Al-Anbaa

إستراتيجية النظام السوري لـ »جنيڤ -٢ «

-

لا يكترث النظام السوري للتصريحات والمواقف الأميركية والاوروبية التي تحدد اطارا سياسيا لـ »جنيڤ - ٢ « وفيه أنه لا دور للرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وأنه لا مشاركة لإيران إذا لم توافق على بيان »جنيڤ - ١ «.. اهتمامه وتركيزه هما على »الأرض والميدان « في سورية أكثر مما على »جنيڤ «، وهو الذي وافق على الانخراط في المؤتمر الدولي للحل السياسي للأزمة السورية ولكنه لم يوافق حتى الآن على شروط المؤتمر وقواعد اللعبة ووضع استراتيجيت­ه الخاصة للتعامل مع »جنيڤ - ٢ « وتقوم على ثلاث نقاط أساسية: ١ ـ إحراز تقدم عسكري واضح على الأرض قبل انعقاد »جنيڤ - ٢ « يجعله في موقع تفاوضي أقوى. وتأتي سيطرة الجيش السوري مدعوما بمقاتلين من حزب الله ومن قوات الدفاع الوطني على مناطق واسعة في القلمون (قارة - دير عطية - النبك) في هذا الإطار ليصل الى مدينة »يبرود «، وهي آخر معقل مهم للمعارضة في القلمون وبعدما كانت المعارضة انكفأت عن مواقع لها على الجبهة الجنوبية من العاصمة دمشق مثل بلدة الحجيرة وسبيته وانكشاف جبهة حي القدم والعسالي.العامل الأساسي في تبدل ميزان القوى على الأرض لمصلحة النظام يتمثل في الانقسامات الحاصلة داخل المعارضة المسلحة والتشتت في صفوفها وصولا إلى التنافس والتفاعل بين فصائلها المتعددة الولاءات والأجندات... وهذا عامل رئيسي يقف وراء خسارة المعارضة ويؤثر سلبا على حاضنتها الشعبية في الداخل وعلى صورتها وصديقتها في الخارج. ٢ ـ وضع كرة انعقاد وانطلاق »جنيڤ - ٢« في ملعب المعارضة السورية بتصوير الوضع التالي: الائتلاف السوري الذي يراد له أن يقود وفد المعارضة إلى المفاوضات لم يعد يتمتع بقوة وحيثية تمثيلية مع فقدان الجيش الحر سيطرته بشكل كبير على الأرض، وهو الذي يعد ذراعا عسكرية للائتلاف.. وأما القوة المسيطرة وهي التنظيمات الاسلامية المتطرفة مثل داعش والنصرة فإنها ترفض الحوار مع النظام ومبدأ المشاركة في »جنيڤ - ٢ «. وأما الجهد الدولي الجاري لاستلحاق الوضع وإعادة بناء »جسم معارض مفاوض « عبر تحالف ووفد مشترك بين القوى العلمانية (الائتلاف والجيش الحر) والقوى الإسلامية المعتدلة (المنخرطة في إطار الجبهة الإسلامية) فإنه لا يعكس الواقع وحيث الوضع الميداني على الأرض في مكان والوضع التفاوضي على طاولة جنيڤ سيكون في مكان آخر. والخلاصة هي أن المعارضة هي التي تتحمل مسؤولية فشل أو تفشيل »جنيڤ - ٢« لأنها ضعيفة ومنقسمة على ذاتها وليست قادرة على تشكيل وفد يمثلها وغير قادرة على التفاوض في غياب تفويض كامل وغير قادرة على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.. وبالتالي فإن النظام لا يجد أمامه من يفاوضه وطرفا مؤهلا لإبرام اتفاقات. ٣ ـ أخذ مؤتمر »جنيڤ ـ ٢« في اتجاه وعنوان وهدف آخر مغاير لعنوانه وهدفه الأساسي وهو الحل السياسي والحوار بين النظام والمعارضة. أما العنوان الآخر فهو: محاربة الإرهاب والتطرف وقيام تحالف دولي مع النظام لهذا الهدف. النظام السوري يعتمد ويراهن على تبدل النظرة الدولية الى الوضع وطبيعة الصراع والأزمة في سورية بحيث لم تعد بين نظام ديكتاتوري وثورة شعبية وإنما بين سيئ وأسوأ وبين جيش متماسك ومعارضة فوضوية.. وتستغل القيادة السورية هذا التحول في الموقف أو في المزاج الدولي العام الذي ترجم عمليا في إعادة تنظيم وضع المعارضة المسلحة وإعادة تقييم العلاقة معها والمساعدات المقدمة لها، وفي إرسال إشارات الاستعداد للتعاون مع الاجهزة السورية وإحياء القوات الامنية مع دمشق التي بدأت تتحدث عن »حلف غربي ـ سوري« ضد الإرهاب سيكون هو العنوان الفعلي لـ »جنيڤ ـ ٢« .

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait