وﻓﻲ اﻟﻔﻘﺪ.. ﻋﻈﺎت وﻋﺒﺮ

@mbrkwtdusari

ﻋﺠﺰ ﻗﻠﻤﻲ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﲔ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﳌﻮت واﻟﻔﻘﺪ وﺗﻌﺜﺮت اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﻟﺮﺛﺎء، ﻟﻴﺲ ﺻﻌﺒﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻮﺿﻮع، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ أﺗﻮﻗﻊ ﺛﻘﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸــﺄن.. ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ أﺑﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺄﻳﺎم ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﺻﻌﺐ وﻓﺠﻴﻌﺔ ﺑﻔﻘﺪ زوﺟﺘﻚ وأم أوﻻدك اﻟﺼﻐﺎر، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﲔ وﻓﺎة واﻟﺪي وﺑﲔ وﻓﺎة ﺑﻨﺖ أﺧﻴﻪ زوﺟﺘﻲ رﺣﻤﻬﻤﺎ اﷲ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻓﻘﻂ، ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺣﺎﺋﺮا ﻛﻴﻒ أﻛﺘﺐ وﻣﺎذا أﻛﺘﺐ وﳌﻦ أﻛﺘﺐ؟! أﻧــﺎ ﻣــﻦ ﻣــﺎت وﻣــﻦ ﻣــﺎت أﻧــﺎ

ﻟﻘــﻲ اﳌــﻮت ﻛﻼﻧــﺎ ﻣﺮﺗــﲔ أﻛﺘﺐ وأﺳــﺘﺤﻀﺮ ﺗﻠﻚ اﳉﻠﺴــﺔ اﳊﻮارﻳﺔ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺰاء اﻟﻮاﻟــﺪ ﺑﺄﻳﺎم وﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺬﻛﺮﺗﻬﺎ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت ﻛﻨﺖ أﻗــﻮل ﻟﻬﺎ ﺑﺄن اﳌﻮت دﺧﻞ اﻟﺒﻴﺖ وأﺧﺬ ﻋﻤﻮده ودﺧﻞ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻓﻤﻦ ﻳﺘﻌﻆ ﺑﺎﳌﻮت ﻓﻤﻦ ﻳﺪري ﻣﻦ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻲ رﺣﻤﻬﺎ اﷲ، ﺛﻢ ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ إن ﻓﻘﺪ اﻷب ﻋﺰﻳﺰ ﻟﻜﻦ ﻓﻘﺪ اﻷم أﺷﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺖ وﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮة واﺳﺘﺬﻛﺮﻧﺎ ﺣﺎل اﻟﺒﻴــﻮت ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪ اﻷب واﻷم ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻟﻌﺒﺮة اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺎن ذﻟﻚ أن اﻷم ﻓﻌﻼ ﻫﻲ أﺷﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺪ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻨﺎء واﻷﺳﺮة ﻛﻜﻞ واﳊﻤﺪ ﷲ. وﻛﺎﻧــﺖ ﻓــﻲ ﺣﻴﺎﺗــﻚ ﻟــﻲ ﻋﻈﺎت

وأﻧــﺖ اﻟﻴــﻮم أوﻋــﻆ ﻣﻨــﻚ ﺣﻴﺎ إن اﳌﻮت ﻫﻮ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﺒﺮى وﻫﻲ ﺳﻨﺔ اﳊﻴﺎة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪﻧﻴﺎ )ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ذاﺋﻘﺔ اﳌﻮت ﺛﻢ إﻟﻴﻨﺎ ﺗﺮﺟﻌﻮن( وإن أﺑﻠﻎ اﻟﻌﻈﺎت اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻋﻠــﻰ اﻷﻣﻮات وﺣﻀﻮر اﻟﻌﺰاء ودﻓﻦ اﻷﻣﻮات ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﺮ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻓﻲ دار ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻠﺒﻘﺎء، أﻳﺎﻣﻬﺎ ﻣﺮاﺣﻞ، وﺳﺎﻋﺎﺗﻬﺎ ﻗﻼﺋﻞ، واﳌﺮء ﻻ ﺷﻚ ﻋﻨﻬﺎ راﺣﻞ، واﳌﻮت ﻗﺪ ﻳﺴﺒﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺒﺪ ﻧﺬر وﻋﻼﻣﺎت أو ﺑﻐﺘﺔ وﻓﺠﺄة ﻻ ﺗﺴﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﺣﺴﺎ وﻻ ﻫﻤﺴــﺎ، وﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻛﻔﻰ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرب ﺗﺄدﺑﺎ، وﺑﺘﻘﻠﺐ اﻷﻳﺎم ﻋﻈﺔ، وﺑﺬﻛﺮ اﳌﻮت زاﺟﺮا. ﻳــﺎ راﻗــﺪ اﻟﻠﻴــﻞ ﻣﺴــﺮورا ﺑﺄوﻟﻪ

إن اﳊــﻮادث ﻗﺪ ﻳﻄﺮﻗﻦ أﺳــﺤﺎرا اﻟﻔﻘﺪ واﳊﺰن ﺷــﻌﻮر ﺛﻘﻴﻞ وﺻﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ، واﻟﻔﺮح واﳊﺰن أﻣﺮان ﻓﻄﺮﻳﺎن ﻣﺘﻀﺎدان ﺧﻠﻘﻬﻤﺎ اﷲ ﻓﻲ وﺟﺪان اﻻﻧﺴﺎن ﻳﺨﻤﺪ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﺑﻄﻐﻴﺎن اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻴﻪ وﻇﻬﻮره )وأﻧــﻪ ﻫﻮ أﺿﺤﻚ وأﺑﻜﻰ( ﻳﻘﻮل ﻋﻜﺮﻣﺔ رﺣﻤﻪ اﷲ: ﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ إﻻ وﻫﻮ ﻳﻔﺮح وﻳﺤﺰن وﻟﻜﻦ اﺟﻌﻠﻮا اﻟﻔﺮح ﺷﻜﺮا واﳊﺰن ﺻﺒﺮا، وﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﻴﺒﺔ إﻻ وﻣﻌﻬﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﻨﻬﺎ: إن ﺟﺰﻋﺖ ﻓﺎﻟﻮزر وإن ﺻﺒﺮت ﻓﺎﻷﺟﺮ واﳌﻘﺎدﻳﺮ ﲡﺮي ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال، وﻻ ﻏﺮو أن ﻳﺤﺰن اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاق ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﺗﺪﻣﻊ ﻋﻴﻨﻪ دون ﺟﺰع وأﺳﻮﺗﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻨﺒﻲ ژ إذ ﻗﺎل: »إن اﻟﻌﲔ ﻟﺘﺪﻣﻊ وإن اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻴﺤﺰن وإﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﻗﻚ ﻳﺎ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﶈﺰﻧﻮن«.

وﻋﻨﺪ اﳌﺼﻴﺒﺔ واﻟﺒﻼء واﻟﻔﻘﺪ ﻳﺘﺒﲔ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺘﺤﻤﻞ واﻟﺜﺒﺎت وأن ﻫﻮل اﻟﺼﺪﻣﺔ وﺣﺠﻢ اﳌﺼﻴﺒــﺔ وﺣﺮاراﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ وﺗﻌﺼــﺮه ﻻ ﻳﺒﺮدﻫﺎ وﻳﻬﻮﻧﻬﺎ إﻻ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﷲ واﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺼﺪق واﻻﻛﺜﺎر ﻣﻦ ذﻛﺮه وﻋﺒﺎدﺗﻪ ﻣﻦ دﻋﺎء وﺻﻼة وﻗﺮاءة ﻟﻠﻘﺮآن وﻗﺒﻠﻬﺎ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ اﻟﺘﺎم واﻟﺮﺿﺎ ﺑﻘﻀﺎء اﷲ وﻗﺪره، وﻻ أﻧﺴﻰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن أن ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ أو رﺳــﺎﻟﺔ ووﻗﻮف ﺣﻘﻴﻘﻲ أﻳﺎم اﻟﻌﺰاء وﺑﻌﺪه ﻣﻦ أﻗﺎرب أو أﺻﺪﻗﺎء ﻟﻪ ﻋﻈﻴﻢ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺮوح وﺗﻄﻴﻴﺐ اﻟﻨﻔﻮس وﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ رﺑﺎﻃﺔ اﳉﺄش وﺗﻌﲔ ﻋﻠﻰ اﳋﺮوج ﻣﻦ داﺋﺮة اﳊﺰن، ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﳊﻜﻤﺎء: ﻣﻦ اﺣﺘﻤﻞ اﶈﻨﺔ وﺻﺒﺮ، ورﺿﻲ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ اﷲ وﺷﻜﺮ، ﻛﺸﻒ اﷲ ﻟﻪ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮر ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﺎ.

ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺪ وﻻ ﲢﺼﻰ، وأن ﻧﺤﺴــﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﷲ وأن ﻋﺎﻗﺒﺔ اﻷﻣﻮر ﺣﻤﻴﺪة ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺪﻳﺪة، وأن اﳊﻴﺎة ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻟﻮﻓﺎة أﺣﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻷوﻟﻮن ﻧﺤﻦ أﻣﻮات أﺑﻨﺎء أﻣﻮات، وﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﺪ ﻧﺘﻤﺜﻞ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﺑﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﺮﺛﺎء: ﻓﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻟﻢ ﺗﻈﻠﻢ وﻟﻢ ﺗﺨﻦ

ﻳﺎ راﺣﻼ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺆس واﻟﻔﱳ ﻓﻲ رﺣﻤــﺔ اﷲ أودﻋﻨﺎك ﺧﺎﻟﻘﻨﺎ

رﺑﺎ رﺣﻴﻤﺎ ﻳﺠﺎزي اﳊﺴﻦ ﺑﺎﳊﺴﻦ ﻓﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻳــﺎ أﻏﻠﻰ أﺣﺒﺘﻨﺎ

ﻟﻮ ﳕﻠﻚ اﻷﻣﺮ ﻣﺎ ﺟﺌﻨﺎك ﺑﺎﻟﻜﻔﻦ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻨﺠﺪﺗﻨﺎ

ﻛﻨﺎ اﺟﺘﻬﺪﻧــﺎ ﺑﺒﺬل اﳌﺎل واﻟﺒﺪن ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎﺑــﺾ اﻷرواح ﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ

ﻓﻲ رده ﺣﻴﻠﺔ، ﳝﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﲍ أودﻋﺘﻚ اﻟﻴﻮم رﺑﺎ ﻻ ﺗﻀﻴﻊ ﻟﻨﺎ

وداﺋﻊ ﻋﻨﺪه ﻓﻲ اﻟﺴــﺮ واﻟﻌﻠﻦ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻚ اﷲ ﻫﺬا درﺑﻨﺎ وﻏﺪا

ﻧﻠﻘﻰ اﻷﺣﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺄى ﻋﻦ اﳊﺰن ﷲ ﻣﺎ أﺳــﺮع اﻟﺪﻧﻴﺎ اذا اﻧﻘﻠﺒﺖ

ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﻫﻠﻬــﺎ ﺑﺎﻟﻬﻢ واﶈﻦ ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ﺻﺒﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن واﺣﺘﺴﺒﻲ

ﻓﺈن ذا اﻟﻌﺮش ذو ﺟﻮد وذو ﻣﲍ رﺑﺎه ﻓﺎﻏﻔﺮ ﳌﻦ ﲢﺖ اﻟﺜﺮى وﳌﻦ

وﻓﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﲢﻦ