Al Borsa

تطوير البنية التحتية واملعرفية ضرورة لدعم التنسيق فى املنطقة استغالل أموال الخليج فى التمويل يدعم األدمغة فى مصر واألردن ولبنان

-

وتظهر أهمية دبلوماسية العلوم لدعم التعاون بني الـدول فى مواجهة مشكالت مشتركة ذات طبيعة عابرة للحدود ولن حتل سوى بالتنسيق فيما بينها، وكما أن الدبلوماسي­ة تعزز التعاون العلمى فإن هذا التعاون بني الدول العربية ميكن أن يعزز العالقات الدبلوماسي­ة ويبنى قاعدة من اخلبرات واملــوارد العلمية املشتركة، مما يتيح دمـج العلم فى صنع القرار اإلقليمى ملعاجلة األزمات.

ال يستطيع العلم وحده حل العديد من املشاكل السياسية واألمنية واالقتصادي­ة التى تواجهها الدول العربية اليوم، ومع ذلـك، فإن لدبلوماسية العلوم دوًرا هاًما فى مواجهة التحديات الصحية والبيئية والـطـاقـة واملــيــا­ه والـغـذائـ­يـة الـتـى تسهم فـى عدم االستقرار اإلقليمي. تطوير عمل هيئات التعاون املشتركة بني الدول تسعى املنطقة العربية بشكل ملحوظ الى استغالل إمكانات دبلوماسية العلوم فى املنطقة من خالل هيئات موجودة بالفعل مثل املركز الدولى لضوء السنكروترو­ن للعلوم التجريبية وهو يضم العديد من الدول العربية بني أعضاءه ويوضح إمكانية التعاون العلمى لبناء اجلسور بني البلدان ذات العالقات املتوترة وتعزيز دور املؤساسات العلمية اإلقليمية.

ومن األمثلة البارزة األخرى للدبلوماسي­ة العلمية التى تشمل املنطقة جمعية الشراكة بني األكادمييا­ت (ايــى ايــه بـى ) وهــى شبكة دولـيـة مـن أكادمييات العلوم الوطنية التى تضم مصر واملغرب والسودان واألردن، وتهدف إلى بناء القدرات فى العلوم وتقدمي األدلــة العلمية لدعم قــرارات صانعى السياسات الوطنية والدولية، وتشمل األمثلة األخــرى شبكة الصحة العامة لشرق املتوسط التى تربط العاملني فى مجال الصحة العامة فى 7 دول عربية وتقدم تدريباً ملكافحة األوبئة، ومركز أبحاث حتلية املياه فى الشرق األوسط، الذى يدعم األبحاث والتدريب حول حتلية املياه والقضايا املتعلقة باملياه.

فى حني أن هذه املشاريع مشجعة، فهى استثناء وليست القاعدة للبلدان العربية، حيث لم تصبح دبلوماسية العلوم ممارسة قياسية فى الدول العربية ســواء لغرض نشر سياسة احلكومة أو إلشــراك األطــراف املعنية من أصحاب املصلحة فى جهود مواجهة التحديات اإلقليمية أو العاملية.

لكن تقرير مجلة دبلوماسية العلوم الصادرة عن الهيئة األمريكية لتطوير العلوم يشير إلـى وجود بعض املؤشرات على أن هذا بدأ فى التغير وذلك من واقع جتربة الهيئة األمريكية فى تنظيم فاعليات على هذا الصعيد.

وذكر التقرير، أن من بني بوادر التغير الناجحة مـــؤخـــر­اً مـــحـــاو­الت األردن املــســاع­ــدة فــى تعزيز دبلوماسية العلوم فى العالم العربى، وشهدت عمان املنتدى اإلقليمى لدبلوماسية العلوم والتكنولوج­يا حتت عنوان: نحو شراكة حتويلية وشاملة من أجل مستقبل مستدام، استضافته اجلمعية العلمية امللكية األردنية بالشراكة مع جلنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعي­ة لغرب آسيا فى ديسمبر 2015 وهيئة تشجيع السالمة واألمن واالستدامة من خالل العلم واالبتكار ومقرها فى الواليات املتحدة.

وفى العام التالى، نظمت املنظمات الثالث نفسها بالشراكة مـع الشبكة الـدولـيـة للمشورة العلمية احلكومية حوار القيادة العربية األول حول املشورة العلمية للحكومات.

ضعف القواعد العلمية فى الدول العربية يعرقل جهود التنمية

لم يكن التطرق إلى دبلوماسية العلوم ممكناً دون القاء نظرة علىأحوال البيئة العلمية العربية فحتى وقت قريب ومع بعض االستثناءا­ت القليلة لم يكن للعلم أولوية بالنسبة للعرب، ومن غير املستغرب أن تظهر املؤشرات أن الدول العربية تعانى من ضعف فى العلوم، ووفقاً لليونسكو، شكلت الدول العربية

1% فقط من اإلنفاق العاملى على البحث والتطوير فى 2013 وهى تنفق نحو 0.3% من إجمالى الناجت املحلى مجتمعة.

وتتصدر عيوب التشريعات والقيود التنظيمية أوجه القصور املختلفة التى تعرقل تقدم العلم فى الــدول العربية فعلى سبيل املثال ال يشجع نظام التعليم مع تركيزه على التعليم بحفظ النصوص، وفــصــولـ­ـه املـكـتـظـ­ة، وأعـــبـــ­اء الــتــدري­ــس الثقيلة، واملختبرات غير املجهزة بشكل كـاٍف، وعـدم توفر احلرية األكادميية على التفكير املستقل أو توفير احلوافز للبحث واالبتكار.

وتشمل أوجه القصور األخرى عدم وجود دوريات علمية محلية عالية اجلـودة، وعدم وجود جمعيات علمية لتعزيز التعاون اإلقليمى والدولى، فضًال عن القيود على التأشيرات التى حتد من سفر العلماء العرب حتى داخل املنطقة العربية.

نظًرا ألن السياسة العلمية يتم تطبيقها عادة على املستويات الوطنية، فمن األفضل قياس التقدم العلمى على أســاس كـل دولــة على حــدة، وتظهر املؤشرات العلمية احلديثة نتائج متفاوتة فى املنطقة منذ عام .2006 ويشير تقرير اليونسكو للعلوم إلى أنه فى عام

2012 كــان لــدى تـونـس 1394 باحًثا لكل مليون نسمة وهو أعلى مستوى بني الـدول العربية، لكنه أقــل مـن مستوى تونس عــام 2006 البالغ 1588 باحًثا لكل مليون نسمة. كما انخفضت األرقام فى مصر من 617 فى عـام 2007 إلـى 581 فى عام

،2013 وهى نتيجة ترجع إلى حد كبير إلى هجرة األدمغة املرتبطة بعوامل مختلفة، مبا فى ذلك عدم االستقرار السياسى، وعلى النقيض من ذلك، ارتفع عدد الباحثني لكل مليون مقيم فى املغرب من 647 فى عام 2006 إلى 864 فى .2011

هناك الكثير مما يجب عمله لزيادة تأثير العلم والعلماء داخل الدول العربية وأحد املجاالت املهمة هو ربط العلوم وصنع السياسات فقد شدد اإلعالن الصادر عن املنتدى العاملى للعلوم لعام ،2015 وهو مؤمتر دولى يعقد كل سنتني بشأن سياسة العلوم العاملية، على أن املشورة العلمية السليمة واملستقلة حتسن إلى حد كبير نوعية صنع السياسات.

ودعـــى اإلعـــالن العلماء وواضــعــى السياسات إلى العمل معاً من أجل التطوير وفى نفس الوقت الـتـواصـل مــع الـسـلـطـا­ت وعــــالوة عـلـى ذلـــك حث االعالن جميع العلماء على أن يكونوا سباقني وأن يقدموا املشورة العلمية لصانعى السياسات.

ويعد بناء القرارات على اسـاس علمى ضرورة وليس رفاهية ملواجهة التحديات التى تهدد البلدان العربية وأهمها نقص املياه وتنمية القدرة على إطعام أعداد متزايدة من السكان وتفشى األمراض فكلها أزمات تتطلب حلول قائمة على العلم.

وحـــذر تقرير املجلة األمريكية مـن أنــه بـدون املشاركة الفعالة من جانب جميع االطــراف ذات الصلة املمثلة ألصـحـاب املصلحة واخلــبــر­اء من التخصصات العلمية املختلفة، فإن احتماالت إيجاد حلول حقيقية ستكون ضعيفة، فمن املفترض أن يـقـدم كـل تخصص مجموعة فـريـدة مـن وجهات النظر والرؤى واملعرفة العميقة التى ميكن أن تقدم تشخيًصا ثرًيا فيما يتعلق بأوجه القصور النظامية واحللول الدائمة عندما يتم دمجها معاً من قبل صانع القرار.

وتبرز أهمية العلوم من جهة ثانية، فبما أن الدول العربية هى جزء من مجتمع األمم العاملى فلذلك يجب أن تساعد فى التوصل إلى حلول متفاوض عليها لقضايا معقدة مثل تغير املناخ واألمن والهجرة والطاقة، وكلها تتطلب نصائح علمية.

وينصح التقرير البلدان باللجوء إلـى تصميم آليات وأنظمة تفاعلية لالستشارة العلمية لضمان حصول القادة السياسيني، مبن فيهم الدبلوماسي­ون الذين ميثلونهم فى املفاوضات الدولية، على املشورة العلمية التى يحتاجونها، لكن وضع هذا اإلطار فى الـدول العربية سيتطلب حتوالً زلزالياً فى النظرة التقليدية وعقلية احلكومات العربية جتـاه العلم ودوره املحتمل فى العالقات الدولية.

وفى املقابل فإنه يجب على املجتمعات العلمية والدبلوماس­ية تطوير فهم واضـح ومتبادل وشامل لتحسني القيمة عبر جهد كل مجتمع فى مساندة اآلخر فى تنفيذ مهامه، وميكن أن يستخدم العلم والتكنولوج­يا كوسيلة ملعاجلة وفهم القضايا املعقدة التى تتراوح بني األمن الناعم، والتى تنطوى على مشكالت مثل البيئة إلى األمن العملى التقليدى. الوصايا العشر لدبلوماسية علوم أكثر فاعلية تـقـول الـقـاعـدة، إن املـعـلـوم­ـات األفـضـل جتعل الدبلوماسي­ة أكثر فاعلية، وفى املقابل يجب أيضاً أن يستيقظ املجتمع العلمى على الفرص الناشئة عن مثل هـذه التحالفات ويستغلها للوصول إلى مـؤسـسـات املـعـرفـة األخـــرى والــتــعـ­ـاون مــن خالل الشبكات اإلقليمية.

وقد صدر فى نهاية 2015 عن املنتدى اإلقليمى لدبلوماسية العلوم والتكنولوج­يا بحضور قادة من املجتمعات العلمية والدبلوماس­ية وصنع السياسات فى غرب آسيا وشمال أفريقيا عشر توصيات لتعزيز دبلوماسية العلوم فى الشرق األوسط:

- بــنــاء بـيـئـة مــواتــيـ­ـة لـلـتـفـاع­ـل بــني الـعـلـوم والسياسات مبا فى ذلك توعية العلماء والسياسيني وتوظيف املستشارين العلميني للعمل مـع صناع القرار.

- تعزيز ثقافة العلم املشترك بربط شبكات العلماء املوجودة واالستفادة من الشبكات أو اآلليات القائمة أو اجلديدة وإنشاء منصات علمية ملشاركة املعرفة مثل قاعدة بيانات للعلماء والبحث للتعاون وتبادل املعلومات فى املنطقة.

- توضيح رؤية دبلوماسية العلوم فى املنطقة بحيث تتضمن تعريًفا واضًحا لاللتزام باملعايير عبر تطوير وبدء تنفيذ خريطة طريق محددة.

- ميكن اعتماد املنتدى العاملى للعلوم الذى عقد فى األردن العام املاضى، كقناة مهمة للدبلوماسي­ة العلمية ودعم التعاون من خالله.

- ربط شبكات ومبادرات الشتات احلالية فى الشرق األوسط بنظيراتها خارج املنطقة.

- تطوير مشاريع دبلوماسية علمية محددة تربط بني قضايا املياه والغذاء والطاقة مبشاركة العديد من الدول العربية إليجاد نتائج يتم توصيلها إلى صانعى السياسات.

- اسثتمار البلدان العربية ملزيد من الوقت واجلهد واملـــوار­د فى وضـع برامج لتعزيز تبادل األدمــغــ­ة العربية وحـركـة شـبـاب الباحثني عبر املنطقة، وطالب التقرير األمريكى بإصدار تأشيرة مماثلة للتأشيرة العلمية لالحتاد األوروبـى، التى تسهل قبول الباحثني من البلدان غير األوروبية إلجراء البحوث العلمية كجهد واعد خلدمة العلوم.

- وضع برنامج متكامل يستفيد مبزية كل دولة فدول اخلليج متتلك الثروة الهائلة لتمويل األبـحـاث وبناء املعامل املجهزة بينما دول مثل مصر واألردن ولبنان لديها العقول البحثية النابهة خصوصاً فـى قضايا حيوية مثل نقص املــوارد املـائـيـة، وتـفـرض الــضــرور­ة العمل على تطوير حتالفات بحثية العربية ومخططات إرشادية فى مجاالت مثل إدارة وتكنولوجيا­ت املياه.

- نشر الثقافة العلمية بدعم دبلوماسية العلوم من خـالل بناء البنية التحتية وحتسني قـدرات دارسـى العلوم ووسائل اإلعـالم والعلماء وخبراء السياسة العامة فى مجال العلوم والتكنولوج­يا وغيرهم.

وهناك العديد من اجلهود الواعدة حالياً منها برنامج «جنــوم العلوم» القطرى لتشجيع العلماء العرب من الشباب ورجال األعمال العرب، مما يدفع اآلالف إلى االهتمام بالقدرات غير املحدودة للعلوم والتكنولوج­يا.

ومــن اجلــديــر بـالـذكـر أيــًضــا ظـهـور منصات إعالمية متعددة بــدءاً من عـام 2009 - تهدف إلى تعزيز ثقافة االتصاالت العلمية مع صدور نسخ بالعربية ملجالت علمية غربية وأمريكية مثل

SciDev.Net ونيتشر الشرق األوسط، وناشيونال جيوجرافيك العربية وساينتفيك أمريكان.

10 - تلتزم احلكومات بدورها فى توفير مناخ للتعاون فالعديد من املشاكل التى يحاول العلماء فى البلدان العربية حلها - فى املياه، والطاقة، والـصـحـة، والـــزراع­ـــة، والـتـنـوع الـبـيـولـ­وجـى هى مشكالت مشتركة ميكن حلها بشكل أفضل أو فقط بالتعاون عبر احلدود التعاون مع استغالل التشابه بني الثقافة واخلبرة باإلضافة إلى اللغة املشتركة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt