Al-Anbaa

الجسار: المرأة الكويتية تمتلك اليوم من الحريات ما لا حدود له ولم أتخيل أن أكون بين أول 4 نساء يصلن لمجلس الأمة

قالت إنها فكرت في خوض الانتخابات منذ تحرير الكويت

-

خوض غمار العمل السياسي قرار صعب جدا بالنسبة للمرأة في المجتمعات العربية عادة، متى بدأ تصور خوضك لغمار العمل السياسي؟ أعني انه لا بد ان يكون هذا الأمر في مراحل عمرك الأولى؟ ٭ المشــاركة فــي العمــل السياســي لم تأت في وقت مبكر بالنســبة لي بل بدأت افكر بــه بعد الغزو العراقي الغاشــم للكويــت وبعــد حصولــي علــى الدكتوراه، وعودتــي من أميركا وعملي مديــرة فــي ادارة المناهــج واقترابي من العمل التربوي والقضايا التربوية التي لها علاقة بالتشريعات والقوانين، ومبادرة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ـ رحمه الله ـ عبــر تقــديم قانــون اعطاء المرأة الكويتية حقها السياسي، عندها بدأ التوسع في قضية المشاركات وقررت ان أخطــو هذه الخطوة، من هنــا بــدأت الفكــرة تتبلور ولكننــي لم أشــارك في اول انتخابــات «2006 » بل كنت مراقبــة للوضــع وحرصت على حضور ندوات المرشحين والمرشحات وقتها لكي احصل على معلومات وخلفية لأبني عليهــا خوض غمــار العمل السياسي ولأنني على قناعة بــدأت بالظهــور الاعلامــي والاجتماعـ­ـي وشــاركت في مؤتمــرات عديــدة خــارج الكويت، وكثيــر من اللاتي فكرن بها ليس أنا فقط ولا من يحمل مؤهلات فقط بل جميع النساء، وفي «2008 » رشحت نفســي ولكن لــم يحالفني الحــظ ولكن لم تكن تجربة فاشلة بالنسبة لي بل كانت الدافع وخاصة عندما كلفني مكتــب الأمم المتحدة بإجراء دراسة تحليلية كاملة «تقييم التجربــة الموســعة للمــرأة الكويتية في العمل السياسي » وهــذه الدراســة تكونت من 120 صفحة تناولت الجانب الإحصائــي والتحليلي، كما أجريــت مقابلات مع مديري حمــلات المرشــحين 2006 و2008 لمقارنة تجربة المرأة فــي العمــل السياســي فــي العالمــين الغربــي والعربي، وهذه الدراسة استفدت منها ايضا بإعادة خارطة التعامل مع الناخبين والناخبات ولله الحمد خضــت التجربة في 2009 ونجحت. هل كنت متفوقة في مراحل الدراسة الأولى؟ ٭ كنــت قريبة الى التفوق، وكانت لدي القدرات والمهارات في المخاطبة والإلقاء، كما كنت أمارس العديد من الأنشــطة في برامج الإذاعة المدرسية، وهنا اذكر بعد خوضي تجربة الانتخابــ­ات وفــوزي بها ان اتصلت بي بعــض زميلات الدراسة وقلن لي : «كنا نرى ونتطلع أنك ستحققين شيئا فــي يوم من الأيــام » كما ان الجميع شــجعني وشد من أزري. هل استطيع ان أسألك عن نسبتك في الثانوية العامة؟ ٭ بصراحــة لا اذكر.. ولكن اســتطيع ان اقــول لــك ان المفارقة في الثانوية العامة انني كنت في القسم العلمي وميولي كانــت علمية وفي الوقــت نفســه احــب الأدب والقــراءة والشــعر، ولكــن بعد دخولي جامعة الكويت تغير كل شيء لدي وذهبت الى الجغرافيــ­ا والاقتصاد، والأكثر من ذلك اتجهت الى مهنة التدريس قبل التحاقي بالماجســت­ير والدكتــور­اه واتجهت للتخصص الدقيق

أنا نسخة طبق الأصل من والدتي لو عاد بي الزمن للوراء لما غيرت أي شيء من مسارات حياتي

وهو برامــج إعداد المعلمين، وأنا أجد نفسي في التدريس.

وقد عدت الــى التدريس بعــد انقطاع بســبب عملي السياسي دام 5 سنوات بثراء من الخبرات المتنوعة وأحد مقرراتي والذي ادرسه اليوم هو مقــرر «تربية المواطنة » وهــو مهم جدا وخاصة امام المشهد السياسي الذي يعيشه المجتمــع الكويتــي وهو ما نحتاج الى تســليط الضوء عليه لإعادة منهجية التفكير. هل كنت تتصورين ان تصلي إلى ما وصلت اليه كواحدة من اول اربع نساء يصلن لمجلس الأمة في البلاد؟ ٭ كان من اهم احد أهدافي ان احقق شيئا مميزا في حياتي، ولكن بصراحة لم اكن أتوقع ان اكون في السياسة او ادخل بوابة التاريخ وأكون ضمن اول أربع نساء دخلن مجلس الأمــة، وأعتقــد ان الوصول والنجاح لا يكون شخصيا بل للشعب الكويتي الذي أعطانا الثقة ولولا هذه الثقة لما كنا حققنا هذه الحقبة التاريخية. لو عاد بك الزمن إلى الوراء في بداياتك الأولى ما الأشياء التي كنت ستغيرينها في حياتك؟ ٭ «اسوي نفس ما بحياتي» بمعنــى انني لم ولــن أغير اي شــيء، ولكنني استطيع ان أقــول ان أمنيتــي كانــت الالتحاق بكلية الحقوق ولكن لظروف شخصية لم تحقق، ولو عاد بي الزمن الى الوراء سألتحق بكلية الحقوق لأنني اشعر ان لدي القدرة للدفاع عن حقوق الآخرين. عادة ما تودع الفتاة أحلامها في كتاب مذكراتها ما الذي تحقق من أحلامك؟ وما الذي تنتظرين لتحققيه؟ ٭ هناك احــلام تكون لدينا فــي فترة معينــة من الزمن ولكن تأتــي بعض الظروف الاجتماعية التي تمنعنا من تحقيقها، وتتغيــر أحلامنا بتغير الظروف. ولا استطيع ان اربط ما وصلت اليه بأحلام ســابقة، لكن ما رسمته من أهــداف فــي بدايــة حياتــي استطعت ولله الحمد ان أرى جزءا كبيرا منه يتحقق، أما بالنسبة لما انتظره ان يتحقق هــو ان أزوج ابنائــي وأرى أحفادي وهذه امنية حياتي وأنا بصحة جيدة، خاصة بعد رؤيتي اول حفيد من ابنتي وأصبح كل حياتي وأعطاني مرحلة عمر جديدة وشعورا بجمال الطفولة يختلف تماما عن طفولة ابنائي كأم، وصدق المثل «ما اعز من الولد الا ولد الولد» . من شابه أباه فما ظلم، اعتقد ان هذا المثل ينطبق على المرأة أيضا، ليكون من شابهت أمها فما ظلمت، إلى أي مدى تشبهين والدتك؟ ٭ هنــا تضربين على الوتر الحساس لأنني نسخة طبق الأصل من والدتي رحمها الله، ووالدتــي كانــت شــخصية نســائية رائعــة وأعتبرهــا مدرســتي الأولــى وما زلت اذكر رأيها في قضية رغبتي في العمل السياسي وخاصة انني منحدرة من أســرة لها طبيعة اجتماعية محافظة، ورغــم انهــا تدعــم المــرأة وتؤيدهــا الا انها لاتزال لها رأي في قضية مشاركة المرأة في العمل السياسي وبنفس الوقت كانت الأســرة داعمة لــي، وبعــد مناقشــة القرار مع زوجي توجهت بالسؤال لوالدتــي فكانت المشــجعة والداعمة الأولى لي وقالت لي «أرى فيك القدرة والامكانية ».

فكلماتها كانت بالنســبة لي نبراســا، ووالدتي كانت عصامية وصاحبة شخصية قوية وبعد وفاة والدي عام 1976 وأيامها لم تكن الحياة ســهلة مثل أيامنــا هذه وقد اســتمرت فــي إدارة الأموال وتمكيننا من الدراسة والزواج وثابرت لتأمين كل ما نحتاجه، وقدمت الكثير من التضحيات تجاهنا فكانت لنا الأم والأب في وقت واحد. إلى أي مدى يكون للرجل دور في نجاح المرأة، وهل تستطيع المرأة تحقيق النجاح بعيدا عن الرجل؟ ٭ نعم هناك دور كبير للرجل في نجــاح المرأة، خاصة في العالــم العربــي حيــث عند دخــول المــرأة فــي العالــم السياســي تخرج من الإطار التقليدي، ولكن أنا شخصيا اعتبر ان الأســرة هي الداعم الرئيسي للمرأة لأننا خلقنا ووضعنا في ثقافة مجتمع الى حد ما لديه قسوة على المرأة، لا أريد ان اقول ان نستجيب بل ان نتماشى مع هذه الثقافة ولا نخــرج عنهــا، ولكن في نفس الوقت اي قرار تتخذه المرأة وخاصة دخولها العمل السياسي تعتبر هي صانعة قرار ولا شك انها تحتاج دعما معنويــا كبيرا من الأســرة لاستمرارها ونجاحها، لأنها في النهاية هي من ستواجه مشكلة التوافق والانسجام وتحديــد الأولويــا­ت، امــا بالنســبة للشــق الثاني من الســؤال فإنها تســتطيع ان تحقــق النجــاح بعيــدا عن الرجل ولكنها ايضا تحتاج الى دعم قوي، لأننا وللأسف نحن في مجتمع لديه نظرة ذكورية ونظرة انانية تجاه المرأة من الرجل. عالم السياسة لا يليق بالمرأة، من خلال تجربتك إلى اي مدى تعتقدين بصحة هذه المقولة؟ ٭ هــذه المقولة خطــأ جدا، المــرأة هــي مــن تجيــد فن السياســة لأن بطبيعتهــا تستطيع ان تستغل الظروف والامكانيـ­ـات لصالحها، فما بالك عندما تكون للآخرين، ولكن هذه الكلمات ســربت للعقول بشيء خطأ جدا، ومن خلال تجربتي ومع احترامي للجميع فوجئت بمســتوى بعــض الرجــال الموجودين في العمل السياسي من واقع عملهم، وعن نفسي انا قمت بأضعاف ما قام به البعض، ومن المعروف ان المرأة لديها التزام بعملها ولديها المبادرة والتنظيم، كما لديها القدرة علــى التحكــم فــي اعمالها وحســن التصرف وســرعة بديهة عالية.

ان وجود المــرأة العربية في العمل السياســي تجربة لــم تأخــذ النضــج الفكري الكامــل ومازالت هناك حالة شد قد تكون من المرأة نفسها لعدم اقتناعها بالمرأة وعملها السياســي، وقد تكــون من الرجــل نفســه او المجتمع، لذلــك نرى ان هنــاك الكثير من الصعوبات والتحديات، وهذا المقولة شعور بالانانية والغيرة تجاه المــرأة وعدم الرغبــة والاقتناع بان هناك تنوعا في المجتمــع وعدالة بين الرجل والمرأة. ما خطتك الحياتية لتوازني بين عملك كسياسية وكزوجة وكأم؟ ٭ تخليت عن اشياء شخصية كثيرة في حياتي والتي تعتبر جــزءا منــي مثــل هواياتي وزيارة صديقاتي، واعتذاري عن دعوات اجتماعية كما انني قللت مــن ســاعات النوم.. لأننــي اشــعر بــأن زوجــي وأولادي احــق بــأي دقيقة فــراغ من وقتــي، وحرصت بقدر المستطاع على برنامجي اليومي وخاصة خلال عطلة الأسبوع. الحديث يطول عن واقع المرأة الكويتية، ولكن هل ترين ان المرأة الكويتية حققت شيئا بعد حصولها على حقها السياسي؟ ٭ الاســتمرا­ر في طرح هذا الــكلام يزيــد التوســع في دائــرة مفهوم خاطــئ جدا، لنقــف قليــلا ونســأل مــا الحقوق التــي مازالت المرأة تريد تحقيقها؟ الحقوق في

ما رسمته من أهداف في بداية حياتي حققت جزءاً كبيراً منه «عالم السياسة لا يليق بالمرأة ».. مقولة خاطئة هناك دور كبير للرجل في نجاح المرأة زوجي وأولادي أحق بأي دقيقة فراغ من وقتي لو كلفت بحقيبة «التربية » لأجريت الكثير من التغييرات تخليت عن أشياء شخصية كثيرة في حياتي والتي تعتبر جزءاً مني مثل هواياتي وزيارة صديقاتي وجود المرأة العربية في العمل السياسي تجربة لم تأخذ النضج الفكري الكامل الحقوق في المفهوم الدستوري هي حقوق وواجبات

المفهوم الدستوري هي حقوق وواجبــات وهذا مــا يقع امام كلمة اكبر لتجمع الكلمتين وهي المســؤولي­ات، ما المسؤوليات التي تقع على عاتق المرأة؟ المرأة لديها حقوق وعليها واجبات وعليها تأديتها بحسب موقعها في الحيــاة وأيضا لها حقوق كمواطنة، والدستور الكويتي لم يقل «مواطــن ومواطنة »، بل قال «المواطــن » اي الرجل والمرأة، والحقوق لها مفاهيم عديدة منها المدنية والتي يعتبر تأمينها من مســؤولية الدولة «السكن والتعليم ».

وفي سياق هذا المفهوم، فهي قــد حصلت عليــه، نعم نحن نختلــف فــي الاجــراءا­ت هذا شيء آخر، وبالنسبة للحقوق السياسية فقد نالت حقوقها، وبالنسبة لحقوقها الاجتماعية لديها حــق اجتماعي واضح، واليوم المرأة الكويتية تمتلك من الحريات مــا لا حدود له، والســؤال الذي يطرح نفسه الآن ويوجــه للمــرأة بجميع شــرائحها: ما الحقــوق التي لم تحصلي عليها حتى الآن؟ وأعتقد بل أجزم بأنه ليســت هناك حقوق لم تحصل عليها المــرأة الكويتيــة، لكــن هناك توجهات في المجتمع تشــوه صورة المرأة وقضيتها، كما ان هناك وسائل اعلامية تنصف المرأة، وهناك من يحاربها، لذلك لدينا خلط في مفهوم الحقوق.

وبمقارنة مــع المجتمعات الغربيــة، فليــس لديهــم من الامكانيات والتسهيلات ما عند المرأة الكويتية، نحن لدينا كل التسهيلات من صحة وسكن وتعليم، الحقــوق موجودة ولكن الإجراءات بطيئة وهذا لا يعني اننا لم ننل حقوقنا وهناك اشياء كثيرة لا تعتبر حقا بل إضافة، لذلك ما نعاني منه اليوم في المشهد السياسي في المجتمع الكويتي انتقل الى التعبير عن الحق باستخدام العنف والتعصب. حسنا، ماذا ينقص الكويت؟ ٭ لا ينقصها شــيء والحمد لله، فــي ظل الظــروف التي نشــهدها اعتقــد ان الكويت أعطت الكثير ولكننا بحاجة لأن نقــف ونرفــع رؤوســنا ونقــول علينــا ان نســأل بجرأة وصراحة: ماذا اعطينا للوطــن؟ وهنــا لا أتكلم ولا اســأل الحكومة بل المواطن، وهناك عبارة جميلة اذكرها «لا تسأل ماذا أعطاك وطنك؟.. ولكن ماذا أعطيت لوطنك ؟» . لو عرضت عليك حقيبة وزارة التربية كونها الأقرب لك، فماذا ستغيرين بها؟ ٭ هناك الكثير من التغييرات، بمــا اننــي اول مــن تقــدم بقانون انشاء الهيئة العامة للاعتماد الأكاديمي وأنشئت وتم اختيــار مديــرة الهيئة د.نوريــة العوضــي، فيجب ان تفعّل هذه الهيئة وبأسرع وقت ويجب ان تتسلم الهيئة إعــادة الاســترات­يجيات في تقييم واقع التعليم الكويتي بتأســيس ما يسمى معايير وطنية للتعليم وهذه المعايير تقوم بقياس مستوى طلابنا فــي العالــم وأداء المعلمــين والموجهــي­ن وتقييم القائمين على التعليم، والالتفات نحو مؤسســات اعــداد المعلمــين لإعــادة التأهيــل والاصلاح وللموجوديـ­ـن فــي الميــدان ايضا، كما انني سألتفت الى المعلمين المتقاعدين للاستفادة منهم، وأحرص على الاهتمام بالنوع وليــس بالكم، هناك تعديــلات كثيرة فــي وزارة التربية لتقييم جودة التعليم.

 ??  ?? د.سلوى الجسار
)محمد خلوصي(
د.سلوى الجسار )محمد خلوصي(
 ??  ?? د.سلوى الجسار متحدثة للزميلة دانيا شومان
د.سلوى الجسار متحدثة للزميلة دانيا شومان

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait