Al Masry Al Youm

تنبؤات «التابعى» وتشابه الثورات

تحت عنوان «حسن» يذكر التابعى جماعة «الحشاشين»، التى تزعمها أولً «حسن الصباح»، ثم «حسن بن محمد» ثم «حسن جلال الدين»، ثم يبين أوجه التشابه بين «جماعة الحشاشين» و«جماعة الإخوان المسلمين»، وأن الغتيال هو وسيلة تحقيق مآرب كلتيهما.

- وجيه وهبة يكتب: ‪wageehwahb­a1@ gmail. com‬

مع بداية الحرب العالمية الثانية، وفى العام ١٩٤٠، قام «عبد اللطيف البغدادى» ومجموعة من الضباط حديثى التخرج، بتشكيل تنظيم سرى بغرض مقاومة الاحتلال الإنجليزى. )ويفصل «البغدادى» فى مذكراته المهمة، بين هذا التنظيم، وبين تنظيم «الضباط الأحرار»، الذى تأسس بعد «نكبة» ١٩٤٨(. وفى سبيل تحقيق التنظيم لأهدافه، التقى «البغدادى» وزملاؤه، بمرشد جماعة «الإخوان المسلمين» «حسن البنا» بغية التعاون المشترك، ولكن المرشد طلب من تنظيم «الضباط» الاندماج التام فى جماعته وتنظيمه، ويدرك «البغدادى» وصحبه أثناء اللقاء سذاجتهم، حين قال لهم «البنا»: «نحن ندعو إلى الدين لغرض سياسى نأمل تحقيقه.. ولسنا مشايخ طُرق». ويرفض «الضباط» الاندماج التام، وإن استمر التعاون بصورة أو بأخرى بين «الإخوان» ومختلف تنظيمات الضباط السرية.

■ بعد نجاح تنظيم «الضباط الأحرار» فى الاستيلاء على السلطة )عام ١٩52(، وبعد «شهور عسل» قليلة بين الإخوان و«الأحرار»، دب الخلاف المرتقب وتصاعد الصراع على السلطة، فالإخوان كما قال مرشدهم الراحل «حسن البنا»- طلاب سياسة وليسوا مشايخ طُرق. وفى 26 أكتوبر ١٩5٤ حاول الإخوان تحت قياد مرشدهم «حسن الهضيبى»، حاولوا اغتيال رئيس الوزراء «جمال عبد الناصر». فشلت المحاولة. وتم القبض على جميع أطراف المؤامرة.

■ «محمد التابعى»، الذى هو من هو فى عالم الصحافة فى القرن العشرين، كتب عدة مقالات يلوم فيها «رجال الثورة» على مواقفهم الملتبسة من الإخوان والتى أدت إلى محاولة الانقلاب واغتيال «ناصر»، نورد بعضًا مما جاء فى تلك المقالات، مما يبين قراءتة الواعية الواقعية للأحداث، ورؤيتة الاستشرافي­ة.

■ عن شباب الإخوان يقول «التابعى»: «آلات خرساء صماء، تتحرك بلا إرادة وتنفذ مشيئة سواها

بلا تعقيب نزولًا على حكم السمع والطاعة.. وأن طاعة القيادة من طاعة الله».

■ وحين يحتج الإعلام السورى على اعتقال «الإخوان بمصر»، يكتب «التابعى»: «هؤلاء المساكين فى سوريا الشقيقة لا بد لهم أن يُلدغوا من جحر جماعة الإخوان مرة ومرتين قبل أن يؤمنوا ويصدقوا بأنها جماعة قد جعلت سلاح دعوتها القتل والاغتيال والتدمير والإرهاب، وقى الله سوريا شر ذلك اليوم، ولكنه يوم آتٍ لا ريب فيه... يوم تصبح الدور الآمنة العامرة بالسكان فى أحياء دمشق وحلب وحمص وحماة مخازن للمتفجرات. يومئذ سوف تفيق سوريا على أصوات الرصاص والقنابل، ويفيق معها هؤلاء المساكين المخدوعون المضللون ليجدوا أن زمام الأمور قد أفلت من يد القانون ومن أيدى الأمن والجيش، لأن فى مرافق البلاد وفى الأمن وفى الجيش خلايا إرهابية…». (وفى عام 2٠١١ تحققت نبوءة «التابعى».)

تحت هذا العنوان يقول «التابعى»: «لولا المقام جد لاخترت عنوانًا لهذا المقال الأغنية المشهورة )صحيح خصامك ولّا هزار( والسؤال موجه إلى رجال الثورة؟ صحيح خصامكم مع جماعة الإخوان المسلمين؟ أم أنه مثل كل مرة سابقة، خصام أحباب سوف يعقبه عتاب ثم تبادل الأحضان والقبلات؟ ما كان ينبغى أن يكون فى موازين الثورة ميزان للخيار وميزان للفقوس، مجاملة ومودة للخيار.. وحزم وشدة مع الفقوس. والخيار جماعة الإخوان والفقوس بقية الأحزاب والهيئات الأخرى».. فمنذ قامت الثورة، وجماعة الإخوان وحدهم هم المفضلون المدللون الأعزة الأحباب، التى ترجى مودتهم، ويطلب مجلس قيادة الثورة ودهم ويحرص على رضاهم».

ويبين «التابعى» أن مجريات الأمور منذ اليوم الأول من الثورة، قد جعلت معظم الناس يعتقدون أن الثورة هى من صنع جماعة الإخوان المسلمين، أو هى على الأقل لم تقم إلا بتأييدهم، وأنهم أصحاب الفضل الأكبر فيها، وإلا لِمّ كل هذا الحرص من جانب مجلس قيادة الثورة على مجاملة الجماعة وودها والصبر على «المرشد العام» )ويسميه «التابعى» «المفسد العام») هذا الذى لم يعلن تأييده للثورة إلا بعد أن اطمأن إلى نجاحها ومغادرة الملك «فاروق» البلاد. وحينما عاد إلى القاهرة من مصيفه بالإسكندري­ة «عاد ليتنازل ويزور رجال الثورة ويبلغهم طلباته وشروطه، وهى أن تكون الثورة ومجلس قيادتها تحت وصايته، بوصفه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، فلا يبرمون أمراً إلا بمشورته».

وينتقد «التابعى» رجال الثورة وموقفهم الضعيف بعد أن أدركوا حقيقة المرشد فبدلًا من أن يأخذوه

بالشدة والحزم اللذين أخذوا بهما الكثيرين من فقوس زعماء الأحزاب والهيئات الأخرى، آثروا أن يعاملوه هو وجماعته معاملة الخيار، فمدوا له حبال الصبر والود والمجاملة، وآية ذلك أن القانون الصادر بإلغاء الأحزاب والهيئات السياسية لم يمسهم بسوء.. بحجة أن جماعة الإخوان المسلمين لا شأن لها بالسياسة! وأنها جماعة تزاول نشاطًا دينيًا وثقافيًا واجتماعيًا. ويعبر «التابعى» عن دهشته ساخرًا: «نعم!.. كأنما اغتيال النقراشى كان عملًا دينيًا؟ واغتيال القاضى الخازندار كان عملًا ثقافيًا ومحاولة نسف مبنى محكمة الاستئناف كان عملًا اجتماعيًا.» وكان قد صدر، قبل قانون حل الأحزاب، قانون تفصيل- بالعفو عن الإخوان المحكوم عليهم فى قضايا القتل والنسف والاغتيال «وقوى شأن الجماعة وآمن من لم يكن قد آمن بأن الثورة هى فعلًا من صنع الإخوان…أو على الأقل، لا تعيش إلا بتأييدهم.»

وتحت عنوان «حسن» يذكر التابعى جماعة «الحشاشين»، التى تزعمها أولًا «حسن الصباح،» ثم «حسن بن محمد» ثم «حسن جلال الدين،» ثم يبين أوجه التشابه بين «جماعة الحشاشين» و«جماعة الإخوان المسلمين،» وأن الاغتيال هو وسيلة تحقيق مآرب كلتيهما، وأن جماعة الحشاشين كانت تستخدم الحشيش لتخدر أعصاب أعضائها المكلفين بالاغتيال، أما «جماعة الإخوان» فكانت «تخدرهم بالدين، وتبشرهم بدخول الجنة بغير حساب،» وأخيرًا يكتمل التشابه بأنه قد تولى منصب المرشد العام حسنان؛ «حسن البنا» و«حسن الهضيبى». وإلى أن نعود مرة أخرى إلى «التابعى»، نتذكر المثل القائل: «يخلق من الثورة أربعين، ومن الإخوان سلفيين، ومن خلط السياسة والدين إرهابيين.»

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt