Al Borsa

تحٍد يحدد مصير أفريقيا

-

تتمتع أفريقيا بالسكان األكثر شباباً فى العالم، وعددهم ينمو سريعاً. وبحلول ،2055 سيكون عدد السكان الشباب الذين تتراوح أعمارهم بني 15 و42 سنة، أكثر من ضعف اإلجمالى فى 2015 عند 226 مليون شاب.

ومع ذلك، ال تزال القارة مكاناً غير مضياف – سياسياً واقتصادياً واجتماعياً – للشباب، وجناح احلكومات األفريقية فى معاجلة ذلك سيكون أهم عامل يحدد ما إذا كانت القارة ستزدهر أو تعانى فى العقود املقبلة.

ومنــوذج ممارسة األعـمـال احلالى لن يعرض أفريقيا، فقط، خلطر األداء االقتصادى السيئ وهـجـرة الـعـقـول، وإمنـــا أيـضـاً إلــى اضـطـرابـا­ت سياسية واجتماعية، وحتى صــراع مسلح، ومع ذلك ستزدهر أفريقيا إذا حتركت اآلن الستغالل طاقة وديناميكية سكانها من الشباب، واملطلوب أجندة سياسية شاملة تضم تدابير مستنيرة تغطى جميع الفئات السكانية وتعالج اإلقصاء السياسى والثقافى واالقتصادى بطريقة متزامنة.

وهذا لن يكون عمًال سهًال، على األقل بسبب الفجوة العمرية الهائلة بني األغلبية الشابة للسكان وقادتهم.

ويبلغ متوسط عمر الرئيس األفريقى 62 عاماً، فى حني يبلغ العمر الوسيط للشعب األفريقى 19.5 سنة، وهـى أكبر فجوة عمرية بن احلاكم واملحكومني فـى الـعـالـم، وتثير املــخــاو­ف بشأن فهم صناع القرار الحتياجات وطموحات الشعب الشاب.

وال يساعد تقليد حكم كبار السن الذى يسود العديد من الـدول، ما يعنى أن املشاركة والنفوذ السياسى بني الشباب محدودان ألسباب ثقافية.

وللتغلب على ذلك، يتعني على احلكومات معاجلة مشكلة عدم املساواة اجليلية بنفس حس الطوارئ الذى تتعامل به مع أشكال عدم املساواة األخرى، وأن تسرع مجهودات استحداث حصص للشباب فى األحزاب السياسية والبرملانا­ت وغيرهما من مؤسسات صناعة القرار.

ويبقى كثير من العمل على اجلبهة االقتصادية، فوفقاً لبنك التنمية األفريقى، دخـل 12 مليون شاب القوة العاملة األفريقية فى ،2015 ولكن لم يتم خلق سوى 3.1 مليون وظيفة، وهو ما يعنى أن ماليني الشباب تركوا دون حصة فى االقتصاد.

وعلى املديني القصير واملتوسط، سيصبح من املستحيل خلق وظائف كافية ملقابلة احتياجات العاطلني، وال متتلك أفريقيا قطاع تصنيف كثيف االسـتـهـا­لك للعمالة الستيعاب شعبها الشاب املتنامى، ولـكـن تـوجـد بعض الـبـرامـج الـتـى قد تساعد، منها «يوث كونكت أفريكا» الذى أطلقه برنامج التنمية لـأمم املتحدة وحكومة روانــدا، وميكن أيضاً الترويج لسياسات صديقة للشباب، منها إمكانية وصولهم للقطاع املالى وبرامج تنمية املهارات التى تقابل االحتياجات السوقية فى دول محددة.

وبالنظر إلى نقص الفرص فى املوطن، يرى كثير من الشباب، الهجرة كفرصة للحراك االجتماعى.

ومع ذلك، اشتكى لى مدير تنفيذى إلحدى أكبر الشركات فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، من أن احلصول على تأشيرة عمل لأفارقة، أمر فى غاية الصعوية.

وفى الواقع، من األسهل احلصول على تأشيرة عمل ملـواطـن بريطانى عـن مـواطـن مـن غانا له املؤهالت نفسها. وال ميكن حتقيق رؤية أفريقيا للتكامل االقتصادى، واملنصوص عليها فى أجندة أفريقيا للتكامل االقتصادى فى ،2063 إال من خالل تيسير هجرة العمالة التى من شأنها خلق مسارات مهنية للشباب األفريقى.

ويعد استعداد كثير من األفارقة للغرق فى البحر املتوسط، أو العيش فى مراكز احتجاز مروعة فى شمال أفريقيا، أو النوم فى اجلراجات العامة فى املدن األوروبية بدالً من البقاء فى أفريقيا.. أمراً له دالالت.

ومـع ذلــك، وعكس املعتقد السائد، ال يهاجر الشباب مـن أفريقيا ألسـبـاب اقتصادية بحتة، بل يحركهم الوعد بفرص حتسني الـذات وحرية القرار بشأن من تكون؟ وكيف تعيش؟

وهذا بالتأكيد ما دفعنى ملغادرة أفريقيا والتوجه إلى أوروبا فى سن صغيرة.

وحتى اآلن، يبدو أن أفريقيا تسير نائمة إلى مستقبل من الفرص الضائعة، ومـا يترتب على ذلك من عدم استقرار خطير، وظل شركاء أفريقيا الدوليون مأخوذين باحتواء الهجرة من القارة بدالً من معاجلة األسباب الكامنة.

ويأمل املرء فى أن االعتراف املتزايد باحلاجة إلى خلق فرص للشباب يقود إلى مبادرة فعالة ومتكاملة ملعاجلة احلواجز لتمكني الشباب فى القارة بدالً من إقامة احلواجز ملنع الشباب من املغادرة.

حتى اآلن يبدو أن أفريقيا تسري نائمة إىل مستقبل من الفرص الضائعة وما يرتتب عىل ذلك من عدم استقرار خطري

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt