آلة التصدير الصينية تتحرك بُخطى ثابتة متجاهلة الحرب التجارية
تعمل بعض الشركات الصينية، بشكل يشير إلى أنه ال توجد حرب جتارية ناشبة بني أكبر اقتصادين فى العالم، مثل مصنع شركة «سانى جروب»، الواقع بضواحى مدينة شنغهاى. وتصدر شركة «سانى»، التى تعرف بكونها واحدة من أكبر الشركات املصنعة للمعدات الثقيلة فى الصني، أكثر من %40 من إنتاج املصنع؛ حيث أسهمت بصادرات بقيمة 1.2 مليار دوالر، العام املاضى، إلى األسواق الناشئة فى آسيا وأمريكا الالتينية بشكل رئيسى، كما أن املجموعة الصينية ال تظهر أى عـالمـات على التباطؤ، بل تستهدف زيادة املبيعات الدولية بنسبة %30 خالل .2018
وقالت صحيفة «فاينانشيال تاميز» البريطانية، إن جناح شركات مثل «سانى» يعد جزءاً من مسيرة عنيدة لقطاع التصدير فى الصني، حتى وإن كانت احلرب التجارية بني الواليات املتحدة والصني تلقى بظاللها على نظام التجارة العاملى.
وخــالل العقد الــذى انقضى منذ األزمــة املالية العاملية، أثبت قطاع التصدير فى الصني مرونته بشكل ملحوظ، فبعد جتــاوز أملانيا كأكبر مصدر للبضائع فـى العالم عــام ،2009 منـت الـصـادرات الصينية مبعدل %5 سنوياً لتصل 2.26 تريليون دوالر عام ،2017 مقارنة بنمو الـصـادرات العاملية السنوى املنخفض عن نسبة .%2
واتسع نصيب الصني من الصادرات الصناعية إلــى %18 عـاملـيـاً، بعد أن كــان %12 فـى العقد املاضى، لتضاف بالتالى إلى املكاسب املسجلة بعد انضمامها الصني إلى منظمة التجارة العاملية عام ،2001 وهو ما أدى بــدوره لتسارع تراجع العمالة باملجال الصناعى فـى الـــدول املتقدمة. وتكشف مبيعات «سانى» املزدهرة عن أمر مهم بشأن احلرب التجارية، واملنافسة بني الواليات املتحدة والصني، فقد ركز املسئولون فى إدارة الرئيس األمريكى دونالد ترامب على التقدم الصينى مبجاالت التكنولوجيا الفائقة، مثل الذكاء االصطناعى والروبوتات لتبرير استخدامهم التعريفات.
ولكَّن التهديد األكبر للصناعة فى الواليات املتحدة واالقـتـصـادات املتقدمة األخـــرى يأتى على املـدى القصير من االزدهار السريع فى الصادرات الصينية من التكنولوجيات متوسطة املستوى، مثل السيارات وأجزائها واآلالت الكهربائية وماكينات البناء التى تنتجها شركة «سـانـى»، فالشركات الصينية تفوز سريعاً بحصة سوقية فى مثل هذه املنتجات، بدالً من املنتجات التكنولوجية املتقدمة.
ووفـقـاً للمجلس الوطنى األمريكى للعلوم، تعد الصني املُنتج املهيمن اآلن فى الصناعات الفائقة التكنولوجيا متوسطة املستوى؛ حيث يقترب نصيبها العاملى من ثالثة أضعاف العقد املاضى، ليصل إلى ،%32 لتتخطى بذلك الواليات املتحدة أواخر العقد األول من األلفية الثانية، واالحتاد األوروبى فى العقد الزمنى اجلارى.
وجــاء معظم هـذا النمو من الشركات الصينية اململوكة للقطاع اخلــاص، مثل «سـانـى»، فقد منت حصة الصني من صــادرات اجلرافات العاملية إلى نحو ،%10 مقارنة بنسبة %2 فقط قبل عقد من الزمن، كما أن حصة الصادرات الصينية املتجهة إلى الدول املتقدمة املنتمية ملنظمة التعاون االقتصادى والتنمية ارتفعت من %43 إلـى %48 على مدى العقد املاضى. وتشير أعمال «سانى»، أيضاً، إلى أن الكثير من خطوات الصني بسلسلة القيمة تتم فـى السلع الـرأسـمـالـيـة، وهــى السلع املستخدمة لـصـنـع سـلـع أخــــرى، والــعــنــاصــر املــكــونــة، وليس املنتجات االستهالكية، فقد تضاعف نصيب الصني مـن الــصــادرات العاملية فـى املـحـوالت الكهربائية ومكوناتها، التى تعد أساسية لشبكات الكهرباء، إلى %20 فى العقد املاضى.
وشـهـدت الـتـجـارة القائمة بـني الـصـني والـــدول املتقدمة تغيرات جنمت عن حتول الشركات الصينية إلــى سلع رأسـمـالـيـة أكـثـر تــطــوراً، فـخـالل العقد املاضى منت معدات االتصاالت السلكية والالسلكية والنقل وقطع غيار السيارات كنسبة من صـادرات الصني إلى الواليات املتحدة، بينما تقلصت حصة املنسوجات واألحذية، ليرتفع بذلك نصيب الصني من سوق السلع الرأسمالية العاملية من حوالى %5 إلى %20 بني عامى 2007 ،2016و بحسب بيانات البنك الدولى.
ووفقاً لهذا الصدد، يعتقد عدد من االقتصاديني، أن ارتفاع سلسلة القيمة هو نتيجة حتمية للمنافسة؛ حيث يـقـول دانـــى رودريــــك، االقــتــصــادى بجامعة هــارفــارد، إنــه مبجرد اجتــاه االقتصاد نحو إنتاج مولدات كهربائية أو السيارات، على سبيل املثال، تتجه إنتاجية العمالة فى هذه الصناعة نحو مسار تصاعدى تلقائياً.
واستطاع ازدهـار االستثمار الصينى بعد األزمة املالية متكني منتجى السلع الصناعية من توسيع اإلنتاج املحلى بشكل كبير، ما أدى إلى زيادة وفورات اإلنتاج الكبيرة.
وقـــام املـصـنـعـون بتحسني أعـمـالـهـم مــن خـالل عمليات االستحواذ على التكنولوجيا األجنبية، فقد اسـتـحـوذت شـركـة «ســانــى» على صـانـع املضخات األملانى «بوتزميستر»، مقابل 360 مليون يـورو فى عام ،2012 كما تشتمل الصفقات املقدرة مبليارات الــدوالرات للمصنعني الغربيني، أيضاً، على صفقة شركة «ميديا» البالغة قيمتها 50 مليار يورو، مقابل صانع الروبوتات األملانى «كيوكا» فى العام ذاته.
بـاإلضـافـة إلــى ذلـــك، لعبت الـشـركـات متعددة اجلنسيات دوراً كبيراً فى التطور املتزايد لصادرات الصني، فقد أشـارت اإلحصاءات الرسمية إلى أن الشركات االستثمارية األجنبية أسهمت بنحو %43 من صادرات الصني العام املاضى، بينما قالت هيئة اجلمارك الصينية، إن 13 من بني أكبر 20 شركة مصدرة فى الصني مملوكة جلهات أجنبية.
جاءت الكثير من التحسينات الواقعة على صادرات الصني من الشركات املتعددة اجلنسيات التى تعمق سالسل التوريد فى الصني، فقد افتتحت شركات مثل «جنرال إليكتريك» و«بى. إيه. إس. إف» لصناعة املواد الكيميائية، وشركة «هانيويل» األمريكية مصانع أكثر تطوراً فى الصني، خالل العقد املاضى، وأحياناً ما يكون ذلك على حساب الوظائف فى الواليات املتحدة.