Al Borsa

سباق المواهب العالمية.. تدوير العقول مقابل نزيف األدمغة

الصني والهند تشعالن حرب االستحواذ عىل العمالة املاهرة

-

منذ نهاية احلرب العاملية الثانية، مت حترير التجارة وتدفقات رأس املال أكثر من أى نقطة أخــرى فـى الـتـاريـخ، فـى حـن أن حركة اليد العاملة عبر احلدود التزال مكبلة بشدة بسبب قوانن الهجرة املتشددة، ولكن فى ظل اقتصاد املعرفة العاملى، فإن البلدان التى ال تنضم إلى املنافسة على العمال ذوى املــهــار­ات العالية سوف تتخلف عن الركب.

ويعيش أكثر من %3 سكان األرض خارج مــوطــن والدتـــهـ­ــم، ولــكــن فــى حــن أن حصة املهاجرين من سكان العالم ظلت مستقرة فى معظمها طيلة ستة عقود، فإن مكوناتها تغيرت، ومنت حصة املهاجرين ذوى املهارات العالية، مقارنة باملهاجرين ذوى املـهـارات املنخفضة بدرجة كبيرة، بسبب عوملة الطلب على املواهب.

وبات لهذا التطور بعد جغرافى واضح فما يـقـرب مـن %75 مـن جميع املهاجرين ذوى املهارات العالية يقيمون فى الواليات املتحدة واململكة املتحدة وكندا وأستراليا وأكثر من %70 من مهندسى البرمجيات فى «سيليكون فالى» هم من أصـل أجنبى، لكن قــادة اليوم ميكن أن يكونوا مختلفن غداً.وتوجد العديد من العوامل التى تدفع بالتغيير فى تركيبة تدفقات الهجرة، مبا فى ذلك الثورة الصناعية الرابعة، وانخفاض تكاليف النقل واالتصاالت فعادة ما مييل املهاجرون ذو املهارات العالية إلـى السفر ألبعد البلدان املقصودة، مقارنة باملهاجرين األقل مهارة خاصة مع ضعف فرص التعليم املحدودة فى دول املصدرة للعقول، لكن السبب الرئيسى هو االعـتـراف املتنامى بأن رأس املال البشرى يلعب اليوم دوراً رئيسياً فى اقتصاد املعرفة.

وانـدلـعـت «احلـــرب مـن أجــل املــواهــ­ب» فى جميع أنحاء العالم، وفـى الشركات متعددة اجلنسيات التى تدير مجموعة مواهبها العاملية بشكل جيدويصر معظمها اآلن على أن املديرين التنفيذين ذوى اإلمكانات العالية يحصلون على خبرة عاملية من خالل العمل فى بلدان أخرى، وقد جعلوا التنقل الدولى شرطاً أساسياً ملراكز القيادة العليا، وبعض أشهر الالعبن فى االقتصاد العاملى مبا فى ذلـك «جوجل» و«مـايـكـروس­ـوفـت» و«كـلـوروكـس» و«كـوكـاكـوا­ل» و«ماكدونالدز» و«بيبسى» و«بى فايزر» لديهم رؤساء تنفيذين مهاجرين.

لكن التركيبة السكانية تلعب أيـضـاً دوراً رئيسياً فى اجتاهات الهجرة العاملية ففى حن أن معظم العالم املتقدم يعانى ارتفاع أعمار القوى العاملة، فإن العديد من البلدان النامية لديها حصة متزايدة من الشباب.

فى الهند يوجد 4 أفـراد يبلغون من العمر 20 عاماً لكل شخص يبلغ من العمر 65 عاماً؛ وفى أوروبا الغربية، فإن هذه النسبة هى واحدة إلى واحــدة، وفى الوقت نفسه، فإن متوسط الدخل فى البلدان املرتفعة الدخل يفوق 70 ضعفاً البلدان منخفضة الـدخـل، وأصبحت هذه الفروق الدميوجراف­ية وضعف األجور قوة دافعة قوية للهجرة.

وعلى الرغم من أن سباق املواهب العاملى قاد فى البداية الدول املتقدمة لتوفير تأشيرات خاصة جلذب املهنين ذوى املهارات العالية، إال أنهم يساهمون بشكل إيجابى فى املالية العامة بالبلدان املتقدمة، ألنهم يدفعون ضرائب أكثر مما يستخدمون من السلع واخلدمات العامة.

كما أن تنقل املواهب العاملية مفيد أيضاً للبلدان املصدرة، ألنه يساعد على دمجها فى األسواق العاملية، خاصة مع عودة بعض العلماء املهاجرين إليهم بعد سنوات فى اخلـارج، مما يعالج ظاهرة نزيف األدمغة مبا ميكن تسميته بتدوير العقول.

وهـــذا يـعـوض بـعـض أوجـــه الـقـصـور التى تواجهها الشركات فى البلدان النامية نتيجة النخفاض االستثمارا­ت العامة، وعـدم كفاية التدريب واملعدات، ونقص املوارد املالية الالزمة لشراء تراخيص التكنولوجي­ا أو امللكية الفكرية، وال شك أن الهجرة ليست الطريقة املثلى على املدى الطويل لتحسن اإلنتاجية فى اقتصاد املعرفة، لكنها تسرع من انتشار التكنولوجي­ا على املدى القصير مع عودة الطيور املهاجرة بخبرات واسعة.

وتوجد قوة أخرى فعالة للتكامل االقتصادى العاملى والتجارة هو اإلنترنت الذى ينظر إليه البعض كبديل للحراك العاملى، ولكن بينما تسمح الشبكة العنكبوتية بتوفير بعض أشكال العمل عن بعد، لكنها لن تنقل مؤسسى املعرفة لبلدان أخرى مع االعتراف بدورها فى تعزيز روابــــط االبــتــك­ــارات وتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت.

وعـلـى سبيل املــثــال، سمح تــبــادل املعرفة والتكنولوج­يا من خالل دعم االتصال مع علماء الهند فـى الـغـرب بالقفز إلــى مـراحـل تنمية متقدمة وحتتل الهند حالياً املرتبة اخلامسة كأكبر اقتصاد فى العالم.

واستفاد العالم بشكل كبير خـالل العقود املاضية من زيادة التجارة العاملية وحركة رأس املـال وحـان الوقت جلنى فوائد تنقل املواهب فبخالف التجارة والتمويل التزال الهجرة مقيدة للغاية، رغم أن النمو االقتصادى يعتمد على جزء كبير منه على توافر فرص العمل وزيادة إنتاجية العمالة وهو أمر يتطلب تسهيل التنقل على الصعيدين العاملى واملحلى.

وميتلك صناع السياسة العديد من األدوات لتحسن تنقل املـواهـب العاملى عبر احلـدود من خالل املزيد من الشراكات بن القطاعن العام واخلاص واجلامعات باعتبارهما العبن أساسين فى سباق املواهب.

كما تلعب التنظيمات احلكومية والقطاع املصرفى متعدد األطراف، ومجموعات املجتمع املـدنـى أيـضـاً أدوار رئيسية، وكـذلـك احلـال بالنسبة للتكنولوجي­ا، التى تسمح اآلن بحركة املـــواهـ­ــب االفــتــر­اضــيــة مــن خـــالل مــؤمتــرا­ت الفيديو، واملنصات الرقمية، وتبادل العمل عبر اإلنترنت، وغيرها من التطبيقات.

وسيستمر سـبـاق املــواهــ­ب ويـحـتـدم حيث تتنافس البلدان والشركات على األفضل واألذكى وقـد أصبحت البلدان متوسطة الدخل غير األعضاء فى منظمة التعاون والتنمية، وال سيما الصن والهند وجهة متزايدة األهمية للعمالة ذات املهارات العالية، ومع منو هذه البلدان، فإن القوة االقتصادية العاملية لالقتصادات املتقدمة سوف تستمر فى التقلص.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt