Deutsche Welle (Arabic Edition)

"نوسيبو".. التوأم الشرير لتأثير الدواء الوهمي "بلالالالال­الاسيبو"

-

2024/4/2٢ أبريل ٢٠٢٤

هل سمعت عن تأثير الدواء الوهمي، وهي الحالة التي يجعلك التفكير الإيجابي تعتقد خلالها أن أدويتك فعالة؟ حسنا .. "نوسيبو" هي قوة التفكير السلبي وما ينتج عنها من آثار جانبية، أي أنها الحالة المعاكسة بتاثير سلبي.

"قد تصادف شخصا ما يقول لك: "يا إلهي، شكلك يبدو مريعا .. هل ستمرض؟".. ثم فجأة تصبح كذلك".

تتذكر شارلوت بليس هذه الكلمات التي قيلت لها خلال رحلة بحافلة في أيرلندا، من بلفاست إلى دبلن. تضيف: "أحيانا قد تكون لديك شعور بأنك ستمرض، وتزيد مثل هذه الكلمات من الأعراض."

عملت بليس كباحثة في مجال الصحة في جامعة أوبسالا في السويد، وهي أحد مؤلفي كتاب "تأثير النوسيبو: عندما تجعلك الكلمات تمرض". خلال الرحلة شعرت بالغثيان بسبب حالة دوار. كانت تحاول تشتيت انتباهها بأي فكرة أخرى، وكانت تعرف أنه إذا قاطعها شخص ما، فإن ذلك سيحفز تأثير النوسيبو.

قالت بليس لـ :DW "تأثير النوسيبو (بالإنجليزي­ة (Nocebo هي النتائج السلبية

أ على الصحة التي تنشأ عن توقعات سلبية بحدوث أمر ما"، مضيفة أنه أمر يمكن أن يزيد من مشاعر الألم والقلق والغثيان والتعب. النوسيبو.. ليس البلالالال­الالاسيبو يمكن أيضا تًعريف تأثير النوسيبو بأنه الصورة السلبية المعاكسة لتأثير البلاسيبو .(placebo)

تخيل تجربة طبية يتم فيها إعطاء مجموعة من الأشخاص دواء حقيقي لعلاج الصداع، بينما تحصل المجموعة الأخرى على حبوب تحتوي على سكر، من دون مكون نشط.

عندما يُبلغ المرضى في المجموعة الثانية عن تراجع ألم الصداع لديهم، يقول الأطباء إن المرضى في هذه الحالة يعانون من تأثير البلاسيبو، لأنهم اعتقدوا أنهم يتناولون مسكنات الألم، مثل المرضى في المجموعة الأولى، وأن التفكير الإيجابي أدى إلى نتيجة إيجابية في علاجهم.

والبلاسيبو ظاهرة معترف بها طبيًا. وعلى جانب آخر، يكتسب تأثير النوسيبو تدريجيا اًعترافًا مماثلاً من قبل الخبراء والمتخصصين الصحيين، باستثناء أنه الأمر المعاكس تماما،ً أي عندما يؤثر التفكير السلبي على النتائج بشكل سلبي.

تأثير النوسيبو: كوفيد والتردد في تلقي التطعيم

خلال جائحة فيروس كورونا، وجد الباحثون أن توقعات الأشخاص قبل تطعيمهم ضد كوفيد-19 يمكن أن ترتبط بكيفية شعورهم بعد ذلك.

نظر فريق من العلماء من إسرائيل والمملكة المتحدة إلى بيانات مجموعة من 756 بالغًا إسرائيلياً تتجاوز أعمارهم 60 عامًا، تلقى كل منهم جرعة معززة - ثالثة ضد كوفيد-.19

وقال ياكوف هوفمان، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ في قسم العلوم الاجتماعية والصحية في جامعة بار إيلان في إسرائيل: "قمنا بقياس التردد في تلقي التطعيم - سواء النفور أو التوقعات السلبية تجاه التطعيم - وعدد الآثار الجانبية التي تم الإبلاغ عنها بشكل موضوعي".

وأشارت النتائج التي نشرت في مجلة ‪Scientific Reports 2022‬ في ديسمبر 2022 إلى أن الأشخاص الذين كانت لديهم توقعات سلبية قبل جرعتهم الثانية كانوا أكثر عرضة لتجربة الآثار الجانبية بعد جرعتهم الثالثة.

وقال هوفمان لـ :DW "كلما زادت القلق حول التطعيم، وسلامته، وآثاره الجانبية، زادت فرصة التعرض للآثار الجانبية بالفعل".

أضاف هوفمان أنه عندما يتم دمج تأثير النوسيبو والتردد في تلقي التطعيم، فإن ذلك يسمح بالدخول في دائرة مفرغة: فالشخص الذي يتردد في أخذ التطعيم، ربما لأنه قرأ عن الآثار الجانبية عبر الإنترنت، سيكون أكثر عرضة لمواجهة الآثار الجانبية .. بالتالي سيتم تسجيل هذه الآثار الجانبية ويتم رصدها والإبلاغ عنها من قبل الطبيب الخاص. وهذا، بدوره، سيسهم في المزيد من التغطية الإعلامية وإلقاء الضوء على الآثار الجانبية، وبالتالي زيادة عدد الأشخاص الذين يشعرون بالتردد تجاه تلقي التطعيم... وهكذا.

كيف يتعامل النوسيبو؟

عند التحدث إلى المرضى دون أن يتم تفعيل تأثير النوسيبو فقد يشكل ذلك تحديا.ً

تقول بليس: "الأطباء ملزمون بعدم إيذاء المريض، أو التخفيف من الضرر إذا كان ذلك ممكنًا، ولكن لديهم أيضًا التزام بقول الحقيقة".

يقول هوفمان إنه في حالة إعطاء لقاح يترافق مع حدوث آثار جانبية طفيفة نسبيًا، فمن الممكن حينئذٍ أن يكون من المنطق مواجهة تأثير النوسيبو مباشرة. ويقول موضحا:ً "ربما من الأفضل تسمية الأشياء بأسمائها والقول إن هناك نسبة معينة من الآثار الجانبية التي يشعر بها الشخص وهي تأثيرات النوسيبو. مما يعني أنك تعاني من هذه الآثار الجانبية حقًا، ولكن حدوثها لا يدل بالضرورة على وجود خطر".

ومع ذلك، أكد هوفمان أن هذا كان مجرد تخمين وأنه كان هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتوفير أدلة قوية في هذه المسألة.

أهمية طريقة تواصل الألأطباء مع المرضى

يتفق خبراء آخرون في المجال الصحي على أن الطريقة التي يتواصل بها الأطباء مع المرضى يمكن أن تساعد في منع تأثيرات النوسيبو.

وفي هذا الصدد تقول أولريكا بينجيل، أستاذة العلوم السريرية العصبية، والتي ترأس وحدة بحث حول الألم في مستشفى جامعة إيسن في ألمانيا إن "كيفية حديث الأطباء مع المرضى يمكن أن تؤثر على نتائج العلاج".

أضافت بينجيل: "حتى الآن، كان يُنظر إلى التواصل في الغالب على أنه محاولة لجعل المريض يشعر بالراحة.. نحن بحاجة إلى وعي أعلى بمدى أهمية هذا التواصل.

عندما يتعلق الأمر باللقاحات، على الألأطباء

مع تأثير

سبيل المثال، يُطلب من الأطباء الكشف عن أي آثار جانبية محتملة.

ولكن بدلا مًن سرد قائمة بالآثار الجانبية التي قد تخيف المريض، ترى بينجيل إن الأطباء ينبغي أن يذكروا هذه الآثار الجانبية على أنها علامة على أن الجهاز المناعي يعمل بشكل جيد.

أضافت أنه بهذه الطريقة، قد يكون لدى المريض توقعات سلبية أقل ويعاني من آثار جانبية أقل أو قد تكون أقل وضوحا.ً النوسيبو .. وتطور البشر ولكن كيف يمكن للأفكار السلبية في عقولنا أن تؤثر على ما يحدث في أجسامنا؟ أولا،ً من المهم فهم أن تأثير النوسيبو حقيقي. إنه ليس أمر في مخيلة المريض أو الشخص التشاؤمي.

قالت بينجيل لـ:DW "تشتمل تأثيرات النوسيبو والبلاسيبو على عمليات علمية عصبية معقدة" ... "عندما تتعرض لتأثير النوسيبو، يتوقف جسمك عن ضخ مسكنات الألم .. يتلقى دماغك مزيدًا من الإشارات العصبية وتشعر بمزيد من الألم".

المشكلة هي أن الباحثين لا يستطيعون تفسير لماذا يحدث هذا حتى الآن، ولكنهم يعتقدون أن الأمر قد يكون له علاقة بتطورنا كبشر.

تقول بينجيل: "كان من المهم أن تتعلم أجساد أسلافنا من تجربة التواصل مع حيوان بري أو نبات سام" .. " بهذا الشكل فإن الجسم يكون مستعدًا لما قد يحدث في المرة القادمة."

بعبارة أخرى، كانت توقعات الإنسان البدائي السلبية ستقوم بإعداده في حالة اضطراره للهروب للنجاة بحياته. قالت بليس: "قد يكون تأثير النوسيبو بقايا من الماضي" .. "لكن هذا لا يتناسب مع البيئة الطبية الحديثة التي نعيش فيها اليوم."

أعده للعربية: عماد حسن

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Germany