتضمن تاريخ الكشف وموقعه، وما تضمنه التابوت فور العثور عليه وفتحه، وتتضمن النقوش المسجلة على التابوت، وهل كان ملكيًا أم غير ملكى؟ وإلى أى حقبة تاريخية وزمنية ينتمى تاريخ هذا التابوت، كما عثر بداخل التابوت على 3 مومياوات آدمية فى حالة شبه متحللة، و5 قطع ذهبية.

ولفت إلى أنه لا توجد أى أسماء ملكية أو أى خراطيش فى التابوت، وأيضًا لا توجد أى إشارة إلى ألقاب رسمية أو غير رسمية، ولذلك كانت هناك صعوبة الاقتراح فى تحديد تاريخ دقيق للتابوت.

ولفت مدير عام منطقة آثار الإسكندرية إلى أن التابوت يعد من المعالم التى حظيت

باهتمام كبير لدى الجميع فى مصر والعالم، فضلً عن كونه حظى باهتمام عالمى وتمت الكتابة عنه من قبل علماء أجانب، ولذلك كان من المهم والأفضل أن ينقل للعرض فى المتحف اليونانى، ويكون فى مقدمة العرض.

وقال إن التابوت مصنوع من الجرانيت الأسود الذى كان ينقل من أسوان إلى الإسكندرية، ويبلغ ارتفاعه 185 سم،

وعرضه 165 سم، ويعتبر أكبر التوابيت التى عثر عليها فى الإسكندرية، ولم يتم فتح التابوت الأسود منذ أن تم إغلقه فى الأصل قبل أكثر من 2000 سنة وفقا للخبراء، كما يعود الموقع ككل إلى الفترة البطلمية بين 305 قبل الميلد و30 قبل الميلد، وتم العثور على التابوت بعد خمسة أمتار تحت الأرض.

ولفت «أبوالحمد» إلى أن التابوت يعد

أحد عناصر الأثاث الجنائزى المهمة التى زخرت بها جنبات مقابر ودفنات الأفراد والملوك فى مصر القديمة، وذلك لما تمثله تلك التوابيت من أهمية مادية تتمثل فى الحفاظ على جسد المتوفى الذى لا يتحقق بعثه وخلوده إلا بسلمة أعضاء المتوفى، بالإضافة إلى الدلالة الرمزية للتابوت والمغزى الدينى للتوابيت فى المعتقدات المصرية القديمة، والتى أضفى عليها المصرى القديم اهتماما خاصا؛ نظرًا لكونها تخدم عقيدته الأوزورية التى تعد إحدى أهم العقائد التى تقع فى إطار وظيفة المعتقدات للعالم الآخر، كما أنه كان بمثابة تمثيل للمعبودة نوت ربة السماء، التى كانت غالبًا ما تمثل على غطاء التابوت محتضنة جسد المتوفى تجسيدًا لإعادة ميلده مرة أخرى فى دروب العالم الآخر.

محمود طه من جانبه، قال الدكتور أحمد على برقى، أحد أعضاء الفريق الأثرى المكتشف التابوت، مدير عام الوعى الأثرى فى الإسكندرية، إن تابوت سيدى جابر بالإسكندري­ة يبلغ طوله 277 سم، ويزن الغطاء حوالى 14 طنا، ووزن البدن حوالى 18 طنا، ويعود تاريخ التابوت للعصور المتأخرة، وربما أعيد استخدامه خلل العصر البطلمى، وهو حاليًا محفوظ بحالة جيدة.

 ?? ?? غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
 ?? ?? تابوت سيدى جابر المكتشف
تابوت سيدى جابر المكتشف
 ?? ?? تصوير -
تصوير -

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt