Al Borsa

صفقة الغاز اإلسرائيلى بين الوهم والحقيقة

- هب لق ال نم ي: شهان مى أ مب :و مال قف بتوح خبير مصرفى hanyfotouh@yahoo.com

أثـــار نبأ توقيع مصر صفقة كـبـرى لشراء الـغـاز الطبيعى مـن إسرائيل لغطاً كبيراً بن جموع املواطنن فى مصر، وانتشر سريعاً إلى أن أصـبـح مـثـار حـديـث الـسـاعـة فــى الساحة العربية، ومحور التحليالت للمتابعن للشأن الشرق أوسطى. ومن ثم، انتشرت بقوة روايات مختلفة عن هـذه الصفقة التى وصفها رئيس الوزراء اإلسرائيلى بأنها «صفقة تاريخية، ومن شأنها أن تـدعـم ميزانية إسـرائـيـل مبليارات الـــدوالر­ات، سـوف تسخرها للتعليم، والصحة ورفاهية الشعب اإلسرائيلي»، ما أثار غضب فئة عريضة من املصرين خاصة، والشارع العربى عامة. لذا وجب بيان احلقيقة وراء صفقة الغاز اإلسرائيلى، وتبدبد الوهم واملغالطات املقصودة التى رَّوج لها كارهو مصر فى وقـت حـرج فى مسار الواقع السياسى واالقتصادى.

تركزت الـروايـات املغلوطة عن صفقة الغاز اإلسرائيلى حول عدة أمـور، أغلبها يهدف إلى تهييج املشاعر الوطنية، والتشكيك فـى دور القيادة السياسية بزعم توطيد العالقات مع «الكيان الصهيونى املغتصب». ومن ناحية أخرى، التشكيك فــى حجم اإلجنــــا­زات املتوقعة من االكتشافات البترولية اجلديدة فى مصر، ومدى حتقيق النتائج منها، وعلى رأسها االكتفاء الذاتى من مصادر الطاقة البترولية والغازية، وفرص تصدير الفائض للخارج مما يحقق مصدر دخل بالعملة الصعبة يصب فى دعم موازنة الدولة التى طاملا عانت من عجز مزمن لسنوات طويلة.

استغل البعض التشدق بنغمة التطبيع مع إسرائيل، حيث ادعـوا زوراً أن الصفقة تُشِّكل َقفزة فى تَطبيع العالقات بن مصر وإسرائيل، وقد تُصِبح ِجسراً لتَسويق الغاز اإلسرائيلى إلى الَعديد من الدول العربّية عبر البوابة اِملصرّية. كـمـا روجـــت بـعـض األبــــوا­ق إلـــى أن إسـرائـيـل تستخدم الغاز فى إقامة عالقات مع دول اجلوار، حتى ولو لم تكن هناك جدوى اقتصادية تعود عليها، موضحة أن املكاسب احلقيقية التى تسعى لتحقيقها من وراء هذه املساعى هو التطبيع.

كما نعقت األبواق تساؤالت على شاكلة «أين االكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى الذى حتدثت عنه احلكومة قبل أقل من شهر، وكيف نستورد الــغــاز ولـديـنـا أكـبـر حـقـل فــى منطقة الـشـرق األوســـط، وأيــن حقل ظهر العمالق واحلقول املكتشفة فى املياه اإلقليمية املصرية والصحراء الغربية والشرقية، وما هى حقيقة أن ِمنطقة الدلتا تَسبح على ُمحيط من الغاز الطبيعى، فى حن أن شركة «إيني» اإليطالّية التى اْكتشفت حقل غاز َظهر فى البحر املتوسط عام ،2015 أّكـدت أن إنتاجه سَيصل إلى ِمليار ِمتر ُمكّعب فى شهر يونيو املُقبل، ّما يعنى أن ِمصر تستطيع االعتماد على مواِردها من الغاز؟»

كــل هـــذه الــتــســ­اؤالت اخلـبـيـثـ­ة والـــرواي­ـــات املغلوطة تدعى قول احلق الذى يراد به باطل، وتلعب على أوتـــار اخلـطـاب الشعبوى لتلمس وجــدان رجـل الـشـارع الــذى ليس لديه املعرفة الكافية باحلقائق، على أمـل أن تهيج مشاعر الثورة، وتشكك فى اإلجنازات التى يتم حتقيقها على أصعدة مختلفة، سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية. فهى جهود مستمرة نحو النيل من استقرار مصر، خصوصاً مع قرب االنتخابات الرئاسية املصرية للعام .2018

احلقيقة بإيجاز شديد أن مجموعة ديليك اإلسرائيلي­ة للطاقة أعلنت أنها فى عام 2014 قد وقعت مذكرة تفاهم بقيمة 15 مليار دوالر لبيع الغاز الطبيعى إلى مصر ملدة 10 سنوات من خالل شريكها األمريكى شركة نوبل إنيرجى لتزويد شركة دولفينوس املصرية بـ46 مليار متر مكعب من الغاز سيتم استخراجه من حقلى متار وليفياثان البحرين فى البحر املتوسط. وشركة دولفينوس هى شركة خاصة مصرية، تضم مجموعة من رجال األعمال، وتهدف إلى استيراد الغاز باعتبارها منطقة عبور للغاز من إسرائيل وغيرها إلعــادة تصديره مـرة أخرى لدول مختلفة.

لعل من املهم مبكان اإلشارة إلى أن الصفقة املبرمة تخضع لقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز رقم 196 لسنة ،2017 والتى وافق رئيس الوزراء على إصدار الالئحة التنفيذية للقانون األسبوع املاضى. ويتم العمل بأحكام هذا القانون على أال تسرى أحكامه على اتفاقيات االمتيازات البترولية مع عدم اإلخالل بأحكام القانون رقم 20 لسنة 1976 فى شأن الهيئة املصرية العامة للبترول. ووفقاً لهذا القانون، يتعن على جميع الكيانات القائمة التى تعمل فى أنشطة سوق الغاز التقدم جلهاز تنفيذ أنشطة سـوق الغاز املنشأ مبوجب أحكام هذا القانون، وفور صدور الالئحة التنفيذية للحصول على الترخيص ملزاولة النشاط، على أن توفق أوضاعها خالل سنة من صدور الالئحة التنفيذية ما لم يحدد هذا القانون مدد أخرى.

وبـالـرجـو­ع إلــى التصريحات الرسمية جند أن احلكومة املصرية قد أبـدت موافقة مبدئية على استيراد الغاز من إسرائيل بتحقق ثالثة شروط هى «موافقة احلكومة وفقاً لقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز والئحته التنفيذية، وأن يُحّقق التعاقد القيمة املضافة لالقتصاد املصرى، وإنهاء النزاعات التحكيمية القائمة. ومبوجب القانون والئحته التنفيذية، يسمح للشركات بشراء الغاز واستيراده وإعـادة بيعه سواء فى السوق املحلى أو إعادة تصديره من خالل محطات اإلسالة، ما يحقق قيمة مضافة لالقتصاد املصرى باالستفادة من الغاز املورد بإعادة استخدامه فى العديد من الصناعات أو من خالل إعادة تصديره».

وفـى السياق نفسه، ال ميكن إغفال مصدر قوة مصر فى مجال الغاز الطبيعى؛ حيث إنها الوحيدة فى املنطقة التى متتلك 4 محطات إسالة الغاز فى دمياط وإدكو ال تعمل بكامل طاقتها، وتعتبر أصـوالً غير مستغلة اقتصادياً. كما أن إسرائيل ال تستطيع بناء مثل هذه املحطات نظراً للموقع اجلغرافى للمحطة ولتكلفتها العالية، وهى بذلك ال تستطيع أن تصدر الغاز إلى أوروبا بطريقة اقتصادية إال من خالل هذه املحطات التى متلكها مصر.

ونقطة أخرى مهمة جتدر اإلشارة إليها، وهى الـنـزاع التحكيمى القائم بن مصر وإسرائيل بـشـأن إنــهــاء مـصـر اتــفــاق تـصـديـر الــغــاز إلـى إسرائيل فى ؛2012 حيث حصلت إسرائيل على حكم حتكيم من غرفة التجارة الدولية بجنيف يلزم مصر بدفع تعويضات عن فترات توقف تصدير الـغـاز تـقـدر قيمتها بنحو 1.7 مليار دوالر. ووفقاً لتصريحات املسئولن، سوف يكون استقبال الـغـاز اإلسرائيلى جـــزءاً مـن احللول املطروحة للتوصل التفاق بشأن قضايا التحكيم املطروحة بن اجلانبن.

هكذ يتضح أن األمر برمته هو صفقة جتارية أطرافها القطاع اخلاص وليس للجهات املعنية بالبترول شأن بها إال ما يخص احلصول على املوافقات فى ظل قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز الـصـادر رقـم 196 لسنة 2017 والئحته التنفيذية. كما أن هذه الصفقة سوف تصب فى صالح االقتصاد املصرى، وال شأن لها بروايات التطبيع املزعومة.

األمر برمته هو صفقة تجارية أطرافها القطاع الخاص وليس للجهات املعنية بالبرتول شأن بها الصفقة املربمة تخضع لقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز رقم 196 لسنة 2017 والتى وافق رئيس الوزراء عىل إصدار الالئحة التنفيذية للقانون األسبوع املاىض

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt