Al Borsa

3 أولويات لالقتصاد العالمى

- بقلم :كريستين الجارد مدير صندوق النقد الدولى

من الضرورى أيضا أن نشجع نمواً أكرث استدامة وأكرث شموال للجميع عىل املدى األطول عدد األسر التى أصبحت تستخدم التكنولوجي­ا الرقمية، كاإلنرتنت والهواتف الذكية فى البلدان النامية تجاوز عدد األسر التى تحصل عىل املياه النظيفة والتعليم الثانوى

من الضرورى تدعيم االستقرار املالى عن طريق زيادة هوامش األمان فى قطاع الشركات والقطاع املصرفى، خاصة فى األسواق الصاعدة الكبيرة مثل الصني والهند.

ويعنى هذا تخفيض دين الشركات وزيـادة رأس املال والسيولة فى املصارف حيثما دعت احلاجة، ويعنى أيضاً تنفيذ سياسات تتعامل مع الرواج فى أسواق اإلسكان، ومنها سوق اإلسكان فى هوجن كوجن.

ويوضح التحليل الــذى أجــراه الصندوق أخـيـراً أن حركة أسـواق اإلسكان تزداد تزامناً فى املدن الرئيسة على مستوى العالم، ما ميكن أن يوسع نطاق الصدمات االقتصادية الكلية واملالية اآلتية من أى بلد.

ولهذا نحتاج إلى هوامش أمان عاملية أيضاً، ومن أسباب ذلك أن علينا إبقاء نظمنا املالية فى مأمن بتجنب التراجع عن اإلطار التنظيمى املوضوع منذ األزمة املالية العاملية لتعزيز الهوامش الوقائية من رأس املال والسيولة.

وينبغى أن يواكب اإلطار التنظيمى الدولى سرعة التطور على صعيد التكنولوجي­ا املالية التقاء املخاطر اجلديدة من تسخير اإلمكانات املتاحة، واألهم من ذلك أننا ننشد شبكة أمان مالى عاملية قوية. وفى هذا الصدد، يقوم الصندوق بدور محورى فى مساعدة البلدان على مواكبة تقلب التدفقات الرأسمالية بصورة أفضل فى أوقات العسر.

ولكن من الضرورى أيضاً أن نشجع منواً أكثر استدامة وأكثر شموالً للجميع على املدى األطول، وهذه هى أولويتى الثالثة.

3 - تشجيع النمو طويل األجــل الــذى يعود بالنفع على اجلميع، وتشجيع النمو األقوى واألكثر احتواء للجميع هو حتد أساسى، فإذا عادت االقتصادات املتقدمة، كما هو متوقع، إلى حتقيق منو مخيب لآلمال على املدى املتوسط، فسيتفاقم عدم املساواة االقتصادية ويزداد الـقـلـق بــشــأن الـــديـــ­ون واالسـتـقـ­طـاب السياسي.

وفى الوقت نفسه، من املتوقع ألكثر من 40 بلداً صاعداً ونامياً أن يصبح النمو أبطأ من مثيله فى االقتصادات املتقدمة على أساس نصيب الفرد.

ويعنى هــذا مــزيــداً مـن الـبـطء فى حتسني مستويات املعيشة واتساعاً فى فجوة الدخل بني هذه البلدان والعالم املتقدم.

وكــمــا قـلـت مــن قــبــل، إن الفرصة سانحة. لكن إعطاء دفعة لإلنتاجية والنمو املمكن يتطلب من البلدان تكثيف اإلصــاحــ­ات االقـتـصـا­ديـة وإجــــراء­ات السياسة.

وأود أن أتــطــرق هـنـا إلـــى عاملني محتملني إلحداث تغيير جذرى:

)1( األول هو إطاق إمكانات قطاع اخلدمات، خاصة فى االقتصادات النامية.

فكثير من هذه البلدان تغفل مرحلة التصنيع التقليدية وهى تنتقل من اقتصاد قائم على الزراعة إلى اقتصاد قائم على اخلدمات.

ويدعو هذا إلى القلق من إمكانية أن تظل البلدان حبيسة مستويات اإلنتاجية املنخفضة فتتضاءل فرصها فى اللحاق مبستويات الدخل فى االقتصادات املتقدمة.

غير أن بحثنا األخير يوضح أن بعض قطاعات اخلدمات، وأبرزها النقل واالتصاالت وخدمات األعمال، ميكن أن حتقق مستويات إنتاجية تضاهى التصنيع.

وتلك مسألة بالغة األهمية بالنسبة لبلدان مثل الفلبني وكولومبيا وغانا التى تتحول فيها العمالة والناجت من اإلنتاج الزراعى إلى اخلدمات األعلى قيمة.

وهى مسألة مهمة أيضاً لتحقيق الرفاهية االقتصادية ملايني النساء الاتى غالبا ما ميثلن أغلبية العاملني فى صناعة اخلدمات... يتبع.

وليس إطاق هذه اإلمكانات باملهمة السهلة. فهو يتطلب مزيداً من االستثمار العام فى التعليم والتدريب واملساعدة فى البحث عن فرص عمل، كما يعنى فتح قطاعات اخلدمات أمام مزيد من املنافسة.

وهناك ما ينبغى القيام به على مستوى العالم أيضاً فنحن بحاجة إلى زيادة التجارة فى اخلدمات، مبا فى ذلك التجارة اإللكتروني­ة، عن طريق تخفيض احلواجز فى هذا املجال، وهى حواجز ال تزال شديدة االرتفاع.

)2( أمـا العامل الثانى الـذى ميكن أن يحدث تغيراً جوهرياً فهو التحول إلى احلكومة الرقمية.

وميـكـن للقطاعات الـعـامـة أن تـقـود املــســار فــى تطبيق أحــدث التكنولوجي­ات واألنظمة ونحن نرى أمثلة رائعة هنا فى آسيا، ففى الهند، يتلقى املواطنون دعماً وإعانات اجتماعية تودع مباشرة فى حساباتهم املصرفية التى ترتبط مبحددات متفردة للهوية على أساس املقاييس احليوية.

وفـــى أســتــرال­ــيــا، جتـمـع السلطات الضريبية معلومات األجـور فى الوقت احلـقـيـقـ­ي، مــا يتيح لـهـا رؤيـــة فـوريـة حلالة االقتصاد، وهنا فى هوجن كوجن، سيصبح بإمكان عماء املصارف قريباً أن يستخدموا أرقام هواتفهم املحمولة وعناوين بريدهم اإللكترونى لتحويل األموال أو الشراء من متاجر التجزئة، بفضل نظام دفع جديد متوله احلكومة.

هـذه املـبـادرا­ت ما هى إال البداية، فاحلكومات عبر الـعـالـم تبحث اآلن السبل املمكنة لتحسني الكفاءة، فعلى سبيل املثال، تقدر دراسة صدرت أخيراً أن قرابة 20 فى املائة من اإليــرادا­ت العامة على مستوى الـعـالـم، أو نحو خمسة تريليونات دوالر أمريكي، تفقد كل عام بسبب عدم االمتثال الضريبى واملدفوعات احلكومية التى تتخذ وجهة خاطئة.

وباستخدام األدوات اجلـديـدة، كتحليل البيانات الكبيرة، ميكن للحكومات تخفيض هـذه التسربات، التى غالباً ما ترتبط مباشرة بالفساد والتهرب الضريبى، ومن شأن تخفيض التسربات أن ميكن البلدان من زيادة اإلنفاق على البنود ذات األولوية.

خاصة القول، إن احلكومة الرقمية ميكن أن تقدم اخلدمات العامة بدرجة أكبر من الكفاءة والفعالية، وتساعد على حتسني حياة املواطنني.

فكروا معى فى هذا األمر: إن عدد األسر التى أصبحت تستخدم التكنولوجي­ا الرقمية، كاإلنترنت والهواتف الذكية فى البلدان النامية جتاوز عدد األسر التى حتصل على املياه النظيفة والتعليم الثانوي.

إنها إمكانات هائلة للتفاعل الرقمي! لكنها تذكرة أيضاً بأننا نحتاج إلى تسخير التكنولوجي­ا بشكل فعال لتحقيق التقدم نحو تنمية أوسع نطاقاً. وختاماً، إن أمام هذا اجليل من صناع السياسات خيار صعب: فيمكنهم ببساطة استنساخ سياسات املاضى التى حققت نتائج متباينة، حيث رفعت مستويات املعيشة إلى حد كبير، ولكنها تركت كثيرين وراء الركب.

أو ميكنهم رسم مشهد اقتصادى جديد، حيث التجارة املفتوحة أكثر إنصافاً وأكثر اعتماداً على التعاون؛ وحيث النظم املالية أكثر أماناً وأكثر دعماً للنمو االقتصادي؛ وحيث منافع الثورة الرقمية ليست حكرا على قلة محظوظة وإمنا يتمتع بها اجلميع.

وكما قال الفنان العظيم هنرى ماتيس: «اإلبداع يحتاج إلى شجاعة»، وال شك أننا نحتاج إلى شجاعة أكبر، فى أروقة احلكومة، وفى قاعات املؤمترات فى الشركات، وفى قلوبنا وعقولنا أيضاً.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt