Al Borsa

استهداف التصنيف االئتمانى

- بقلم د. زكريا صالح الجندى الخبير المصرفى

التصنيف االئتمانى مصطلح متعارف عليه بني املصرفيني واالقـتـصـ­اديـني، لكنه لـم يـأخـذ حظه إعالمياً ولم يتم تداوله إال خالل السنوات القليلة املاضية ويرجع ذلك إلى الظروف االقتصادية التى مرت بها مصر منذ عام ،2011 حيث بدأ التركيز عليه وتـطـوراتـ­ه وتغيراته باعتباره مــؤشــراً على أداء واجتاهات االقتصاد فى املستقبل من خالل النظرة املستقبلية التى تضعها مؤسسات التصنيف فى تقاريرها ما بني نظرة مستقبلية «إيجابية» أو «مستقرة» أو «سلبية» إضافة إلى التصنيف ذاته الذى يحمل بني طياته معلومات كثيرة يتم اختزالها فى درجة من درجات التصنيف التى تصل إلى 21 درجـة تقع ما بني التعثر D، واجلــدارة االئتمانية املمتازة AAA+،كما ترجع اهمية التصنيف الى أنه أحد أهم املؤشرات التى يعتمد عليه املستثمرين من دول ومؤسسات وأفراد عند اتخاذ قرار االكتتاب فى السندات أو الصكوك وغيرها من األدوات أو توجيه االستثمارا­ت إلى دولة من دون األخـرى، حيث يتم تقسيم درجات التصنيف أيضاً إلى درجات تصنيف لالستثمار وهـى درجــات االستثمار ذات املخاطر املحدودة ودرجـات تصنيف املضاربة وهى درجات تتسم بعكسها الرتـفـاع درجــة املخاطرة ويصنف املستثمر فى هذه الدرجات بأنه مضارب، كما انه يوجد تصنيف لالجل القصير يتم االعتماد عليه عند اتخاذ قـرارات االستثمار فى األجل القصير، وتـسـاعـد درجـــة التصنيف االئـتـمـا­نـى الـــدول فى عملية االقتراض من اخلـارج او إصـدار السندات وكلما كانت درجة التصنيف جيدة كلما كان قسط املخاطرة أقل وكلما كانت تكلفة التمويل منخفضة والعكس صحيح.

إن عملية الوصول إلى درجة التصنيف االئتمانى عملية ليست سهلة، حيث يوجد لـدى مؤسسات التصنيف وأشهرها االئتمانى استاندرد أند بورز وموديز وفيتس وكابيتال انتيليجنس منهجية واضحة ومعتمدة ويتم اإلفصاح عنها على مواقعها تتضمن مجموعة من العمليات اإلجرائية واملتابعة والرصد جلميع املتغيرات التى متر بها الـدول واملؤسسات

من األزمـات والقرارات االقتصادية واإلصالحات الهيكلية، باإلضافة إلى االعتماد على ما تصدره اجلهات املختصة داخل الدولة وخارجها من بيانات ومعلومات وما ينشره صندوق النقد والبنك الدولى من مؤشرات اقتصادية عن مختلف الدول، باإلضافة إلــى الــدراســ­ات الـتـى تـقـوم بها بـنـوك االستثمار الـعـاملـي­ـة، هــذا فـضـًال عــن قـيـام هــذه املؤسسات بزيارات ملقابلة املسئولني عن اقتصاديات الدول واملعنيني بتطبيق خطط التنمية واإلصالح للوقوف على الرؤية املستقبلية وما يوجد على أرض الواقع من خطط وإجنازات وإصالحات لتضمني كل ذلك فى التصنيف النهائى والنظرة املستقبلية.

لقد أصبح هناك ترقب واضـح من قبل جميع املسئولني واملتابعني الداخليني واخلارجيني للتقارير الـصـادرة عن مؤسسات التصنيف عن مصر فى اآلونة األخيرة رغبة فى الوقوف على أداء االقتصاد املصرى وحتسن درجة التصنيف وهذا أمر جيد، وقد حصلت مصر فى أحدث تقرير للتصنيف على درجة تصنيف »B« مع نظرة مستقبلية «إيجابية» وهو شىء مبشر، لكن يحتاج األمر فى نفس الوقت الى بذل املزيد من اجلهود واالستمرار فى تنفيذ قـــرارات اإلصـــالح وخطط التنمية التى وضعتها الدولة وضـرورة تناغم السياسات املالية والنقدية والتجارية، ونظراً ألهمية التصنيف االئتمانى، كما أوضحنا سلفاً فإننى أدعو احلكومة إلى اإلعالن عن «استهداف التصنيف االئتمانى ملصر» فى األجل املتوسط مبعنى وضع جـدول زمنى ومجموعة من اإلجراءات واجبة التنفيذ للوصول بدرجة التصنيف إلى مستوى أفضل من احلالى وبصورة تدريجية حتى يتم حتويل درجة التصنيف من درجة تصنيف املضاربة إلى درجة تصنيف االستثمار وهو األمر الذى لن يتأتى إال بإصالح اجلهاز اإلنتاجى للدولة فــى املــقــام األول وحتــســني مـــؤشـــر­ات االقـتـصـا­د القومى واستهداف احلكومة إلجمالى ناجت محلى مـن شـأنـه الــوصــول مبستويات التشعيل جلميع األنشطة االقتصادية بالدولة إلـى مستوى أعلى، أعرف أنه مشوار طويل وليس باليسير، لكنه يجب وضــع التصنيف االئتمانى فـى احلسبان وإنشاء وحدة تابعة لوزارة التخطيط أو وزارة االستثمار أو مبركز معلومات مجلس الوزراء تكون مهمتها متابعة التصنيف ومتطلباته ودراســة وفهم املنهجية التى تستخدمها مؤسسات التصنيف للوصول إلى درجة التصنيف وتطوير نظام للمحاكاة من خالله يتم اختبار عدد من السيناريوه­ات، والتى من خاللها ميـكـن مـعـرفـة املـتـغـيـ­رات واإلصـــال­حـــات الـواجـب تطبيقها لتحسني درجة التصنيف.

واهلل من وراء القصد

أدعو الحكومة إىل وضع جدول زمنى ومجموعة من اإلجراءات واجبة التنفيذ للوصول بدرجة التصنيف إىل مستوى أفضل من الحاىل

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt