Al Borsa

خطوات السعودية المتقلبة فى مجال الطاقة المتجددة تثير شكوك المستثمرين

- كتبت ــ منى عوض:

عادة ما يتسبب ارتفاع أسعار البترول فى العالم، إلى الميل نحو تسريع التحول للطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية.. لكن فى المملكة العربية السعودية تسير األمور بشكل معاكس. ذكرت وكالة أنباء بلومبرج، أن السعودية أعلنت خالل األعوام الستة الماضية عن استثمارات تزيد على 350 مليار دوالر تهدف من خاللها إلى االستفادة من أشعة الشمس التى تغمر البالد والتحول إلى دولة طاقة متجددة.

ولكن من الناحية العملية، لم تبدأ السعودية أى عمليات تشييد تساعدها فى التحول نحو هذا االجتاه، بل أن ارتفاع أسعار البترول اخلام بأكثر من الضعف منذ بداية عام 2016 وحتى أكتوبر املاضى تسبب فى تراجع رغبة السعودية فى التحول نحو الطاقة املتجددة.

وأوضــح فاحت بيرول، املدير التنفيذى لوكالة الطاقة الدولية، أن السعودية كانت متضى قدما ثم تعلق جهودها فيما يخص هذا األمر كثيرا، مشيرا إلى حاجة البالد لزيادة توليد الطاقة الكهربائية وخفض االعتماد على البترول واالستفادة من الطاقة الشمسية الهائلة.

وفـى عـام ،2012 قدمت السعودية برنامجا للطاقة الشمسية بقيمة 109 مـلـيـارات دوالر تستهدف من خالله توليد ثلث طاقتها الكهربائية من الطاقة املتجددة بحلول عام .2032

باإلضافة إلى ذلك، أعلن ولى العهد السعودى محمد بـن سلمان قبل نحو عـامـن عـن خطة لتوقف اعتماد بالده على صـادرات البترول من خالل تشييد مشروعا للطاقة الشمسية بقدرة

210 جيجاوات أو ما يزيد عن %20 من اإلنتاج احلالى للطاقة املتجددة فى العالم.

وفـى العام املاضى، أعلنت احلكومة قدرتها على توليد %10 من طاقتها من محطات الطاقة الشمسية والرياح بتكلفة تقدر بـ 50 مليار دوالر بحلول عام ،2023 وفى مارس ،2018 أعلن ولى العهد السعودى عن اتفاقية بقيمة 200 مليار دوالر مــع مجموعة «ســوفــت بـنـك» املصرفية اليابانية لبناء مشروعات للطاقة الشمسية تكفى لزيادة إنتاج البالد احلالى من الكهرباء إلى ثالثة أضعاف.

ويصر ولى العهد السعودى أن مبادرة الطاقة املتجددة ال تزال قائمة، ففى أكتوبر، توقع سلمان، فى حوار أجرته معه «بلومبرج»، توليد 4 جيجاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام ،2021 أى نحو

%5 من اإلنتاج الكهربائى للبالد، مشيرا إلى انتهاء اململكة مـن هيكلة االستثمار الشمسى وإمكانية بدء أعمال التشييد فى مكان ما منتصف عام .2019

وتبدو طموحات السعودية منطقية، على الورق على األقــل. فانتشار ألــواح الطاقة الشمسية على املساحات الفارغة الشاسعة فى البالد ميكن أن يساعد فى توليد طاقة تعادل احتياطى البترول السعودى املؤكد البالغ 266 مليون برميل فى عامن فقط، ولكن السعودية تولد ثالثة أخماس طاقتها الكهربائية احلالية من البترول ويحرقون ما يصل إلى مليون برميل من البترول اخلام يوميا فى محطات توليد الطاقة، وهو أمر منطقى فقط إذا لم تكن مهتما بتغير املناخ وال تدفع األسعار السوقية.

وعندما وصل البترول إلى مستوى منخفض عند 27.88 دوالر للبرميل عام ،2016 حتولت املوازنة الوطنية من فائض بقيمة 104 مليارات دوالر فى 2015 إلى عجز قدره 83 مليار دوالر فـى عـام ،2016 ممـا أعطى دفعة التوجه نحو الطاقة الشمسية طابعا أكثر إحلاحا.

أما فى ظل تعافى أسعار البترول، فانخفض احلافز نحو إنشاء مزارع الطاقة الشمسية.

ونفت احلكومة السعودية التقارير التى تفيد بتأجيل االتـفـاق املنعقد مـع مجموعة «سوفت بنك» أو حتى إلغاؤه، ولكن لم يُنجز إال القليل من عمليات التشييد اخلاصة باملشاريع املوعودة.

ومع انخفاض أسعار البترول بنحو %30 من ذروته التى وصل لها فى أكتوبر املاضى، أصبح لـدى السعودين حافز أكبر للمضى قدما فى اخلطط املتعلقة بالطاقة الشمسية.

وأوضــحــت «بـلـومـبـر­ج» أن اسـتـخـدام الطاقة الشمسية إلنـتـاج ثلث الطاقة الكهربائية فى السعودية سيوفر نحو 300 ألـف برميل بترول يوميا، وهو إنتاج ميكن أن يجنى أرباحا تقدر بنحو 8 مليارات دوالر سنويا إذا مت بيعه خارج البالد. ووفقا للباحثن لدى مجموعة «تشاتام هاوس» لألبحاث البريطانية، ميكن أن تصبح السعودية مستوردا صافيا للبترول بحلول عام 2038 دون االعتماد على مصادر الطاقة املتجددة.

ووفقا جليسيكا عبيد، من مؤسسة «تشاتام هاوس»، فإنه رغم املنطق الواضح للتحول بعيدا عن استخدام الوقود األحـفـورى، أصبح التقدم الهائل فى مجال الطاقة الشمسية يثير شكوك املستثمرين حول ما إذا كانت السعودية ملتزمة حقا ببرنامجهم الطموح، إذ قدمت البالد الكثير من اخلطط الرائعة ولكنها لم تنفذ أى منها بعد.

وأوضــح نـواز بيربوكس، رئيس قسم حتوالت الـطـاقـة لــدى مـركـز املـلـك عــبــداهل­ل لـلـدراسـا­ت والبحوث البترولية فى الرياض، أن هذه التقلبات تعد طبيعية، مشيرا إلى أن البالد ال تزال ملتزمة بالطاقة املتجددة ولكن بوتيرتها اخلاصة.

وأضــــــا­ف بـــيـــرب­ـــوكـــس، أنــــه فـــى ظـــل تـطـور التكنولوجي­ات وتغير األولويات، قام السعوديون بتنقيح خططهم جيدا، ويبدو من الواضح للغاية املكانة التى يرغبون فى الوصول إليها فى عام

2030 وما بعده، فهى رؤية محددة، ولكنها على غرار العديد من الرؤى التى تضعها البالد، والتى تهدف أحيانا إلى حتقيق أهداف عالية وتعديل التوقعات فى ظل تغير العالم.

توليد ثلث كهرباء اململكة من الطاقة الشمسية يوفر 8 مليارات دوالر سنويًا

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt