اﻟﻘﺪوة ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﺒﻼء واﻟﻔﺮﺳﺎن

أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﳌﻌﻈﻢ ﺑﺨﻴﺮاﺗــﻪ وﻧﻔﺤﺎﺗﻪ وﺑﺮﻛﺎﺗﻪ وﺗﻌﻄﺮت اﻷﺟﻮاء ﺑﺎﻟﻨﺴﻤﺎت اﳌﻼﺋﻜﻴﺔ ﲢﻤﻞ إﻟﻴﻨﺎ اﻟﻬﺒﺎت اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺑﻮﻋﻮد ﻣﺤﻘﻘﺔ ﺑﻨﺺ اﻟﻜﺘــﺎب ﻣﻦ ﻟﺪن رﺣﻴــﻢ ﻏﻔﻮر ﻛﺮﱘ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ واﳌﻐﻔﺮة واﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﻨﻴﺮان، أﺗﻰ ﺷــﻬﺮ اﳋﻴﺮ واﻟﺒﺮﻛــﺔ واﳌﻐﻔﺮة ﻟﻴﻄﻤﺌﻦ اﻟﻘﻠﻮب وﳝﻨﺢ اﳉﺴﺪ ﻋﻄﻠﺘﻪ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺒﻊ اﳌﺎدي اﻟﺪﻧﻴﻮي ﻟﻨﺘﺮوح ﺑﺎﳌﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ أﺟﻮاء اﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﻌﺒﺎدة.

وﻟﻜﻦ ﺷــﻬﺮ رﻣﻀﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﺎم أﺗﺎﻧﻲ ﻣﻮاﻓﻘﺎ ﻟﻠﺬﻛﺮى اﳋﺎﻣﺴﺔ ﻟﻮﻓﺎة وﻟﺪي اﳊﺒﻴﺐ اﻟﺸــﻬﻴﺪ اﻟﺸــﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ﺻﺒﺎح ﻓﻬﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﺼﺒﺎح، ﻃﻴﺐ اﷲ ﺛﺮاه وأﻛﺮم ﻣﺜــﻮاه، ﻓﻲ ﺟﻨﺎت اﻟﻨﻌﻴﻢ ﻳﺎ ﻣﻼﻛﻲ اﳉﻤﻴﻞ وﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﻨﺎ ﺗﻘﺼﻴﺮﻧﺎ واﻧﺘﻘﻢ ﻟﻚ وﻟﻜﻞ اﻟﺸــﻬﺪاء وﺟﻤﻌﻨﺎ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺮ رﺣﻤﺘﻪ.

ﻟﻘﺪ أﺗﻰ ﺷﻬﺮ اﳋﻴﺮ واﻟﺒﺮﻛﺔ ﻟﻸﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻴﻄﻤﺌﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ أن اﳊﻴــﺎة اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻳﻮﻣﺎ أوﺑﻌﺾ ﻳﻮم، وأن اﻵﺧﺮة ﻫﻲ اﳊﻴﺎة واﻟﻘﺮار واﳋﻠﻮد ﻓﻲ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﳌﻘﻴﻢ، ﻫﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﻬﺮ اﻟﻨﻔﺤﺎت واﻟﻐﻔﺮان ﻟﻴﻮاﺳﻴﻨﺎ ﻣﻮاﺳﺎة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺑﺄن ﻧﺼﺒﺮ وﻧﺤﺘﺴﺐ، وأن اﳊﻴﺎة اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺒﺪأ ﺑﻌﺪ، وأن ﻟﻘﺎء اﻷﺣﺒﺔ ﻣــﻦ أﻣﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ واﻟﺼﻴﺎم واﻟﺼﻼة واﻟﺰﻛﺎة واﳊﺞ واﻟﻘﺮآن ﻗــﺎدم، واﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻨﺔ اﻟﺮﺿﻮان ﻫﻮ اﻟﺮﺟﺎء وﺳﺮ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ.

وإن ﲢﺪﺛﺖ ﻋــﻦ وﻟﺪي اﳊﺒﻴﺐ ﻓﻜﻴﻒ أﺑﺪأ وﻣﻦ أﻳﻦ أﺑﺪأ! ﻓﻬﻮ ﺑﺤﻖ زﻳﻨﺔ ﺷﺒﺎب اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻗﺪوﺗﻬﻢ وﻛﺎن، رﺣﻤﻪ اﷲ، ﺣﻨﻮﻧﺎ ﻋﻄﻮﻓﺎ ﳝﻠــﺆه اﻟﻄﻤﻮح واﳊﻤﺎس وﺣﺐ اﳋﻴﺮ ﻟــﺬوي رﺣﻤﻪ، ﻛﺎن وﻗﻮرا ﻣﻐﻠﻔﺎ ﺑﻘﻮة اﻟﺸــﺨﺼﻴﺔ واﻟﺜﻘﺔ واﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ وذا ﻣﻬﺎﺑﺔ، وﻛﺎن داﺋﻤﺎ ﻳﺤﺪﺛﻨﻲ ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن آل ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻗﺎﺋﺪ اﳊﺮس اﳌﻠﻜﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ واﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﳌﺠﻠﺲ اﻟﺪﻓﺎع اﻷﻋﻠﻰ وﻣﺴﺘﺸــﺎر اﻷﻣﻦ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ، وﻛﺎن ﻳﻌﺘﺒــﺮه ﻗﺪوة ﻟﻪ، وﻛﺎن ﻳﺘﺤﺪث داﺋﻤﺎ ﻋﻦ ﻗﻮة ﺷــﺨﺼﻴﺘﻪ وﺣﻤﺎﺳﻪ وروﺣﻪ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ، وﻟﻢ ﻻ وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺘﻨﺎ أواﺻﺮ اﻟﺪم واﻟﻘﺮاﺑﺔ، ﻫﺬه اﻟﺮواﺑﻂ واﻷواﺻﺮ ﺣﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﺟﻴﻨﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﻴﻢ اﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﻨﺨﻮة واﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﻌﺰة واﻟﺸﺮف ﻧﺘﻮارﺛﻬﺎ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ.

وﻣﻦ ﻣﺼﺎدﻓﺎت اﻷﻗﺪار وﺗﺂﻟﻒ اﻷرواح أن وﻟﺪي اﳊﺒﻴﺐ، رﺣﻤﻪ اﷲ، وﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ، ﺣﻔﻈﻪ اﷲ، ﺟﻤﻌﻬﻤﺎ ﺣﺐ اﻟﺮﻗﻢ ٣١ وأن رﻗﻢ ٣١ ﻫﻮ رﻗﻢ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻴﻪ أوﻻدي اﻟﺜﻼﺛﺔ ﲟﻦ ﻓﻴﻬﻢ وﻟﺪي اﳊﺒﻴﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ﺻﺒﺎح ﻓﻬﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﺼﺒﺎح، رﺣﻤﻪ اﷲ، وﺟﻤﻴﻌﻬﻢ وﻟﺪوا ﻓﻲ ﻳﻮم اﻟﺴﺒﺖ، وﻗﺪ ﻻﺣﻈﺖ ﻣﺆﺧﺮا ﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ رﻗﻢ ٣١ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأﻳﺖ اﺑﻨﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ آل ﺧﻠﻴﻔﺔ، ﺣﻔﻈﻪ اﷲ، ﻳﻌﺘﺰ ﺑﺮﻗﻢ ٣١ وﻳﻈﻬﺮه داﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪر ﻣﻼﺑﺴﻪ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ، ﻓﻜﻼﻫﻤــﺎ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ وﻫﻮﻳﺘﻬﻤﺎ اﳋﻠﻴﺠﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﺨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺮب ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺦ.

وﻟﻘــﺪ ﻛﺎن اﺧﺘﻴﺎر وﻟﺪي اﳊﺒﻴﺐ ﻟﻘﺪوﺗــﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﻠﻪ، ﻓﺎﻟﺼﻴﺖ واﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ اﳌﺸﺮﻓﺔ ﺗﺴﺒﻘﺎن ﺻﺎﺣﺒﻬﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﺪان ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﺒﻼء واﻟﻔﺮﺳﺎن، وﻛﻢ ﻛﺎن وﻟﺪي اﳊﺒﻴﺐ ﻳﺘﻤﻨﻰ أن ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﺴﻤﻮه ﻓﻲ أﻗﺮب ﻓﺮﺻﺔ، وﻟﻜﻦ إرادة اﷲ وﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻟﻢ ﲢﻘﻖ ﻟﻪ ﻫﺬه اﻷﻣﻨﻴﺔ، ﻋﺴﻰ اﷲ أن ﻳﺤﻘﻘﻬﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺟﻨﺎت اﳋﻠﺪ، إﻧﻪ وﻟﻲ ذﻟﻚ واﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻴﻪ.

ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم اﳌﺒﺎرﻛﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﳒﺪد اﻟﻌﻬﺪ ﻣﻊ اﷲ وﻧﻐﺘﻨﻢ اﻟﻔﺮص وﻓﺴﺤﺔ اﻷﺟﻞ، وأﻻ ﻧﻨﺴﻰ أﺣﺒﺎﺑﻨﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺎرﻗﻮا دﻧﻴﺎﻧﺎ اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻋــﺎء أن ﻳﺠﻤﻌﻨﺎ اﷲ ﺑﻬﻢ وأن ﻟﻬﻢ ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻓﻲ أﻋﻨﺎﻗﻨﺎ، ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻟﻨﺎ ﺣﻘﻮق ﻓﻲ أﻋﻨﺎق ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪﻧﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺮث اﷲ اﻷرض وﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﻟﻦ ﳒﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻗﺘﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن وﻃﺎﻋﺎﺗﻪ اﳌﻘﺒﻮﻟﺔ واﳌﺴﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﺈذن اﷲ.

وﻓﻰ اﳋﺘﺎم، أﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﳌﻮﻟﻰ ﻋــﺰ وﺟﻞ ﺑﺄن ﻳﺠﻤﻌﻨﻲ ﺑﻮﻟﺪي اﳊﺒﻴــﺐ ﻓﻲ ﺟﻨﺎت اﳋﻠﺪ، ﻛﻤﺎ ﺟﻤﻌﻨﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، وأن ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ اﻷﺣﺒﺎب ﺑﺄﺣﺒﺎﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺮ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺮﺿﻮان، وﻛﻞ ﻋﺎم وأﻧﺘﻢ ﺑﺨﻴﺮ وأﻣﻦ وﺳﻼم.