Al Borsa

تحول فى ُقوى الشرق األوسط لصالح مصر

- بقلم: نيك بوتلر رئيس معهد «كينجز» للسياسة عمل 29 عامًا فى شركة «بى بى» للطاقة إعداد: رحمة عبدالعزيز المصدر: صحيفة «فاينانشال تايمز»

يتغير سوق الطاقة املصرى، مع بدء اإلنتاج من حقل الغاز اجلديد الضخم، ومن املفترض أن حتقق الدولة االكتفاء الذاتى خال الـ81 شهراً املقبلة، وميكن أن تصبح الدولة مصدراً للغاز من جديد، وتزيد على دورهــا احلالى كواحدة من املراكز التجارية األكثر أهمية فى املنطقة، نظراً ملوقعها املثالى الذى يربط األسواق الغربية والشرقية، ويحدد املوقع اجلغرافى لدولة ما إمكاناتها وفرصها، فإذا لم تكن كردستان، على سبيل املثال، دولة حبيسة، لكانت دولة مستقلة بالكامل.

وتتمثل فرصة مصر فى أنها على مفترق طرق التجارة الدولية الناشئة فى الغاز الطبيعى، وبدأ إنتاج الغاز الطبيعى من حقل «ظهر» فى ديسمبر املــاضــى، وهـــو يبعد 150 مـيـًا عــن الساحل املصرى فى شرق البحر املتوسط، ووصلت أولى اإلمـــداد­ات من احلقل إلـى بورسعيد، فى حني تقدر االحتياطيا­ت فى احلقل بنحو 30 تريليون قدم مكعبة، وتعد من أكبر االكتشافات فى 20 عاماً.

ومن املتوقع أن يرتفع اإلنتاج إلى 7.2 مليار قـدم مكعبة يومياً بحلول ،2019 ويعد تطوير احلقل فى أقل من عامني، جناحاً كبيراً للشركة اإليطالية «إينى» املشغلة له، وتضيف التطويرات األصغر مثل تطوير «بـى بـى» حلقل فى غرب الدلتا على اإلمدادات من حقل «ظهر».

وجعل اكتشاف حقل ظهر، مصر مكاناً ساخناً لاستثمار الصناعى، وهناك إمكانات هائلة متوقعة فى جولة التراخيص التى ستبدأ فى وقت الحق من العام احلالى، واشترت «روسنفت» حصة من احلقل، فى حني تبحث «أكسون موبيل» وغيرها عن فرص أخرى فى الدولة.

وحتتاج مصر إلى الغاز، نظراً ألن %70 من الكهرباء التى تستهلكها تنتج من الـغـاز، ومن املـفـتـرض أال تـــؤدى اإلمـــــد­ادات اجلــديــد­ة إلى استعادة االكتفاء الذاتى فحسب، وإمنـا أيضاً تقليل أو القضاء على انقطاع التيار الكهربائى، واضطرابات اإلمدادات وهى مشاكل كانت شائعة فى اآلونة األخيرة.

ومـع ذلـك، ال يقتصر طموح الدولة على أن تصبح مورداً للطاقة، فقناة السويس تقدم واحداً من أسهل الطرق التجارية للبترول والغاز، إن لم يكن أرخصها، واستناداً على ذلك، تبنى شركة «سوميد» اململوكة جزئياً للحكومة، رصيفاً ضخماً للغاز الطبيعى املسال على خليج السويس.

ومـــن املـتـوقـع االنــتــه­ــاء مـنـه بـنـهـايـة ،2018 وسيضيف على القدرة اإلنتاجية احلالية ملرافق الغاز الطبيعى املسال فى إدكــو ودمـيـاط على ساحل البحر املتوسط، وعندما يتسارع اإلنتاج مـن حقل «ظـهـر» ستتجاوز اإلمــــدا­دات الطلب املصرى حتى فى حالة تراجع اإلنتاج من بعض احلقول املنتجة القدمية.

وميـكـن أن تصبح الــدولــة مــجــدداً مـصـدراً للطاقة على نطاق قد يرتفع بشدة إذا سمحت السياسة للدولة بأن تصبح مركزاً لإلنتاج عبر منطقة شرق البحر املتوسط، أى الغاز من قبرص وإسرائيل وحتى ذلك املحتمل من لبنان، حيث من املفترض أن يتم إعطاء التراخيص املوعود بها منذ وقت طويل العام احلالى، وبشكل عام يعد احلوض الشرقى بأكمله واعداً.

وخال معظم العقد املاضى، بدا أن السياسة ستعوق التطوير املنطقى لشبكة من اخلطوط جتتمع فى نقطة واحدة سيتم من خالها تصدير الغاز للسوق العاملى، ورغم أن األوضاع السياسية اهــدأ اآلن، فا تــزال هناك مخاطر ومخاوف بشأن حقوق اإلنسان.

ولكن مصر تبدو حالياً أكثر الدول استقرار فى شمال أفريقيا، بجانب أنها وحدها فى املنطقة التى لديها عاقات جيدة، إلى حد ما، مع جميع جيرانها.

وفى الوقت نفسه، أصبح من الواضح أنه ال يوجد أى طريق تصديرى آخر ممكناً للغاز من حقل «لـوثـيـان» الضخم فـى املـيـاه اإلسرائيلي­ة قبالة سواحل حيفا، وأيضاً من حقل «أفروديت» القبرصى.

وتتجاهل فكرة إنشاء خط أنابيب حتت املياه عبر البحر املتوسط، من إسرائيل وقبرص إلى اليونان، حقائق كثيرة جداً، أولها االقتصاديا­ت فى وقت تعد فيه أسعار الغاز منخفضة، وغياب الشبكة التى تربط اليونان باألسواق الرئيسية فى وسط وشمال أوروبا.

واألكثر أهمية من ذلك، هو تعقيد الظروف حتــت الـبـحـر، وكــل ذلــك يضع مصر فــى قلب التطوير التجارى للغاز الطبيعى، ورمبـا أيضاً البترول، فى منطقة شرق البحر املتوسط.

واخلاسرة فى كل ذلك هى تركيا، فقد دمرت فرصتها فى تقدمي طريق تصديرى للغاز من قبرص مـن خـال ربـط التجارة بالتوصل إلى تسوية بـشـأن االنـقـسـا­م اإلقليمى املمتد منذ وقت طويل فى اجلزيرة، كما تدهورت عاقاتها مع إسرائيل فى السنوات األخـيـرة، ويبدو من املستحيل اآلن أن تثق إسرائيل فى وضع غازها حتت سيطرة حكومة وصـف قائدها إسرائيل «كدولة إرهابية».

وال يوجد شــىء يتم ببساطة أبــدا فـى الشرق األوسط، وسنرى الكثير من العثرات قبل أن يحدد الطريق التجارى اجلديد نهائياً، ولكن إذا كان ملنطقة شـرق البحر املتوسط أن تتطور، فـإن دور مصر كاملركز التجارى اإلقليمى اجلديد يبدو محتوماً.

حقل «ظهر» قد يعيد مصر إىل تصدير الغاز من جديد

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt