مكاسب زيادة اإلنتاج العالمى لألغذية ال يتم تقاسمها بالتساوى
«فاينانشيال تايمز»: األمريكيون ينفقون %10 من دخلهم عىل الطعام مقابل %50 بالدول منخفضة الدخل
قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إَّن المجاعة أينما تحدث قادرة على إثارة المشاعر، وتصدر عناوين الصحف الرئيسية. كما تحظى باهتمام كبير بين أوساط السياسيين والناشطين فى جميع أنحاء العالم. وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الكوارث الطبيعية، ومنها الجفاف، والنزاعات اإلنسانية، ال تزال تؤدى إلى نقص فى الغذاء، األمر الذى يمكن أن يؤثر على الماليين، ويتسبب فى انتشار الوفيات وسوء التغذية. ورغم أن نقص الغذاء ليس مميتًا على الفور، فإنَّه قد يتسبب فى أضرار صحية مدى الحياة.
واخلبر السار هو أنه رغم النمو السكانى فى العالم، خالل العقود األخيرة، والضغوط العاملية املفروضة لتوسيع إمدادات الغذاء، فقد واصلت أسعار العديد من املواد الغذائية االنخفاض، األمر الذى يدعم تغذية ماليني الناس فى جميع أنحاء العالم.
لكَّن األخـبـار غير الــســارة، هـى أن املكاسب الناجتة عن هذا التوسع فى قاعدة إنتاج األغذية حول العالم ال يتم تقاسمها بالتساوى.
ففى معظم البلدان، انخفض حجم األمــوال التى ينفقها الناس كنسبة من دخلهم اإلجمالى فى العقود األخـيـرة، ما يسمح للسكان بإنفاق املزيد على األساسيات األخرى ووسائل الراحة فى احلياة.
ومع ذلك، ففى العديد من البلدان ذات الدخل املنخفض، ال تزال نسبة مشتريات األغذية تتجاوز
الدولة المتقدمة تنفق القليل على الغذاء مقارنة بحجم انفاق الدول الفقيرة
2004 إلى 2010 الثمانينيات %50 من إجمالى الدخل، ما يؤدى إلى الضغط على قدرة الفقراء على اإلنفاق، ويتركهم ُعرضة حلــدوث ارتـفـاع مفاجئ فـى األسـعـار فـى بعض السلع األساسية.
وحذر تقرير نشرته منظمة األغذية والزراعة، التابعة لـأمم املتحدة، الشهر املاضى، من أنه بعد فترة من التقدم فى محاوالت معاجلة اجلوع واملـجـاعـة فـى جميع أنـحـاء العالم فقد توقف التقدم، مؤخراً، فى بعض املناطق.
ذكر التقرير، أن األدلة ما زالت تشير إلى ارتفاع معدالت اجلوع فى العالم، وأن أعداد األشخاص الذين يعانون اجلــوع، تـزايـدت خـالل السنوات الثالث املاضية، إذ أصبحت عند املستويات التى كانت عليها قبل عقد من الزمن.
وتشير التقديرات، إلـى أن عـدد األشخاص املتأثرين بسوء التغذية، ارتفع من حوالى 804 ماليني شخص فى 2016 إلى قرابة 821 مليون شخص فى .2017
وكشف التقرير، أن الوضع يزداد سوءاً فى بلدان أمريكا اجلنوبية ومعظم مناطق أفريقيا، وباملثل يبدو أن اجتاه االنخفاض فى سوء التغذية الذى كان مييز دول آسيا حتى وقت قريب يتباطأ بشكل كبير. وأوضحت الصحيفة، أن النمط يختلف بني البلدان، ففى أوغندا على سبيل املثال، انخفضت نسبة اإلنفاق على شراء األغذية من %70 تقريباً فى الثمانينيات إلى أقل من %45 فى غضون ثالثة عقود حتى ،2010 كما تنخفض النسبة فى الهند وبنجالديش، وهما من أكبر بلدان العالم من حيث عدد السكان. وفى الواليات املتحدة، تراجع اإلنفاق على الغذاء من حوالى %18 إلى %15 فى العقود الثالثة املنتهية عام ،2010 ما ترك الكثير من النقدية فى جيوب األمريكيني إلنفاقها على احتياجات أخرى. وبحلول عام ،2014 أنفق األمريكيون %5 فقط من دخلهم على الطعام املستهلك فى املنزل، مع ما يقارب هذه النسبة من إنفاقهم خارج املنزل فى املطاعم ومنافذ الطعام األخرى.
وفى املقابل، تراجع إنفاق الفرد فى الصني على الغذاء، إذ انخفض من أكثر من %50 إلى %40 خالل الفترة نفسها.
وذكرت «فاينانشيال تاميز»، أن هذا التباين فى اإلنفاق على الغذاء فى جميع أنحاء العالم ال يزال مستمراً.
ففى البلدان الغنية، أصبح اإلنفاق على الغذاء جزءاً صغيراً من اإلنفاق األسرى األسبوعى، وال تزال التفاوتات الناجمة عن االختالفات الكبيرة فى الدخل تهدد اإلمدادات الغذائية ألفقر الناس فى أغنى البلدان، األمـر الـذى دفـع بلداناً مثل بريطانيا للتوسع فى خطط بنوك الطعام.
ورغم أن مسار أسعار العديد من املواد الغذائية على املدى الطويل، انخفض بشكل عام أو على األقل ظل ثابتاً لعدة عقود، فإَّن البيانات تظهر، أيضاً، ارتفاعات كبيرة ومدمرة للغاية.
ويشير ذلك إلى ارتفاع حاد فى أسعار السوق الــذى يهدد الـقـدرة على حتمل تكاليف السلع املختلفة أو على العكس من ذلك الهبوط واالنهيار فى األسـعـار الــذى يهدد دخــول املنتجني وسبل عيشهم.
وارتفعت تكلفة حلوم البقر والضأن بالقيمة احلقيقية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وفى املقابل انخفضت أسعار السلع األساسية الرئيسية مـثـل الـقـمـح واألرز، وهـــى املــصــادر األسـاسـيـة للكربوهيدرات لكثير من أفقر السكان فى العالم.