ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن واﻟﺼﻴﺎم

أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن ﺷﻬﺮ اﻟﺼﻴﺎم واﻟﺘﻘﺮب إﻟﻰ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﻜﻔﻴﺮ اﻟﺬﻧﻮب، ﻓﺎﻟﺼﻴﺎم ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﻟﻴﺲ اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸــﺮاب ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻫﻮ اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻐﻀﺐ اﷲ، واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻬﺎﻧﺎ ﻋﻨﻪ دﻳﻨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ.

وﻣﻊ ﻗﺮب ﻗﺪوﻣﻪ ﺑﺪأ اﻻزدﺣﺎم ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ﻟﻠﺘﺠﻬﻴﺰ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻬﺮ اﳌﺒﺎرك، ﺳﻮاء ﻟﺸﺮاء اﻷﻏﺬﻳﺔ واﳌﺸﺮوﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻔﻀﻴﻞ أو ﻟﺸﺮاء اﳊﻠﻮﻳﺎت واﳌﻼﺑﺲ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮﻗﻴﻌﺎن، أو ﻟﺸﺮاء اﻷواﻧﻲ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻟﻺﻓﻄﺎر.

وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ژ: »أﺗﺎﻛﻢ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن، ﺷﻬﺮ ﻣﺒﺎرك ﻓﺮض اﷲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺻﻴﺎﻣﻪ، ﺗﻔﺘﺢ ﻓﻴﻪ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء وﺗﻐﻠﻖ ﻓﻴﻪ أﺑﻮاب ﺟﻬﻨﻢ، وﺗﻐﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺮدة اﻟﺸــﻴﺎﻃﲔ، وﷲ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺷﻬﺮ، ﻣﻦ ﺣﺮم ﺧﻴﺮﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﺣﺮم«.

إن اﻟﺼﻴﺎم ﻣﻦ أﺳﺒﺎب ﺗﻜﻔﻴﺮ اﻟﺬﻧﻮب واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺪﻋﺎء، إذ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﺗﺘﻀﺎﻋﻒ ﻓﻴﻪ اﳊﺴﻨﺎت ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺷــﻬﺮ رﻣﻀﺎن ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﺷﻬﻮر اﻟﺴﻨﺔ. وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: )وأن ﺗﺼﻮﻣﻮا ﺧﻴﺮ ﻟﻜﻢ إن ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن( ﺳــﻮرة اﻟﺒﻘﺮة: ٤٨١. ﻛﻤﺎ ان اﻟﺼﻴﺎم ﻳﺠﺒﺮ اﳉﺴــﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺮق ﻣﺨﺰوﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﻮن ﳑﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﺪﻣﺎغ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺼﻴﺎم، وﻳﺤﺴﻦ اﻹدراك وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺮواﺑﻂ ﺑﲔ اﳋﻼﻳﺎ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ، ودرء ﺗﺮاﺟﻊ وﻇﺎﺋﻒ اﳋﻼﻳﺎ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ وﻳﺤﺴــﻦ وﻇﺎﺋﻒ اﳌﺦ وﺗﺰداد ﻣﻘﺎوﻣﺘﻪ ﻟﻺﺻﺎﺑﺎت واﻷﻣﺮاض، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻬﺎرة ﺿﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺘﻮازن ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن وﲢﺴﲔ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ.

وﻳﻘﻮم اﻟﺼﻴﺎم ﺑﺘﻨﻈﻴﻒ اﳉﺴــﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻮم وﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻌﺎدات اﻟﺴﻴﺌﺔ، وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻻﻛﺘﺌﺎب واﻟﻘﻠﻖ واﻟﺘﻮﺗﺮ واﻟﻐﻀﺐ واﻷرق وﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻣﺴــﺘﻮﻳﺎت اﻟﺴــﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺪم، وﻳﻌﺎﻟﺞ ارﺗﻔﺎع ﺿﻐﻂ اﻟﺪم وﻳﻌــﺰز ﺟﻬﺎز اﳌﻨﺎﻋﺔ واﻟﻌﺎدات اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ.

وﻳﻌﺪ اﻟﺼﻴﺎم ﻛﻔﺎرة ﻟﻠﺬﻧﻮب ووﻗﺎﻳﺔ وﺳﺘﺮا ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻵﺧﺮة ﺑﺸــﺮط أﻻ ﻳﻘﻮم اﻟﺼﺎﺋﻢ ﲟﺎ ﻳﻐﻀﺐ اﷲ ﺳﻮاء ﺑﺎﻷﻗﻮال أو اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﺣﺬرﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ اﷲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ أو رﺳﻮﻟﻪ اﻷﻣﲔ ژ.

إن ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ ﻟﻴﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺮ أﺟﺮ ﺻﻴﺎﻣﻪ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻷﺟﺮ اﳌﻀﺎﻋﻒ واﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ أذى اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻟﻨﻤﻴﻤﺔ واﻟﻜﺬب، وزﻳﺎدة اﻟﻄﺎﻋﺎت واﻟﺼﺪﻗﺎت وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن، وﲢﺴﲔ اﻟﻌﺎدات اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻼج ﻟﺒﻌﺾ اﻷﻣﺮاض ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻜﺮ واﻟﻀﻐﻂ واﻷرق واﻟﺘﻮﺗﺮ واﻟﻘﻠﻖ، وﻫﻮ ﻳﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻨﻔﺲ وﻳﻌﻮد اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﺮ.

وﻗﺪ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ژ: »ﻣﻦ ﺻﺎم رﻣﻀﺎن إﳝﺎﻧﺎ واﺣﺘﺴﺎﺑﺎ ﻏﻔــﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ذﻧﺒﻪ«. وﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻴﺎم واﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﻄﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺎل اﻟﺼﺎﺋﻢ أﺟﺮ اﻟﺼﻴﺎم اﳌﻀﺎﻋﻒ وﻳﺪﺧﻞ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺮﻳﺎن.

ﻧﺴﺄل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ ذﻧﻮﺑﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ وﻧﻨﺎل ﻣﻐﻔﺮﺗﻪ وﻋﻔﻮه وأﺟﺮ اﻟﺼﻴﺎم واﻟﻘﻴﺎم ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻔﻀﻴﻞ.