Al-Anbaa

ما معنى» شيخان« الفارسي.. ولماذا لم يأكل في القصر؟

- comhotmail. sbe@s. سالم إبراهيم السبيعي

كعادتي في شهر رمضان المبارك، أتوقف عن الكتابة، والقراءة، وأغلق ديوانيتي، تكريما وتشريفا لهذا الشهر الكريم، طمعا في زيادة الأجر والثواب، والابتعاد عن الشبهات والقيل والقال، لكن هذه السنة غير، فقد تجمعت الأحداث في أيامه المعدودات (انتخابات البرلمان الكويتي، أحداث مصر المؤلمة.. وغيرهما) أحداث تجعل الوليد ينطق، والأمي يكتب، ويسيل لعاب القلم ليفرز حبره على الورق، لكن إخواني الكتاب والصحافيين »كفوني الكلام عند التحدي« وكفوا ووفوا وغطوا كل الأحداث، لكن وفاة العم شيخان أحمد الفارسي يرحمه الله، هزت مشاعري، وأعادت لي روح أيام خلت، (أوائل الستينيات) عندما كنت أسير مع والدي يرحمه الله في أحد أسواق الكويت القديمة، وإذ بلوحة على أحد المتاجر كتب عليها »شيخان أحمد الفارسي « حاولت أن أقرأها وأتهجى كلماتها وأنا تلميذ في المرحلة الابتدائية، ووالدي يرقب منتظرا ردة فعلي، واستغرابي من الاسم، لكني كتمت الأمر في نفسي خوفا من كشف جهلي بالقراءة، لكن الوالد ابتسم وأمرني بقراءة الاسم جهرا وبصوت عال، فقرأته، فرد سائلا: ماذا فهمت مما قرأت؟ قلت وبراءة الأطفال على لساني: فهمت أن »شيخان « من كتبها وقع في خطأ إملائي، فأجاب الوالد رحمه الله: ربما.. سأشرح لك هذه التسمية، كان الشيخ أحمد الفارسي يرحمه الله شيخا من شيوخ الدين في الكويت وكان رحمه الله ورعا يلجأ إليه أهل الكويت ليستمعوا لخطبه، وروايته لسيرة الرسول ژ، وعند ذكره للأحاديث النبوية كان يختمها بقوله: رواه »الشيخان « البخاري ومسلم، فتلذذ لسانه بهذا اللفظ »الشيخان « فأسمى ابنه »الشيخان « لكن وجود الألف واللام كان يعيق سهولة النطق فاكتفي بـ »شيخان «.. رحمك الله يا شيخنا الجليل أحمد الفارسي فقد تركت الدنيا بعلم ينتفع به، وأبناء يدعون لك (وكل أبناء الكويت أبناؤك ويدعون لك) والشيء بالشيء يذكر. وبمناسبة الانتخابات والديموقرا­طية في الكويت وشفافية العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبأسلوب المواطن الصالح في الاعتراض على شيء ما في إدارة البلد يضرب لنا شيخنا الفاضل رحمه الله أروع المثل في توصيل المعلومة لولي الأمر بكلمة طيبة ومجادلة حسنة، فقد كلفه الأمير الراحل الشيخ سالم المبارك الصباح بتدريس ابنه (أمير الديموقراط­ية) الشيخ عبدالله السالم، ولاحظ الشيخ سالم أن الشيخ أحمد الفارسي لا يأكل ولا يشرب مما يقدم له في القصر فتعجب وسأله فرد الشيخ أحمد الفارسي: الطعام فيه شبهة »ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام « كما جاء بالحديث النبوي، فزاد شغف الشيخ سالم الصباح لمعرفة القصد، فشرح له الشيخ الفارسي بأن الجمارك تأخذ الضرائب دون مساواة، فتأخذ من هذا ١٠٪ ومن الآخر ٥٪ وهذا ليس عدلا وفيه ظلم للعباد، عندها شكره الأمير على هذا النصح، وأمر بتوحيد الضريبة الجمركية ٤٪ للجميع، هذا هو أسلوب أهل الكويت في النصح، وهذا طبع ولاة الأمر فيها بقبول النصح، وهذه هي الديموقراط­ية التي لا تدون في دساتير.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait