Al-Anbaa

التاريخ لا يرحم

- comwindows­live. ٨٦@tareq. freahal_ tareq_@ طارق الفريح

الشخص المنغلق على نفسه والذي يعيش في الظلام يرتاب من النور ولو كان ضئيلا، تماما كما المجتمع العربي، فهو مجتمع يعيش منذ نشأته وفق أطر ونظم عقلية وشعورية محددة وضيقة، يخاف من أن يطلق العنان لمشاعره وعقله ليمارسا دورهما الطبيعي، لأنه في تلك الحالة سيضخ العقل الكثير من الأفكار الجديدة، وسيصبح شعوره شاملا يحوي حتى المختلفين عنه، وبالتالي قد يؤدي ذلك الى تحطيم قواعده وموروثاته الخاطئة، لذلك تجد الفرد في المجتمع العربي يلجأ الى الماضي، سباق على الدوام في نبش قبور الأجداد ليستفتيهم في واقعه المعاصر، وكأن مؤشره الزمني توقف عند القرن العاشر. ان المعضلة الكبرى للفرد العربي المعاصر تكمن في عدم معرفته بجهله الشعوري، حتى وان أغدقت عليه من بحور التكنولوجي­ا التي تمكنه من الانفتاح والتعاطي مع شعوب العالم والحضارة، سيقول لك إنه يعرف كيف يستخدم هذه وتلك، يعرف عدد الدول والقارات، يعرف معلومات سطحية وخطوطا عريضة عن الشعوب والتاريخ، لذلك يرى أنه يفهم العالم ويواكب العصر وليس بمتخلف، لكن الذي لا يعلمه هو أن إحساسه ضيق ومنحسر في تاريخه، شعوره محدود في بيئته الصغيرة، فالتطور ليس بالنظر والشكل فقط، ليس بامتلاك التكنولوجي­ا من غير احساس بقيمتها العلمية والزمنية وجهد صانعها، ليس بمشاهدة شعوب العالم في التلفاز من غير احساس بالانتماء لها، ليس بنسف تاريخ الحضارات الانسانية التي جاءت قبل حقبة أجدادك، ليس بالاستعلاء على شعوب تفوقك تطورا وعلما ونهضة بحكم أنك ورثت دينا تعتقد أنه الحقيقة المطلقة، ولتعلم يا صديقي أن الفرد في العالم الخارجي لا يعلم عنك شيئا، بل لا يرى لك أي وجود، غير منشغل بإسقاط تاريخ أجداده على عصره، غير مسجون في بوتقة، يتلقى علمه من الهندي، ويعمل مع الصيني، ويصادق الفرنسي، ويتزوج الأميركية، يصنع وينتج ويمرح في أرجاء هذا العالم، انتماؤه للبشرية وليس لمحيطه، مؤشره الزمني لا يقف عند حد، متجدد ومتطور وناهض على الدوام. أخيرة: همسة ٭ التاريخ لا يرحم، إما أن تلحق به أو تدفن حيا في مكانك.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait