االحتياطى النقدى وسعر الصرف

فى آخر بيان للبنك املركزى تخطى االحتياطى من الدوالرات الـ 38 مليار دوالر.. الرقم ممتاز جداً وصحى جـداً إذا كـان ملكاً للدولة وال ميثل ديوناً أو التزامات واجبة السداد... وبالتالى يكون عليها أن ترده لكل جهة أو مؤسسة دولية أو دول أقليمية ساهمت فى وجوده.. واألفضل أن يعبر هذه الرقم عن ملكية خاصة للدولة ال أن يكون مبثابة ديون والتزامات واجبة السداد وبفوائد جتعل من خدمة الدين عبئاً كبيراً يزيد من اوجاع عجز املوازنة.

ألن االحتياطيات الدولية الرسمية أو االحتياطيات الدولية هى وسيلة للوفاء باملدفوعات وااللتزامات الدولية الرسمية لـلـدول، ويحتفظ بـه فـى البنك املركزى مبختلف احتياطى العمات، ومعظمهما من الدوالر األمريكى، ومنها باليورو واجلنيه اإلسترلينى وغيرها من العمات الدولية، وهى مؤشر مهم على القدرة على تسديد الديون اخلارجية وضعف أو قوة العملة، كما يستخدم لتحديد التصنيفات االئتمانية للدول..

وهنا نشير إلــى الصناديق احلكومية األخــرى التى حتتسب ضمن األصــول السائلة التى ميكن استعمالها لوفاء الديون فى أوقات األزمات وتشمل صناديق تثبيت األسعار ،)Stabilization fund( واملعروفة أيضاً باسم صناديق الـثـروة السيادية، وتعتبر النرويج ودول اخلليج العربى على رأس القائمة، وصندوق اإلمارات بقيمة 1.3 تريليون دوالر وجهاز أبوظبى لاستثمار هى فى املرتبة الثانية بعد الصني، ولدى سنغافورة أيضاً صناديق حكومية قوية تشمل شركة تيماسيك هولدينجز Temasek( )Holdings وحكومة سنغافورة لاستثمار ،)GIC( كما تخطط دول عديد من الدول النامية مثل الهند إلنشاء شركة استثمار أو صندوق سيادى خاص بها من احتياطياتها من النقد األجنبى.

هــل هــنــاك ارتـــبـــاط وثــيــق بــني سـعـر الـصـرف واالحتياطى النقدى؟.. نعم... حيث ميكن لكمية احتياطى النقد األجنبى أن تتغير عندما يطبق البنك املركزى سياسة نقدية مـا، وقـد ويواجه املصرف املركزى الـذى يطبق سياسة سعر الصرف الثابت وضعا معينا حيث يدفع العرض والطلب قيمة العملة لتهبط أو ترتفع (زيادة أو نقصان الطلب على العملة من شأنه أن يرفع من قيمتها أو ينقصها)... ففى نظام سعر الصرف املــرن، حتـدث هـذه العمليات تلقائيا، حيث يقوم البنك املركزى بإزالة أى زيادة فى الطلب أو العرض عن طريق شراء أو بيع العملة األجنبية.

أما أنظمة سعر الصرف املختلطة »dirty floats« أو »target bands« أو اختافات مماثلة قد تتطلب استخدام عمليات صرف للعمات األجنبية معقمة (أى بتعويض صــرف الـعـمـات) أو غير معقمة للحفاظ على سعر الصرف املستهدف ضمن احلدود املقررة (وقد اتهمت الواليات املتحدة الصني مراراً وتكراراً بالقيام بذلك).

وتــؤدى عمليات صـرف العمات األجنبية غير املعقمة إلى توسع أو تقلص كمية العملة املحلية فى التداول، مما يؤثر مباشرة على السياسة النقدية والتضخم، وسعر الصرف املستهدف ال ميكن أن يكون مستقا عن هدف التضخم، ألن البلدان التى ال تستهدف سعر صرف محدد يقال أن لديها سعر صرف عائم، وتسمح للسوق بتحديد أسعار الصرف، والبلدان ذات أسعار الصرف العائمة تفضل عموماً أدوات أخـرى للسياسة النقدية وقد حتد من نوع وحجم تدخات النقد األجنبى؛ حتى تلك البنوك املركزية التى حتد بشكل صارم من تدخات النقد األجنبى، تواجه غالباً أسواق عمات متقلبة وميكن أن تتدخل ملواجهة اضطراب حتركات قصيرة األجل.

وللحفاظ على نفس سعر الـصـرف فـى حالة الـزيـادة فى الطلب، فـإن البنك املـركـزى ميكن أن يبيع املزيد من العملة املحلية ويشترى العمات األجنبية، األمر الذى سيزيد من مجموع االحتياطى من العمات األجنبية، وفى هذه احلالة تتقهقر قيمة العملة املحلية حيث سيزداد عرض العملية املحلية (بطبع املزيد من املــال)، وهــذا سيؤدى الـى زيـادة التضخم املحلى (تنخفض قيمة العملة املحلية نسبة إلى قيمة السلع واخلدمات).

وألن كمية احتياطى النقد األجنبى املتاح للدفاع عن ضعف العملة (نتيجة ضعف الطلب على العملة) محدودة، فقد تنتهى بأزمة فى التحويل إلى النقد األجنبى أو انخفاض قيمة العملة ..Devaluation وفى الواقع العملي، هناك العديد من العوامل مثل (الطلب املحلي، واإلنـتـاج واإلنتاجية، والـــواردات والـصـادرات، واألسعار النسبية للسلع واخلدمات، الـخ) الـى جانب معدالت التضخم املرتفعة سوف تؤثر على النتيجة النهائية لدور البنوك املركزية فى حتقيق االستقرار النقدى.

عندما نتحث عن استقرار اقتصادى ينبغى ان تعمل جميع السياسات (مالية- نقدية- استثماريةصناعية – زراعية..الخ) فى نظام متناسق ومتسق لتحقيق التحسن االقتصادي والتنمية املستدامة فى ظل وضوح رؤية اقتصادية ملا يجب ان يكون عليه االقتصاد مستقبًا.

وما نبغى إال إصالحا وتوعية.

ينبغى أن تعمل جميع السياسات (مالية- نقديةاستثمارية- صناعية – زراعية.. الخ) فى نظام متناسق ومتسق لتحقيق التحسن االقتصادى