االقتصاد العالمى يتذوق مرارة الحرب التجارية فى
اندلعت احلـرب التجارية العام اجلــارى، ولكن االقتصاد العاملى سوف يشعر مبرارتها فى .2019
وأوضـحـت بيانات تتبع السفن التابعة لوكالة «بـلـومـبـرج»، أن أوامـــر التصدير تراجعت وسط التعريفات اجلمركية املـفـروضـة على الـــورادات رغم سعى الواليات املتحدة والصني حلل خالفهما التجارى بعد اتفاقهما على هدنة جتارية مدتها 90 يوماً فى اجتماعات «مجموعة العشرين» التى عقدت فى األرجنتني مؤخراً.
وأشــارت «بلومبرج» إلـى وجـود خسائر بالفعل حيث ستقوم شـركـة «جــوبــرو انـــك» بنقل معظم إنتاجها املتجه إلـى الـواليـات املتحدة من الصني بحلول الصيف املقبل لتصبح واحـــدة مـن أوائــل صانعى اإللكترونيات التى تقوم باتخاذ مثل هذا اإلجراء فى حني خفضت شركة «فيديكس» مؤخراً توقعات أرباحها وقلّصت تدريجياً سعة شحنها اجلوى.
وقــال حامد مقدم، الرئيس التنفيذى لشركة «برولوجيس»، التى تتخذ من سـان فرانسيسكو مقراً لها، ومتتلك حوالى 4 آالف مرفق لوجستى حول العالم، إن أى اضطرابات فى التجارة سيكون لها ضريبة على االقتصاد ومن املحتمل أن يتباطأ االقتصاد العاملى نتيجة لذلك.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تعرضت فيه األسواق املالية لضربة قوية بالفعل وأفاد بنك «أوف أميركا ميريل لينش» بأن أخبار احلرب التجارية قد تسببت فى انخفاضاً صافياً قدره %6 مبؤشر «ستاندرد آند بورز »500 العام اجلارى.
وكشفت البيانات أن ســوق األوراق املالية فى الصني خسر 2 تريليون دوالر خالل العام احلالى وانزلق فى سوق هابطة.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن البيانات األخيرة تؤكد املخاوف من أن التجارة سوف تكون عبئاً على النمو األمريكى خالل العام املقبل.
ويشعر املستهلكون األمريكيون بتفاؤل أقل بشأن االقتصاد املستقبلى خـالل 2019 فى حني تراجع أيضاً معدل التفاؤل فى األعمال الصغيرة التى تعمل على حتسني االقتصاد إلـى أدنــى مستوى له منذ عامني كما تتوقع الشركات مكاسب أقل العام املقبل.
وقال توم أوليك، املحلل االقتصادى لدى وحدة «بلومبرج إيكونوميكس»، إنـه بالنسبة لالقتصاد العاملى فـإن خطر احلــرب التجارية قـد يتالشى ولكنها لن تختفى متاماً.
وسلّط أوليك، الضوء على 3 مخاطر أولها أن مهلة الهدنة التجارية والتى تبلغ 90 يوماً قد تنتهى دون التوصل إلى اتفاق بني الصني والواليات املتحدة األمر الذى يؤدى الرتفاع التعريفات اجلمركية.
ثانياً، أن الصادرات سوف تتراجع العام املقبل على خلفية انخفاض أوامر التصدير فى 2018 حتى من دون فرض املزيد من التعريفات.
وأخيًرا، تشير إشارات اإلنذار املبكر من حتليالت الـبـيـانـات ومــؤشــرات مـــدراء التصنيع إلــى جانب حتذيرات تراجع أرباح «فيديكس» إلى تراجع الطلب.
وتوقع صندوق النقد الدولى، تباطؤ حجم التجارة العاملى بنسبة تصل %4 العام املقبل مقارنة بنسبة %4.2 العام احلالى %5.2و فى عام 2017 محذراً من أن احلواجز التجارية أصبحت أكثر وضوحاً.
وأوضحت الوكالة األمريكية أن أوروبــا ليست معزولة عن املخاطر حيث أن النزاعات التجارية هى من بني األسباب التى ستؤدى إلى تباطؤ النمو العام املقبل رغم تسجيل قطاع اآلالت الرئيسى فى أملانيا ربحاً قياسياً قدره 228 مليار يورو فى العام اجلارى وهو ما يعادل 260 مليار دوالر.
وكشفت البيانات الرسمية أن اإلنتاج فى أملانيا سـوف يــزداد بنحو %5 بالقيمة احلقيقية العام اجلــارى وهو أعلى معدل منذ عام 2011 قبل أن يتباطأ النمو إلى %2 فى .2019
وذكرت «بلومبرج»، أن خطر قيام الواليات املتحدة بوضع تعريفات جمركية على واردات السيارات من أوروبا واليابان خطوة من شأنها اإلضرار بالعالقات بني بعض أكبر االقتصادات فى العالم.
ويوضح اعتقال الواليات املتحدة للمديرة املالية لشركة «هــواوى تكنولوجيز» مينج وانــزو، مخاطر حدوث تطورات غير متوقعة ميكن أن تدمر العالقات املتوترة بالفعل بني الواليات املتحدة والصني سريعاً.
وقــــال ســيــزار روجـــــاس، اقــتــصــادى األســــواق العاملية بـ«سيتى جروب» فى نيويورك: «من املرجح أن يتسبب التباعد الـتـجـارى الـقـائـم فـى 2018 والتعريفات اجلمركية خالل 2019 فى تعزيز حالة عـدم اليقني وأن يستمر فى التأثير على خطط التجارة واالستثمار».
ويتمثل احلل املباشر فى إمكانية توصل واشنطن وبكني إلى اتفاق بحلول املوعد النهائى فى األول من مارس املقبل وإذا جنحوا فى ذلك فسوف يتم رفع السحابة املظلمة عن االقتصاد العاملى.
ولكن التهديد فى الوقت الراهن سيظل قائماً فى ظل التوترات وهو األمر الذى سيؤدى إلى كبح خطط توسع األعمال التجارية وبالتالى االقتصاد العاملى خالل .2019