Al-Anbaa

»اﳌﻼﻗﻴﻒ« واﳋﺼﻮﺻﻴﺔ!

- Riyadhalmu­lla@gmail.com رﻳﺎض ﻋﺒﺪاﷲ اﳌﻼ ﻛﻠﻤﺔ أﺧﻴﺮة:

ﺗﻜﺎد ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺗﻜﻮن اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺪﺧﻼ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺸﺪﻗﺎ ﺑﺎﳋﺼﻮﺻﻴﺔ وﻣﻨﺎداة ﺑﻬﺎ، وﻻ ﻳﺤﺘﺎج ﻋﻨﻮان ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺳﺮد ﻓﺼﻮل اﻟﺘﻄﻔﻞ و»ﻇﺮاﺋﻒ« اﻟﻔﻀﻮﻟﻴﲔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓــﻼ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ، ﺗﺮاﻫﻢ ﻳﺪﻋﻮن اﻷﺳــﺘﺎذﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء وﻳﺘﺒﺠﺤﻮن ﺑﺎﳌﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻠﻢ، وﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻧﺰﻋﺔ ﻓﺮض اﻟﺮأي ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳــﻦ واﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻴﺮ، وﻳﺮﻳﺪون ﻣﻦ »ﻛﻞ أﺣﺪ« أن ﻳﻜﻮن ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﻳﺘﺼﻔﺤﻮن أﺧﺒﺎره، وﻳﻐﻮﺻﻮن ﻓﻲ أﺳﺮاره.

إن »اﻟﺘﻄﻔﻞ« آﻓﺔ ﻣﺰﻋﺠﺔ، وﺳﻠﻮك ﻣﺸﲔ، ﺣﺮﻣﺘﻪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺒﺬه اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﳌﺘﺤﻀﺮة ﻓﺜﻘﺎﻓﺘﻬﻢ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﺣﻘﺎ ﺑﺪﻳﻬﻴﺎ ﻟﻜﻞ أﺣﺪ، وأن أﳕﺎط اﳊﻴﺎة ﺧﻴﺎر ﺷــﺨﺼﻲ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻓﺮﺿﻬﺎ أو اﻛﺮاه اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺎل: )وﻻ ﺗﻘﻒ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ ﺑﻪ ﻋﻠﻢ(، وﻧﺒﻴﻨﺎ ژ أوﺗﻲ ﺟﻮاﻣﻊ اﻟﻜﻠﻢ ﻓﻘﺎل ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﲔ ﺟﺎﻣﻌﺘﲔ ﻧﺎﻓﻌﺘﲔ ﻗﺒﻞ ٥٤٤١ ﺳﻨﺔ: »اﺣﺮص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻚ« وﻗﺎل: »ﻣﻦ ﺣﺴﻦ إﺳﻼم اﳌﺮء ﺗﺮﻛﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻪ«.

وﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﺗﻌــﺪدت ﻣﻼﻣﺢ دس اﻷﻧﻮف ﻓﻲ ﻣﺸــﺎﻛﻞ اﻟﻨﺎس وإﻣﻄﺎرﻫﻢ ﺑﺎﻷﺳــﺌﻠﺔ اﶈﺮﺟﺔ ﻟﻨﺒــﺶ ﺧﺒﺎﻳﺎﻫﻢ واﺳﺘﻌﺮاض ﻃﺮق ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ، ﻓﺎﻟﻔﻀﻮﻟﻲ إذا رأى ﺳﻴﺎرة ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻳﻘﻮل: ﺳﻴﺎرﺗﻚ ﻗﺪﳝﺔ »ﻟﻴﺶ ﻣﺎ ﲡﺪد«، وإذا ﺑﺪل ﺳﻴﺎرﺗﻪ ﺑﺄﺧﺮى ﺟﺪﻳﺪة ﺳﺄﻟﻪ: ﻛﻢ ﺳﻌﺮﻫﺎ؟ وﳌﺎذا اﺧﺘﺮت ﻫــﺬا اﻟﻠﻮن؟ و»ﻣﺎﺧﺬﻫﺎ

ﻏﺎﻟﻴﺔ ﺣﻴﻞ« ﺛــﻢ ﻳﻨﺘﻘﺪ وﻳﻨﻈﺮ: »ﻟﻴﺶ اﺳــﺘﻌﺠﻠﺖ؟« وﻟﻮ أﻧﻚ اﺷــﺘﺮﻳﺖ ﻣﻦ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻔﻼﻧﻴــﺔ، وﻟﻴﺘﻚ أﺧﺬﺗﻬﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ اﳌﻮاﺻﻔــﺎت... وووو، ﻟﻴﺬﻫﺐ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻴﺎرة وﻗﺪ ارﲡﺖ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ ﲟﺎ ﻋﻨﺪه وﲟﺎ أﻗﺪم ﻋﻠﻴﻪ.

وإذا ﺳﻤﻊ »اﳌﻠﻘﻮف« أن ﻓﻼﻧﺎ ﺗﺰوج أو ﺳﺎﻓﺮ أو ﺑﻨﻰ ﺑﻴﺘﺎ، ﻗﺎل: ﻓﻼن ﺗﺰوج وﻣﺎ ﻗﺎل، و»ﻟﻴﺶ ﺗﺰوج أرﻣﻠﺔ أو ﺳﻴﺪة أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻪ؟« و»ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻓﺮ وﻣﺎ ﺧﺒﺮﻧﺎ؟«، و»ﺷﻠﻮن ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﺑﻴﺒﻨﻲ ﺑﻴﺘﻪ«؟.

وﻗﺪ ﻳﺘﻠﻮن اﻟﻔﻀﻮﻟﻲ وﻳﻐﻴﺮ ﺟﻠﺪه ﺣﺴﺐ ﻛﻞ ﻣﻘﺎم، ﻓﺘﺮاه ﻃﺒﻴﺒﺎ وﺻﻴﺪﻻﻧﻴﺎ، وﻣﻌﺎﳉﺎ وﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺎ، وﻣﻬﻨﺪﺳﺎ ﻣﻌﻤﺎرﻳﺎ وﻣﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺈذا ارﺗﺪى ﺛﻮب »اﻟﺪﻛﺘﺮة« ﻻم ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻠﻰ أﺧــﺬ دواء ﻣﺎ أو اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻄﺒﻴﺐ ﻣﺎ أو اﻟﺴﻔﺮ ﻟﻠﻌﻼج ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎ، ﻓﻴﺼﻴﺒﻪ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط واﻟﻴﺄس واﻟﻐﻢ واﻟﻬﻢ.

وإذا ﺗﻠﺒﺲ ﻟﺒﺲ اﳌﻬﻨﺪﺳــﲔ ﺳﺄل ﺻﺎﺣﺒﻪ اﻟﺬي أﻧﻬﻰ ﺗﺸــﻄﻴﺒﺎت ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻋﻦ اﳌﻜﺘﺐ اﻟﻬﻨﺪﺳﻲ واﳌﻘﺎول واﳌﺼﻤﻢ وﺷــﺮﻛﺔ اﻷﺛﺎث، ﻣﻨﺘﻘﺪا أﻟﻮان اﻟﺼﺒﻎ وﻃﻘﻢ اﻟﻜﻨﻔﺎت وﺗﻮزﻳﻊ اﻹﺿﺎءة وﻣﻮﺿﻊ اﳊﻤﺎم وﻣﻮﻗﻊ اﻟﺼﺎﻟﺔ وﻣﺪﺧﻞ اﻟﺒﻴﺖ، ﻓﻴﺤﺮﺟﻪ وﻳﺠﺮﺣﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺴﺎﻓﺮ، ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺰاﺟﻪ وﻫﻮاه، وﻫﻜﺬا ﻻ ﻳﺮوق ﻟﻠﻤﺘﻄﻔﻞ اﳊﺎل إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﳝﺎرس ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻤﺨﻄﻂ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺘﺮض ﺑﻬﻢ أن ﻳﺼﻐﻮا ﻟﻨﺼﺤﻪ وﺣﻜﻤﺘﻪ وذوﻗﻪ ورأﻳﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء.

ﺛﻢ إذا ذﻫﺐ إﻟﻰ ﻋﺮس اﻧﺘﻘﺪ اﻟﺼﺎﻟﺔ واﻟﻄﻌﺎم، ﻓﻴﺴــﺄل: ﻟﻴﺶ اﺧﺘﺮت ﻫﺬه اﻟﺸــﺮﻛﺔ؟ وﻛﻢ ﻛﻠﻔﺖ ﻋﻠﻴﻚ؟ وﻟﻴﺶ ﻣﺎ ذﺑﺤﺖ ﺑﻌﻴﺮ؟ ﻓﻴﺤﺸﺮ أﻧﻔﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮ وﻛﺒﻴﺮ.

وﻓﻲ اﳌﺴــﺠﺪ ﻋﻴﻨﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻮﻟﻴﲔ ﳑﻦ ﻻ ﺷﻐﻞ ﻟﻬﻢ إﻻ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ أوﺿﺎع اﳌﺴﺠﺪ وﻓﺮﺷﻪ وﺳﺠﺎده، وﻣﻜﻴﻔﺎﺗﻪ ودﻳﻜﻮراﺗﻪ وﻓﻼن ﻟﻴﺶ ﻳﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤــﲔ. وإذا رأى ﻣﺼﻠﻴﺎ ﻳﻠﺒﺲ دﺷﺪاﺷﺔ ﺷﺘﻮي، ﻗﺎل ﻟﻪ: »ﻳﺎ أﺧﻲ ﻧﺤﺸﺖ اﻟﺒــﺮد«، وإذا ﻟﺒﺲ ﺻﻴﻔﻲ ﻗﺎل: »ﺟﺒﺖ ﻟﻨﺎ اﻟﺒﺮد«.

وﻓﻲ ﻛﻞ دﻳﻮاﻧﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﲡﻤﻊ ﻋﺎﺋﻠﺔ وﻣﻜﺎن ﻋﻤﻞ وزﻣﻼء دراﺳﺔ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﳌﺰﻋﺠﲔ واﳌﺰﻋﺠﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺮﻛﻮن اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﺑﻞ ﻳﻜﻴﻠﻮن ﻟﻬﻢ ﲟﺎ ﻳﻀﻴﻖ اﻟﺼﺪر وﻳﺠﻠﺐ اﳊﺰن.

ﻓﻲ اﳋﺘﺎم، أﻳﻬــﺎ اﳌﺘﻄﻔﻞ اﻟﻜﺮﱘ: ﻧﺰه ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻦ أذﻳﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺄﺳﺌﻠﺘﻚ وإﺣﺮاﺟﺎﺗﻚ واﻧﺘﻘﺎداﺗﻚ؟ ﻓﻠﻴﺲ واﺟﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻴــﻊ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻣﻚ وذوﻗﻚ؟، وﻟﺴــﺖ أﻧﺖ اﳉﻬﺒﺬ اﻷﻋﻈﻢ أو اﳊﻜﻴﻢ اﻷﻓﻬــﻢ، أو ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺮأي اﻷوﺣﺪ، وإﻣﺎم اﳌﺬﻫﺐ اﻷرﺟﺢ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﺸﺮ أﻧﻔﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺎردة وواردة وﻛﺒﻴﺮة وﺻﻐﻴﺮة.

ﻟﻴــﺖ اﻟﻔﻀﻮﻟﻴــﲔ ﻳﻌﻠﻤــﻮن أن ﻋﻴﻮﺑﻬﻢ أوﻟﻰ ﺑﺎﳌﺮاﻗﺒﺔ واﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺮغ ﻟﻌﻴﻮب اﻟﻨﺎس، وﻟﻴﺘﻬﻢ ﻳﺪرﻛﻮن أن أﺳــﺮار اﻟﻨﺎس ﺣﺼﻮن ﻻ ﻳﺤﺒﻮن ﻷﺣــﺪ أن ﻳﺨﺘﺮﻗﻬــﺎ أو ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ، وأن اﻧﺘﻘﺎدﻫﻢ ﻟﻠﺨﻠﻖ ﻳﻨﻔﺮ ﻣﻨﻬﻢ وﻣﻦ ﺻﺤﺒﺘﻬﻢ ورﻓﻘﺘﻬﻢ وﻣﻌﺎﺷﺮﺗﻬﻢ، وأن ﻟﻜﻞ اﻧﺴﺎن ﻇﺮوﻓﻪ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ إﻻ ﻫﻮ.

ﺗﺄﻛﺪ أن ﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻟﻨﺎس ﻣﺮض ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻬﻠﻚ، وﻣﻦ راﻗﺐ اﻟﻨﺎس ﺳﻴﻤﻮت ﻏﻤﺎ وﻫﻤﺎ، ﻓﺪع اﳋﻠﻖ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ ورﻛﺰ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ، واﺷﺘﺮ راﺣﺔ ﺑﺎﻟﻚ وراﺣﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ، واﺣﺮص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻚ.. ﻓﺎﳊﻴﺎة ﻗﺼﻴﺮة ﻻ ﻣﺘﺴﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻬﺮاء.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait