Al Borsa

مدارس دولية على الماكيت!

- د. مدحت نافع خبير االقتصاد والتمويل وإدارة املخاطر mnafel@gmail.com

يحضرنى، اليوم، مقال كتبته منذ ما يزيد على العام، أردت أن أعيد نشره؛ ألن مدرسة بعينها كنت قد استحضرت جتربتها املريبة وقت كتابة املقال، واليوم يعلو صراخ أولياء األمور الذين وثقوا فيها من كونها مشروعاً مزّيفاً ومحض «فنكوش» بال تراخيص وال اعتماد للشهادات وال أى شيء. فقط أمـوال كثيرة حتّصلها إدارة املدرسة، كى تعطى إشارة إلى املجتمع أن تلك «املؤسسة» تضم عدداً من «أوالد الناس»! إليكم سطور املقال التى أراها مازالت تصلح للنشر وتنطبق على كثير مما يطلق عليها اليوم «املدارس الدولية» ● فى أية مدرسة دولية أحلقت ولدك؟ ●● فى مدرسة .»..« ● أين أجدها؟ ●● هى مازالت حتت اإلنشاء. ● حتت اإلنشاء؟! ●● نعم ● تقصد لم حتصل على ترخيص وزارة التربية والتعليم؟ ●● طبعاً لم حتصل، لكننى أقصد أنها لم تضع حجراً واحداً على األرض، ستفعل إن شاء اهلل خالل أشهر.

هذا حـوار دار ويـدور بني كثير من األهالى هذه األيــام، املدرسة الدولية تعد األهالى مبقررات من أقاصى األرض وشهادات معتمدة من مختلف اجلهات، لكن كل ذلك رهن اكتمال البناء ثم احلصول على تراخيص الوزارة ثم اكتمال طاقم التدريس.. ملاذا تدفع لهم عشرات اآلالف إذن؟ ألنهم ببساطة وعدوك بربط املصاريف وفقاً جلدول ثابت حتى يتخرج ابنك أو ابنتك وهـذا اجلـدول ال يخضع لتقلبات سعر الصرف أو التضخم؟! لكنك لو دققت النظر فى اجلدول املذكور جتد املصاريف تتزايد مبتوالية شبه هندسية تعكس توقعات تراجع قيمة العملة املحلية مستقبًال إلى حد بعيد.

كــل هــذا ليس مـوضـع األزمـــة احلقيقية، فــاألزمــ­ة بالنسبة لى كمتخصص فى االقتصاد، أن أولياء األمور هنا يتعرضون لعملية نصب كبيرة جداً ومحكمة؛ ألنهم إذ يشرعون فى دفع مصاريف العام األول دون أدنى ضمانة باكتمال اإلنشاء واحلصول على التراخيص وبدء العمل، يتحملون مخاطر كبيرة ويساهمون فى متويل مشروع املدرسة مبساهمتهم فى متويل أصولها التى لم تكتمل، وبالتالى فهم يستحقون أكثر كثيراً من مجرد هذا العرض التسويقى السخيف املسّمى بـ«تثبيت املصاريف». هذا املمّول (دافـع املصاريف) هو شريك فى املدرسة، ويجب أن تصدر له أسهم تثبت ملكيته فيها وتضمن له احلصول على جانب من أرباحها مستقبًال، أو على األقل هو مقرض ألصحاب املشروع، ويجب أن تصدر له سندات تثبت مديونية مشروع املدرسة له، وتقر بحقه فى احلصول على فوائد أو كوبونات السندات. هذا أمر واضح للعيان وال يحتاج إلى تفسير بل يحتاج إلى رقابة من مختلف اجلهات وأدعو جهات الرقابة املالية املتعددة إلى التدخل لصالح حفظ حقوق أولياء األمور الذين يتعرضون للنصب على املستوى املالى، كما أدعو وزارة التربية والتعليم بالتدخل لوقف النصب الذى ميارس حتت مظلة رسالة التعليم نتيجة ممارسة تلك املشروعات أنشطة تربوية وتعليمية دون احلصول على تراخيص، ودون اعتماد للشهادات من الداخل أو اخلارج.

فى دولة مثل مصر يحتل التعليم فيها املركز قبل األخير بني 140 دولة فى تقرير التنافسية األخير الصادر عن املنتدى االقتصادى العاملى، بالتأكيد ال تتم العملية التعليمية فيها على الوجه الصحيح، ومن الظلم أن تقتات مشروعات مدارس وهمية على املاليني من أموال الشعب دون أدنى أثر ملموس على حتسن نوعية ورسالة التعليم فى مصر.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt