Al Borsa

عوامل تحدد الخطوات المقبلة لـ«الفيدرالى»

قد تجد فى املخطط النقطى للفيدراىل فى مارس تحوًال كبرياً عن املسار الحاىل لعدد الرفعات فى 2019 2020و

-

فتحت التغيرات اجلوهرية فى اإلشارات النوعية لالحتياطى الفيدرالى، بجانب تباطؤ النمو العاملى، الباب للبنوك املركزية األخرى (فى استراليا والهند على سبيل املثال) لتبنى سياسات أكثر طمأنة، رغم أن أسعار الفائدة فى أغلب الـدول عند مستويات منخفضة تاريخياً.

والسؤال اآلن ليس إذا كان «الفيدرالى» سيغير توجيهاته السياسية النوعية ومتى؟ وإمنا «ألى قدر سيغيرها؟» مع انتقاله من املسار احلالى لرفعني فقط فـى 2019 إلـى سيناريو جديد بعدم الرفع مطلقاً فـى ،2019 ثـم ميل كفة املخاطر لصالح اخلفض فى .2020

وســيــحــ­رك «الــفــيــ­درالــى» 4 عـــوامـــ­ل، حـتـى لو واصل االقتصاد األمريكى منوه القوى وتفوق على االقتصادات املتقدمة األخرى.

األول.. تـبـايـن الـنـمـو: كـمـا اتـضـح فــى منتدى االقتصاد العاملى املاضى فى دافوس فى سويسرا، حتول إجماع القادة االقتصادين­ي والشركات حتوالً ملحوظا نحو الـفـكـرة املقلقة للتباطؤ املـتـزامـ­ن، بعد اعتناق الكثيرين العام املاضى لفكرة االرتفاع املتزامن للنمو العاملى، وهـذا التباطؤ ليس النتاج األكثر ترجيحاً فى ،2019 وإمنا يواجه العالم، خاصة االقتصادات املتقدمة – فترة من تفاوت النمو بني أكر 3 مناطق: أوروبا، والصني، والواليات املتحدة.

وسيجبر تراجع النشاط االقتصادى فى أوروبا، بجانت ميل مـيـزان املخاطر بحدة نحو الهبوط، املتنبئني إلى خفض توقعاتهم للنمو، وبالفعل قامت املفوضية األوروبية وبنك اجنلترا املركزى بخفض توقعاتهما األسبوع املاضى.

وخفضت املفوضية توقعاتها ملنطقة اليورو لعام 2019 بنسبة كبيرة بلغت ،%0.6 مع خفض النمو ملعظم اقتصادات املنطقة مبا فى ذلك أكبر 4 دول هى فرنسا وأملانيا وإيطاليا وأسبانيا.

وتوحى نقاط الضعف املتزايدة واملتعمقة حول القارة، مبزيد من اخلفض فى التوقعات، وقد يهبط النمو اإلجمالى إلى أقل من %1 مع ركود فى أكثر االقتصادات هشاشة مثل إيطاليا.

وفى الوقت نفسه، خفض بنك اجنلترا توقعاتة لعام 2019 إلى ،%1.2 فيما يعد أبطأ وتيرة توسع فــى الـسـنـوات الـعـشـرة املـاضـيـة، متعلًال بضعف االســتــث­ــمــارات واالســتــ­هــالك نتيجة عـــدم اليقني االقـتـصـا­دى، وحـــذر محافظه، مـــارك كــارنــى، من تسبب «ضباب اخلــروج البريطانى» فى مزيد من ضعف املعنويات.

وفى الصني، تواصل مؤشرات مديرى املشتريات املتراجعة، تسليط الضوء على املعضلة السياسية املـتـزايـ­دة الـتـى تواجهها الـسـلـطـا­ت، إذ أصبحت التدابير القدمية، منها خفض االحتياطى اإللزامى للبنوك واإلقـراض املباشر األعلى، أقل فاعلية فى حتفيز النمو واكثر تسبباً فى التشوهات املالية وسوء توزيع املوارد.

ويتناقض كل ذلك بشدة مع الوضع األمريكى، فقد أكد تقرير الوظائف فى يناير استمرار القوة فى سوق العمالة، أهم محرك لالستهالك والنمو، وفى غياب إغالق حكومى آخر أو أى أخطاء سياسية مثل اإلشـارات املساء فهمها من الفيدرالى، سوف يظل النمو األمريكى قوياً.

والثانى.. العالمات على ضعف النشاط وإمكانات اإلنتاجية: باإلضافة إلـى الوتيرة املشجعة خللق الوظائف، قدم تقرير الوظائف األخير للفيدرالى مـؤشـرات على ضعف النشاط املتبقى فـى سوق العمل فـى صـــورة املـزيـد مـن االرتــفــ­اع فـى معدل مـشـاركـة العمالة والـــذى يشير إلــى عـــودة دخـول املزيد من األشخاص إلى سوق العمالة، أما العالمة األخرى متثلت فى ارقام منو األجور املتسقرة نسبياً، باإلضافة إلى اإلشـارات إلى ارتفاع اإلنتاجية بعد سنوات من النمو املنخفض. والعامل الثالث.. ضعف التضخم. فـال تنتظر مـن سـنـوات الضخ الهائل للسيولة من قبل البنوك املركزية وأسـعـار الفائدة شديدة االنـخـفـا­ض، أن تتسبب فـى أى ارتـفـاع مقلق فى األســعــا­ر يـوجـب املـزيـد مـن رفــع الـفـائـدة، وسـوف تواصل التغييرات الهيكلية العميقية فى طريقة النشاط االقتصادى، مبا فى ذلك التحول الكبير فى االستجابة للمعروض، كبت أى ضغوط تضخمية، وال ينبغى أيضاً أن ننتظر صدمة فى أسعار السلع بسبب حتسن إدارة املخزونات وتوافر اإلمدادات البديلة فى مجاالت معينة (مثل البترول). والعامل األخير.. اتكالية األسواق: وذّكرت االضطرابات السوقية فى الربع األخير من العام املاضى، «الفيدرالى» بأن التصورات غير الكافية للمستثمرين عن املوقف السياسى احلساس، ميكن أن تشعل اختالالت فنية فى أسعار األصول وتزيد مخاطر عدوى االقتصاد احلقيقى، وتذهب تـداعـيـات ذلــك إلــى اكـثـر مـن التحول الكبير فى املواقف واملشهود فى اجتماع جلنة السوق املفتوح السابقة والتى آثرت الصبر بشأن رفع أسعار الفائدة واملرونة فى تقليص امليزانية.

ومن الناحية الفنية، تعزز هذه العوامل الـ4، فكرة أن «الـفـيـدرا­لـى» يقترب مـن أو وصـل بالفعل إلى نطاق سعر الفائدة املحايد (وهو املعدل الذى يدعم االقتصاد عندما يكون فى حالة العمالة الكاملة واإلنــتــ­اج بأقصى طاقة بينما يحافظ على ثبات التضخم)، وإذا لم يكن هذا هو الواقع فعلياً، فسوف يكون ذلك جزء من تصورات الفيدرالى على األقل فى الوقت احلالى.

وبالتالى، قد جتد فى املخطط النقطى للفيدرالى (الذى يصدر شهرياً ويوضح توقعات املسئولني فى املركزى األمريكى لوتيرة رفع الفائدة) فى مارس حتوالً كبيراً عن املسار احلالى لعدد الرفعات فى 2019 ،2020و ولكنه لن يشير إلى خفض للفائدة الـعـام املقبل، ولكن هــذا سيأتى فـى مخططات نقطية الحقة، عندما تواصل أوروبا والصني املعاناة لتبنى مواقف سياسية أكثر دعما للنمو، ولكن إذا تسببت الواليات املتحدة فى أى جراح اقتصادية لنفسها، أو فشلت فى إقناع الصني بتقدمي تنازالت ذات معنى فى التجارة، ففى هذه احلالة سيأتى خفض الفائدة فى وقت أقــرب، وأنـا شخصياً ال أتصور أن ذلك سيحدث.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt