ﺿﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺘﺤﻖ
ﻳﻘﺎل: ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴــﻘﻂ ﻗﻄﺮة ﻣﺎء ﻓﻲ ﺑﺤﻴﺮة، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻀﻴﻊ وﺗﻜﻮن ﺑﻼ ﻫﻮﻳﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﲔ ﺗﺴﻘﻂ ﻓﻮق ورﻗﺔ ﺷﺠﺮة، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻠﻤﻊ ﻛﺎﻟﻠﺆﻟﺆة، ﻓﺎﺧﺘﺮ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﺗﻠﻤﻊ ﻓﻴــﻪ، واﻧﻈﺮ أﻳﻦ ﺗﺘﻮاﺟﺪ وﻣــﻦ ﺗﺼﺎﺣﺐ، وﻣﻦ ﺗﺘﺎﺑﻊ، وﻣﺎذا ﺗﻘﺮأ، وﻣﺎذا ﺗﺸﺎﻫﺪ، وﺳﺘﻌﺮف ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ أﻧﺖ، وﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻚ، وﻻ ﺗﺘﺮدد أﺑﺪا ﻓﻲ أن ﺗﺘﺮك اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﻘﻴﻤﺘﻚ، ﻷﻧﻚ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳــﺘﺤﻔﻆ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻗﺪرﻫﺎ، وﺳﺘﻀﻊ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ أﺣﺠﺎﻣﻬﻢ اﻟﻄـــﺒﻴﻌﻴﺔ، أﺣﺠﺎﻣﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻬﺎ.
ﻟﺬﻟﻚ ﻛﻦ ﻋﻠــﻰ ﻳﻘﲔ ﺗﺎم ﺑﺄﻧﻚ إن ﻋﺮﻓﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﺣﻖ اﳌﻌﺮﻓﺔ، ﻟﻦ ﺗﻀﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ اﳌﻜﺎن اﳋﺎﻃﺊ، وﻟﻦ ﺗﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﻣــﻜﺎن ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ، وﻟﻦ ﻳﻀﺮك ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻨــﻚ، ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﺎ ﻟﻸﺳﻒ ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﻜﻤﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﺑﺄﻋﲔ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﻫﺬا ﺧﻄﺄ داﺋﻤﺎ ﻣﺎ ﻧﻘﻊ ﻓﻴﻪ، ﻳﻘﻮل اﻟﺮاﻓﻌﻲ: »ﻣﻘﺎﻣﻚ ﺣﻴﺚ أﻗﻤﺖ ﻧﻔﺴﻚ، ﻻ ﺣﻴﺚ أﻗﺎﻣﻚ اﻟﻨﺎس، ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻻ ﺗﻌﺪل وﻻ ﺗﺰن«، ﲟﻌﻨﻰ أن ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﺪر ﻗﻴﻤﺔ اﻷﺷﻴﺎء ﻗﺪ ﻳﺨﻄﺊ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ.. وأﻧﺖ أﻋﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﺑﻨﻔﺴــﻚ، ﻓﻼ ﲡﻌﻞ ﺣﻜــﻢ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻚ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻤﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ.. ﺑﻞ زن ﻧﻔﺴﻚ ﲟﻴﺰان اﳊﻖ واﻟﺜﻮاﺑﺖ، وأﻧﺼﻒ ﻧﻔﺴﻚ إن ﻟﻢ ﻳﻨﺼﻔﻚ اﻵﺧﺮون، وأﻋﻂ ﻧﻔﺴﻚ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ، دون ﻏﺮور وﻻ اﺳﺘﻨﻘﺎص.
وﻗﻢ ﺑﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻚ، واﻧﺴــﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺈﻳﺬاﺋﻚ ﻧﻔﺴﻴﺎ وﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻚ، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻚ وﺗﻌﻜﺮ ﺻﻔﻮ ﻣﺰاﺟﻚ وﺗﺸﻮه ﻧﻈﺮﺗﻚ إﻟﻰ ذاﺗﻚ.
زن ﻧﻔﺴﻚ وﺣﻜﻢ ﻋﻘﻠﻚ وﲢﻜﻢ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻚ، واﻷﻫﻢ أن ﺗﻌﺮف وزﻧﻚ ﻋﻨﺪ اﷲ أوﻻ، ﺛﻢ أﻣﺎم ﻧﻔﺴﻚ، ﻣﺠﺘﻤﻌﻚ وﺑﻴﺌﺘﻚ اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻚ، وأن ﺗﻀﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ اﳌﻜﺎن اﳌﻨﺎﺳــﺐ ﻟﻬﺎ.. وﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﻚ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎﻣﻞ أﻧﺖ ﻧﻔﺴﻚ، ﻓﺈن اﻋﺘﺒﺮت ﻧﻔﺴﻚ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﺈن اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺳﻴﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻌﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﻚ أﻗﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻌﻼ، ﻓﻼ ﺗﻘﻠــﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻚ أﺑﺪا وﻻ ﺗﻨﺘﻘﺼﻬﺎ ﺑﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﻧﻔﺴــﻚ ﺑﺎﺣﺘﺮام وﻗﺪرﻫﺎ.
ﺗﺴﻠﺢ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻟﻘﻤﺔ ﺳﺎﺋﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺼﻐﺮوﻧﻚ وﻳﻘﻠﻠﻮن ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻚ وذاﺗﻚ، وﻻ ﺗﺄﻗﻠﻢ ﻧﻔﺴﻚ أﺑﺪا ﲟﻜﺎن ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ.. ﻣﻜﺎن ﻣﻬﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺟﻤﻴﻼ ﻳﺸــﻮﻫﻚ.. ﻣﻜﺎن ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺴﺮف ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎﺋﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮ وﺗﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻨﺎزﻻﺗﻚ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻧﻔﺴﻚ.
ﻛﻲ ﻻ ﺗﺨﺴــﺮ ﻧﻔﺴﻚ وﺗﻀﻌﻔﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ وﺗﺘﻨﺎﺳــﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗــﻚ، وﺗﻨﻄﻔﺊ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس ﻻ ﺗﻨﺎﺳﺒﻚ!
ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻜﻒ ﻋﻦ إﻫﺪار ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ وأي ﻣﻜﺎن ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻬﺎ أو ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ.
ﺗﺄﻛﺪ أن ﻣﺸﺎﻋﺮك ﻏﺎﻟﻴﺔ وﻧﻔﺴﻚ ﻋﺰﻳــﺰة، ﻓﻼ ﺗﺮﺧﺼﻬــﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻗﻴﻤﺘﻚ، ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ وﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻟﻦ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﺗﻘﺪﻳﺮك اﻟﺼﺤﻴﺢ، وﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﺳــﺎس ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ أﻧﺖ أن ﺗﻌﺮف ﻣﻜﺎﻣﻦ ﻗﺪراﺗﻚ وﺗﻠﻚ اﳌﻠﻜﺎت اﳉﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪاﺧﻠﻚ، وﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻣﻬﺎﺗﺮات ﻻ ﻃﺎﺋﻞ ﻣﻨﻬﺎ، وﻛﻦ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻘﻚ وﻣﻊ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻮﻧﻮن ودك وﻳﺤﺘﺮﻣﻮﻧﻚ وﻳﻘﺪرون إﺣﺴﺎﺳﻚ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﻨﺪﻓﻊ ﺑﻜﻞ ﺷﻌﻮر ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﲡﻨﺒﺎ ﳋﻴﺒﺔ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت، وﻋﺶ ﻓﺨﻮرا ﺑﺬاﺗﻚ.
وﻣﻦ اﳌﻬﻢ ﺟــﺪا أن ﲢﺪد دورك ﻓﻲ اﳊﻴﺎة، وأﻻ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻚ ﺷﺨﺺ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﻢ وﻣﻬﻤﺶ، أو أﻧﻚ ﻻ ﺗﻀﻴﻒ ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎة، اﳊﻴﺎة ﻣﺴﺮح وﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻟﻪ دور وﺑﺼﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﻴــﺎة، وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﺣﺪ ﻣﺠﺮد زﻳﺎدة ﻋﺪد، وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ وﻧﺤﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أدوارﻧﺎ، وﻛﻞ ﻣﻴﺴﺮ ﳌﺎ ﺧﻠﻖ ﻟﻪ، ﻓﻤﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎ اﷲ ﻟﻨﻜﻮن ﻛﻠﻨﺎ زﻋﻤﺎء أو ﻋﻠﻤﺎء أو أﻃﺒﺎء، وإﳕﺎ ﻟﻨﻘﻮم ﺑﺎﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ أوﺟﺪﻧﺎ اﷲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ، وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺘﻨﺎزل ﻋﻦ دوره ﻟﻐﻴﺮه أو ﻳﻠﻐﻲ وﺟﻮده أﺳﺎﺳﺎ!
ﻟﺬﻟـــــﻚ ﻛﻦ ﻋـــﻠﻰ ﺛﻘــﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﺸــﺨﺼﻚ، واﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ وأﻫﻢ ﻣﻬﺎرة ﳝﻜﻨﻚ إﺗﻘﺎﻧﻬﺎ، ﻓﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺘﻚ، ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻷﺳﺮي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻤﻴﺰ ﻓﻴﻚ، ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﻚ ﺷﺨﺼﺎ ﳑﻴﺰا ﻟﻪ ﻫﺪف وﻏﺎﻳﺔ وﻓﺮﻳﺪاً ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ.