Al Borsa

االقتصاد والتوحد ‪»Economy and Autism«‬

- بقلم: إبراهيم مصطفى خبير اقتصاد واستثمار وتطوير أعمال وما نبغى إال إصالحا وتوعية..

الشك أن قطاع الصحة من أهم القطاعات احليوية ضمن محاور التنمية املستدامة، ويحتل نسبة كبيرة من إنفاق األسر إلى جانب التعليم والغذاء والشرب واملسكن بالنسبة للطبقة املتوسطة، وميثل تهديداً كبيراً على ذوى الدخول املحدودة والفقراء.. فى ظل عدم قدرتهم على حتمل نفقات العالج مع تنوع األمراض وانتشار الفقر ومحدودية الدخل، وفى ظل مستوى اخلدمات الصحية املتدنية من خالل منظومة التأمني الصحى احلالية، حتى وإن كانت الدولة أعلنت مؤخراً تبنيها ملنظومة تأمني جديدة، لكنها لن تؤتى ثمارها حالياً.

لـــذا دعمتها الــدولــة مبـــبـــا­درات رئـاسـيـة ترجمت حلمالت على أرض الواقع سواء من خالل إلغاء قوائم االنـتـظـا­ر وكـذلـك حملة 100 مليون صحة ألمــراض فيروس سى والسكر والكوليستر­ول.. والدعوة ملمارسة الرياضة لتقليل األوزان.. ال نقلل من جهود الدولة فى إصالح هذا القطاع احليوى.

فعلى مستوى اإلنفاق احلكومى على الصحة فقد أظهرت بيانات اجلهاز املركزى للتعبئة العامة واإلحصاء، أن نسبة اإلنفاق على الصحة بلغت %4.5 فى املوازنة العامة للدولة فى ،2018-2017 ولكن هل هذا كاف لتطوير منظومة صحية لبلد ميثل الفقراء فيها نحو

..%30 لبلد تتسم بانخفاض مستويات الدخول، مقارنة باالرتفاع الرهيب فى االسعار منذ التعومي.. أسئلة كثير تطرح نفسها ولن جتد لها إجابة إال من خالل شراكة حقيقية بني الدولة ومؤسسات املجتمع املدنى والقطاع اخلاص.. فهى معادلة حتتاج إلى حل.. وهذا لن يتأتى إلـى بتطوير القطاع الصحى عموماً.. ورفـع مستوى االستثمار فيه مبا يعود على املواطن الفقير واملتوسط باإليجاب.. فتوفير التأمني الصحى للجميع وضد جميع األمراض أمر مهم للغاية.. فصحة املواطن وتعليمه على قمة األولويات فى طريق التنمية املستدامة.

وهنا نظر إلــى مــرض ال يعرف الكثير عنه أو يشعر الناس بــه.. فمن لديهم مريض فى العائلة لديه هذا املرض وكغيره من األمراض غير الشائعة يشعر باحلرج من احلديث عنه.. وهو مرض التوحد لدى األطفال، وما يسببه من توتر واكتئاب عائلى لدى أولياء األمـور، مما يضطرهم إلى حتمل عبء نفسى كبير جتاه التحفيف عن ابنائهم ممن لديهم هذا املـرض، فيكف أن الروشتات التى قد توصف فى املرة الواحدة إلجراء حتاليل أو أدوية قد تكلف تلك األسـرة نحو 10 آالف جنيه فى املـرة الواحدة أحياناً، بل أن هناك أنـواع حتاليل يصل ثمنها إلى

800 دوالر فى املرة الواحدة وال يتم هذا التحليل إال فى اخلارج بإرسال عينات مع إضافة +100( دوالر شحن).. وهذه التحاليل يجب توفيرها فى مصر.. فهناك أسر باعت بيوتها من أجل عالج أبنائها، فمن يقدر على دفع هذا املبلغ من األسر طيلة فترة العالج ليس بالكثير، هناك أسر قادرة وأسر ال تقدر.

فلماذا ال يتم توفير هــذا الـعـالج فـى مصر لغير الــقــادر­يــن أو الـسـمـاح لـلـقـادري­ـن بـشـرائـه إلكترونياً وشحنه مثلما يتم فى شراء أى سلعة أون الين وشحنها للمستفيد، مع تخفيض اجلمارك عليها، رأفـة بحال األسـر حلني توفير العالج داخلياً، وهنا تكون روشتة من الدكتور مختومة ومعتمدة هى األسـاس ملن يقدر حلني قيام الدولة بتوفيره للجميع بسعر معقول، مثلما حدث مع مرضى فيروس سى، وهذا يترتب عليه عمل احصائية عن حاالت هذا املرض وغيره من األمراض املنتشرة دون أن يسلط عليها الضوء، ملاذا ال يكون هناك مستشفيات متخصصة ملثل هـذه احلــاالت أو أقسام متخصصة داخل املستشفيات.

منظومة الصحة يجب أن يكون لها استراتيجية منبثقة من الواقع سـواء للمستشفيات أو األدويــة أو األطباء أو التمريض، فهى منظومة متكاملة.

املواطن يرغب فى منظومة صحية وتعليمية متميزة إلى جانب ما تقوم به الدولة من جهود على مستوى البنية األساسية واملرافق، وستظل هناك أمراض غير شعبوية وأمــراض من نوع خـاص.. حتتاج إلى اهتمام أيضاً، فمريض التوحد يحتاج معاملة خاصة ورعاية خـاصـة أيــضــاً، وهــنــاك حـــاالت كثيرة شفيت نتيجة تخصص بعض األطباء فى هذا املـرض وإيالئه نوعاً خاصة من الرعاية والعالج سـواء نفسياً أو طبياً أو غذائياً.. حتى نوع الغذاء له أهمية مع مريض التوحد.. كيفية املعاملة النفسية له.. كلها مع بعض إذا ما أديرت جيداً وبضمير ستخلق أمًال جديداً أمام مثل هؤالء.

ال فــصــل بـــني الـتـنـمـي­ـة االقــتــص­ــاديــة املـسـتـدا­مـة والقطاعات التى متس املواطن، فأساس هذه التنمية املستدامة املواطن.. وهو أساس العقد االجتماعى بني الدولة والشعب فى تفويض السلطات.. املواطن السوى املتعلم جيداً يعد من أصـول الدولة احليوية وأساس نهضتها.. فالبشر هم أساس االختراعات وهم أساس التطور واإلصالح والتنمية..

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt