Al-Anbaa

عـودة إلى اللــه انتحار

-

يروي هـــذه الواقعة رئيس لجنة بشـــائر الخيـــر عبدالحميــ­ـد البلالي قائلا:

ما أجمل الحياة لو كان الانســـان يعرف كيف يعيش فيها!

ما أجمل الحياة لو استطاع الإنسان ان يتوافق مع فطرته التي فطره الله عليها!

ما أجمل الحياة لو أعطى الإنسان كل ذي حق حقه!

ما أجمل الحياة لو حقق الإنسان ما خلقه الله من أجله!

هذه الحياة على بساطتها أخطأ فهمها معظم الناس.

ففي نظر الكثير من الناس الحياة ما هي الا متعة يجب قضاء كل لحظة فيها قبل فوات الأوان.

وفي نظر الكثير من الناس ان هذه الجوارح التي وهبها الله للإنسان يجب استهلاكها بهذه المتعة الحرام!

وقليـــل من الناس هم الذين فهموا هذه الدنيا ومعادلتها، أدركوا انها دار اختبار، خلقهم الله فيها من أجل غاية محددة وهي العبادة، وخلق لهم هذه الجوارح لتعينهـــم على تحقيق ذلك الهدف، ولم يحرم عليهم متع الحياة، مادامت في الإطار الذي حدده هو لهم، لا ما حددوه هم لأنفسهم، وبين لهم ان السعادة تكمن فيما حدده هو لهم، وان الشقاء بمخالفته فيما أمر، وباستخدام الجوارح في غير الطريق الذي أمر.

المدمنون جزء من شـــريحة هؤلاء الناس الذين ضلوا الطريق، وظنوا ان المتعة فـــي مخالفة ما أمر الله تعالى، واستخدموا جوارحهم بتغير ما أمر الله ظانين ان ذلك سيجلب لهم المتعة، وما أدركوا ان ذلك يجلب لهم الموت.

نعم الموت هو نهاية المصرين على المخدرات.

وهذا يعني ان كل واحد منهم اختار طريق الانتحار.

وما صاحب قصتنـــا الا واحد من هؤلاء المنتحرين.

عرفني به أبو سعد أحد أعمدة بشائر الخير وأخبرني بأنه كان صاحبه في طريق الإدمان، وصاحبـــه في عنابر الإدمان في الســـجن المركزي، وقد بدأ هذه الأيام الطريق الى التوبة.

كان أبو سعد فرحا بقدوم صاحبه لنا، وسلوكه طريق التوبة، وقد كان حريصا على هدايته.

فتحنا له أبواب بشائر الخير، وأتحنا له العمل معنا، وبدأ يتفاعل معنا، ويزداد التزاما يوما بعد يوم، وفرح أبوه فرحا كثيرا، وأخوه الذي يصغره والذي كان ملتزما، بل فرح كل أفراد أسرته.

جلـــس معي مـــرة، وحدثني كيف حولتـــه المخدرات الى وحش كاســـر مجرد من أي شعور آدمي، وكيف كان يتعامل مع زوجته، وأبنائه الصغار، حتى ان ولده الصغير الذي لا يتجاوز الخمس سنوات، دخل عليه يوما يريد اللعب معـــه، وكان في حالة اللاوعي، بعد تعاطيه إبـــرة الهيروين، فطرده من الدار، ولكن الطفل أصر على اللعب معه، فما كان منه الا أن أمسك برأسه وفتح فاه باصبعيـــه وأدخل زجاجة الخمر فيه وأشربه رغما عن أنفه، فما كان مـــن الطفـــل الا ان وقع غائبا عن الوعي، ولم تؤثر به هذه الحادثة، بل هذه جريمة صغيرة تتضاءل مع الجرائم التي يقترفها المدمن مع زوجته وأبنائه ووالديه وأقاربه والناس أجمعين.

كان يحدثني عن هذه الحادثة وهو نادم عليها، بل ويتذكرها بحسرة.

استمرت علاقتنا معه وطيدة، حتى بدأ التخلف في حضوره للأنشـــطة، فشممنا رائحة الانتكاسة.

بل وتأكدنا منها، فقررنا مقاطعته ليشعر بغضبنا عليه وبعد فترة ندم على ذلك، وعاد الينا ثانية واستمر معنا على هذه الحالة، حتي طلب منا مساعدته في الزواج مـــن زوجة جديدة بعد ان طلق زوجته الأولى، فساعدناه على ذلك وذهبت شاهدا مع أبي سعد في وزارة العدل، واحتفلنا احتفالا صغيرا بزواجه، ما لبثنا ان أعددنا له حفلة زواج أكبر منها ودعونا الجميع لحضورها، فقد كانت فرحة من فرحات جمعية بشائر الخير بأحد أبنائها التائبين ومرت سنة كان يعيش فيها أجمل أيام حياته، ورزق من الزوجة الجديـــدة بمولود جديد، واستمرت حياته على وتيرة واحدة، حتى حصل من أبيه على حقه من بيع عقار قديم مبلغا كبيرا، فعاد الشيطان زائرا مـــرة ثانية ليغريه بالعودة الى الماضي الحزين، ولبى للأسف الشديد دعوة ابليس الذي أقنعه بالهجرة الى احد بلاد المغرب العربي ليشتري عقارا ويتزوج من هناك، ليستمر بالتعاطي في بلد يغـــرق بالمخدرات، وفعلا نفذ مـــا أراد منه ابليس، وســـافر دون ان يخبرنا، تـــاركا زوجته من غير عائل يعولهـــا، ووصلت لنا الأخبار التي لا تبشر بخير، فقد اقترن بواحدة ما كانت تريد منه الا المال.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait