إدارة جديدة للبورصة

بقلم : د.مدحت نافع

منذ أن بـدأت اإلدارة اجلديدة للبورصة املصرية عملها بدأ جلياً أهمية املكّون املعرفى فى نسق أولويات رئيس البورصة ونائبه.

شهادتى مجروحة فى الرجلن ألن صداقة قدمية جتمعنى بهما، ورمبا فاجأ هذا املقال كليهما لعلمهما أنى نادراً ما أتطّرق إلى املسائل املتعلقة مبجال عملى فى كتاباتى.

املـكـّون املعرفى بــدأ تعزيزه فـى سرعة االهتمام بالتدريب، وفى تخصيص اإلمكانات الالزمة إلعادة تأهيل الكثير من العاملن بل واألطـراف املتعاملة مع البورصة فى مختلف املجاالت.

اإلدارة الرشيدة تستلزم إدراكاً لعظم تأثير رأس املال البشرى فى أى منظومة يراد لها التطوير والتقدم.

رئيس البورصة يوّقع اتفاقاً مع وزير التربية والتعليم (الرجل صاحب الرؤية واجلرأة والتصريحات الصادمة) من أجل نشر التوعية املالية فى املقررات الدراسية، هذه خطوة محترمة غير مسبوقة ولم يصحبها ضجيج إعالمى اعتدناه فى اتفاقات مشابهة، مبا يؤكد حرص صاحبها على تـرك بصمة حقيقية فاعلة فى مجال نشر الثقافة املالية، بل وعلوم التمويل بن طلبة املراحل اإلعدادية والثانوية.

نائب رئيس البورصة يجوب املحافظات حرصاً على حتقيق الشمول املالى انطالقاً من حمالت توعية وورش عمل موّسعة.

حينما تظهر جهود املسئولن فى ملفات شديدة االتصال بالواقع املعيش، قليلة التماس مع عدسات اإلعالم وتعليمات القيادات، فإنه يتعن على اجلميع تقدير تلك اجلهود.

أى واقع أشد مرارة من انتشار األمية بِنَسب تزيد على %25 فى التعداد السكانى األخير! وهو التعداد ذاته الذى كشف عن نسبة منخفضة للحاصلن على مؤهالت جامعية خالفاً ملا كان شائعاً.. هذا بالطبع فضًال عن عجز بيانات التعداد عن حصر حاالت األمية املقّنعة التى تترك طالباً جامعياً ال يعرف كيف يضبط سطراً يُقرأ، وطالباً فى املرحلة الثانوية يكتب اسمه بشق األنفس! وبالتأكيد هذا التراجع فى جودة املحتوى لم تسلم منه جامعاتنا ذات التصنيف املتأخر جداً بن جامعات العالم، وذلك كله ينعكس على تراجع تنافسية املنتج البشرى املصرى، وتراجع إنتاجيته وقدرته على املنافسة فى سوق العمل كمحصلة طبيعية النفصال املحتوى التعليمى عن سوق العمل ومتطلباته.

التغيير فــى أى مـوقـع قــيــادى ال يستحق وصـف تغيير، إال إذا نتج عنه إدراك أفـضـل الحتياجات البيئة ومتطلبات تطوير النسق العام الذى تعمل فيه املؤسسة، إضافة منتجات وأدوات مالية جديدة، زيادة السيولة، تدعيم الدور الرقابى ووضع إطار عام إلدارة املخاطر، التطوير املؤسسى والتقنى والتشريعى، كل تلك األهـداف الهامة املطلوبة لتطوير سوق املال فى مصر تستلزم عنصراً بشرياً مؤهًال الستيعابها وتعظيم االستفادة منها.

هناك الكثير الذى يتوقعه أطراف السوق واملجتمع املصرى كله من قيادات سوق املال اجلديدة، لكن تقدمي التوعية والتعليم واملعرفة مبفهومها الشامل، وتقدمي التنمية البشرية وأهداف التنمية املستدامة على سائر أولويات التحديث هو أمر ضــرورى يستحق اإلشـادة والتقدير.

نائب رئيس جلنة االستدامة باالحتاد العاملى للبورصات mnafel@gmail.com