Al Borsa

ما هى عواقب سياسات «بايدن» االقتصادية

الحكومة األمريكية عازمة عىل اتباع تجربة مالية ضخمة غري مشهودة منذ الحرب العاملية الثانية

-

يتبع الرئيس األمريكى جو بايدن، استراتيجية مختلفة جذريا القتصاد بالده عن السياسات السائدة منذ إصالحات السوق احلرة التى أجراها الرئيس األسبق رونالد ريجان قبل عاما، إذ تعتزم اإلدارة األمريكية إتـبـاع جتربة مالية ضخمة قائمة على خطط لالقتراض واإلنفاق العام بشكل لم يُرى منذ احلرب العاملية الثانية، وسيشهد عليها العالم بأسره.

وإذا ثبتت صحة خطط «بايدن» للتعافى من الوباء، فستظهر أنه ميكن إعادة بناء االقتصاد بشكل أفضل بعد تداعيات الوباء، وأن االقتصادات املتقدمة كانت مهووسة بالتضخم بشكل مفرط على مدار الثالثني عاما املاضية. كما أنـه سيعيد احلكومة إلـى قلب اإلدارة االقتصادية اليومية.

وإذا نُـفـذت اخلـطـة، فإنها ستظهر أن العقود األخــيــر­ة شـهـدت أمـــورا غير ضــروريــة تسببت فى معاناة ماليني من البطالة غير الضرورية، وتعطيش العديد من املجاالت التى حتوى فرصا هامة لتحسني مستويات املعيشة، فضال عن اتساع أوجه التفاوت.

لكن إذا فشلت اإلستراتيج­ية، وانتهت بنشاط اقتصادى محموم وتضخم مرتفع وعــدم استقرار مالى واقتصاديات السبعينيات، فإن جتربة الواليات املتحدةلعا­م ستُسجلكواحدةم­نأكبرأهداف صنع السياسة االقتصادية منذ محاولة االنعاش الفاشلة التى أتبعها الرئيس الفرنسى السابق فرنسوا ميتران عام

وتــؤكــد اإلدارة األمـريـكـ­يـة اجلـــديــ­ـدة، أن خطة التحفيز هى امتداد لـ «اقتصاد الضغط العالي» الذى دعت إليه جانيت يلني عام عندما ترأست «االحتياطى الفيدرالي»، والذى كان ردا على االنتعاش الذى ال يذكر بعد األزمة املالية العاملية.

وتعتقد اإلدارة أن هذه هى أفضل طريقة لضمان التعافىالك­املمنأزمة معقليلمن الندوب الدائمة.. لكن اآلن مع تولى «يلني» منصب وزيــرة اخلـزانـة األمريكية، أصبح الشعار اجلديد «تصرف بقوة».

توقعات النمو تركت اخلطط املتنبئني االقتصادين­ي فى مأزق، إذ أوصـى صندوق النقد الدولى ومنظمة التعاون االقـتـصـا­دى والتنمية بسياسة مالية أكثر مرونة لـلـمـسـاع­ـدة فــى الـتـعـافـ­ى االقــتــص­ــادي، لـكـن هـذه السياسات لم تظهر حتى اآلن فى ظل نطاق خطط الواليات املتحدة.

وفــى الــوقــت نفسه، تـوقـع مكتب املـيـزانـ­يـة فى الكوجنرس، بالفعل، منو االقتصاد األمريكى بسرعة كافية هذا العام الستعادة مستويات ما قبل الوباء بحلول الصيف، كما توقع تعافى االقتصاد األمريكى من كافة التداعيات الناجتة عن اجلائحة بحلول عام

بدون ندوب دائمة. وإذا كانت خطط التحفيز التى وضعها الرئيس السابق دونالد ترامب كافية لتعويض املفقود، فإن السؤال املطروح اآلن هو ما الذى سيحققه التحفيز اإلضافى إلدارة بايدن، والبالغ نسبته من الدخل القومي. ولم يوضح مكتب امليزانية رأيه بعد.. لكن األكــادمي­ــيــني واالقـتـصـ­اديـني مــن الـقـطـاع اخلــاص يـتـخـذون موقفا بشكل مـتـزايـد، إذ تشير تقارير «كابيتال إيكونوميكس» بشكل إيجابى إلى أن املتنبئني املستقلني رفعوا توقعاتهم بشأن النمو االقتصادى األمريكىلع­امى معتضخمإضاف­ى بالكاد.

وتعتقد كبيرة االقتصادين­ي لدى «مورجان ستانلي»، إلني زينتنر، أن سياسات اقتصاد الضغط املرتفع سيرفع الناجت االقتصادى األمريكى بحلول نهاية العام املقبل بنحو فوق املستوى الذى حددته قبل األزمة، وافترضت أن االحتياطى الفيدرالى لن يسعى إلى كبح جماح معدالت النمو السريع. ويعتبر التناقض مع األزمــة املالية العاملية لعام

صـــارخ، ففى العقد الـــذى تـال تلك األزمـة، لم يتمكن االقتصاد األمريكي، بجانب كافة االقتصادات املتقدمة األخرى تقريبا، من العودة إلى مسارات ما قبل األزمة.

أصوات متشككة يخشى األوروبــي­ــون من وقــوع منطقة الـيـورو فى مكانة بعيدة عن الواليات املتحدة مرة أخــرى، من حيث اإلجراءات والنتائج السياسية.

ويــقــول إريـــك نيلسن، كبير االقــتــص­ــاديــني فى «يونكريديتو»، إن أوروبا أصبحت تعانى من اخلوف، فى ظل الدعم املالى لالحتاد األوروبى الذى يقارب نصف حجم الدعم املالى فى الواليات املتحدة، مما قد يؤدى إلى منو أوروبى ضعيف يدوم من ثالثة إلى خمسة أعوام مقارنة بالواليات املتحدة.

ويصطف على اجلانب اآلخر من احلجة العديد

من االقتصادين­ي الذين كانوا حتى اآلن أكثر املؤيدين صراحة لالقتراض واإلنفاق العام، فقد أمضى وزير اخلزانة السابق الرى سمرز معظم العقد املاضى فى التحذير من الركود املزمن، الذى يشير إلى أن االقتصادات املتقدمة كانت عالقة فى مأزق شبه دائم وحتتاج لتحفيز إضايف.

ويخشى بعض االقتصادين­ي من أن هذه األصوات املتشككة، ستثنى أوروبا عن تبنى حوافز مالية يُعتقد أنها حتتاجها للتعافى الكامل من الوباء.

أهداف ضعيف فى حني يُنظر بالتأكيد إلى بعض التضخم على أنه ميزة لإلصالح، إذ يساعد على تنشيط عجالت االقتصاد احلديث، هناك أيضا نقاشا حول ما إذا كان التضخم، على أى حال، على وشك االرتفاع.

ويشعر مانوج برادهان، مؤسس مؤسسة «توكينج هيدز مايكروإيكو­نوميكس»

بالقلق من أن الديناميكي­ات التضخمية قصيرة األجل خلطة بايدن ستتحد مع الضغوط التصاعدية طويلة األجـل املفروضة على األسعار، والتى ستنتج عن شيخوخة السكان الذين يستهلكون أكثر وينتجون أقل.

ويـقـول بــرادهــا­ن: «حتى قبل إعــالن بـايـدن عن خطته، بدت الواليات املتحدة وكأنها مكان تضخمى على أى حال»، مشيرا إلى أن ما يحدث فى الواليات املتحدة ميكن تصوره. فـإذا قـادت السياسة املالية التحفيز وأصبح التضخم مقبوال فى البالد، فإنه يعطى بذلك الضوء األخضر لباقى العالم.

ويشعر االقتصاديو­ن املنتمون إلى كافة الفصائل بالقلق أيـضـا مـن أن خطة «بــايــدن» ذات أهــداف ضعيفة وال تركز تقريبا على حتسني إمكانات النمو املستقبلى بالشكل الـذى يرغبون فيه، لكنها تركز بشدة على إرسال الشيكات إلى العائالت التى حتتاج إلى أموال للتصدى إلى تداعيات الوباء.

وقـــال رانــــدال كــروســزن­ــر، محافظ االحتياطى الـفـيـدرا­لـى الـسـابـق، إن احلــوافــ­ز املـالـيـة الكبيرة لالستجابة إلى تداعيات الوباء تعتبر أمرا جيدا.. لكن الدين الناجت عنها له تكلفة ستسددها األجيال القادمة.. لذا من املهم للغاية التأكد من وجود عائد لذلك اإلنفاق.

ويحذر اآلخرون من أن أوروبا ال ميكنها ببساطة اتباع نفس نهج الواليات املتحدة، ويرجع ذلك إلى أنها ال تتمتع بنفس إمكانية الوصول إلى التمويل، فضال عن الشكوك حول إمكانية إعادة بناء االقتصاد بشكل أفضل من خالل االقتراض واإلنفاق.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt