مذهب اللذة اإلبيقوري
إبيقوروس هو الفيلسوف الذي أسس مذهبا أخالقيا قائما على «اللذة»، التي يعتبرها إحدى أهم ركائز السعادة اإلنسانية، وقد اختار هذه الفلسفة كمفتاح لمذهبه األخالقي عند اليونان، وذلك وفقا للطريقة التقليدية لنظرية األخالق السائدة في ذلك الزمن.
*** وكــان اختيار إبـيـقـوروس لمبدأ الـلـذة كغاية أخالقية جعل الكثير مـن الـنـاس يوجهون إليه أصـابـع االتــهــام، بأنه قـد فتح بابا مفسدا لألخالق في فلسفته الداعية إلى اللذة، وما يترتب عليها من أنواع الترف والسرور الجسدي في المجتمع اليوناني. *** فــيــرد إبــيــقــوروس عـلـى مـنـتـقـديـه، بـــأن «الـمـخـلـوقـات عندما تولد تجد ارتياحا في اللذة، وتقاوم األلم بدافع طبيعي. إن لذة الجسم، مثل: السمع، والبصر، والميول الحميمية، كلها تدعو إلى السعادة النفسية، لكن ليس باالنغماس المبالغ فيه، والذي قد يقودنا إلى األلم».
*** واتسعت دائرة فلسفة اللذة اإلبيقورية، وصار لها أتباع في شتى بـالد اليونان، وكتب البعض فيها: «وإبـيـقـوروس يعالج فلسفة اللذة بحذق ومنطق، بحيث يجعلها نوعا من السعادة النفسية، فصارت فلسفة تأخذ مكانتها بين النظريات الفلسفية األخرى».
*** ومما كتبه إبـيـقـوروس، بعد أن أخــذت فلسفة اللذة تنتشر: «ليست كل لذة تنشد، وليس كل ألم يتجنب، فبعض اللذات تورث األلم، كما أن بعض اآلالم قد تحمل معها اللذة، فالشراهة مثال تورث المرض، فيجب اجتناب اللذة التي تجر ألما، واعتبارها وسيلة سيئة للسعادة».
*** وقد قسم دعاة اللذة عناصرها إلى ثالثة: والمسكن. طبيعية ضـــروريـــة، مــثــل: الـرغـبـة فــي األطــعــمــة، والـمـلـبـس،
ضرورية. رغـبـات طبيعية، مـثـل: الـعـالقـات الحميمية، لكنها ليست
- رغبات ليست طبيعية، أو غير ضرورية، مثل: الطعام المترف، والمبالغة في المالبس الفاخرة.
*** وفيلسوف اللذة ال يمكن أال يضمن فلسفته شيئا من الحب، فكتب يقول: «مــن يتلقى ضربة من سهام فينوس ويتفجر من هذه الضربة بما يؤذن باللذة الصامتة التي تتلوها توجه من تلقائها نحو أعطاف فينوس المتدفقة لذة».
*** قـــد يــتــصــور بــعــض الـــنـــاس أن مـــبـــدأ فـلـسـفـة الـــلـــذة انـتـهـى بانتهاء زمن حضارة اإلغريق. ال يا عزيزي، إن حزب فلسفة اللذة اإلبيقوري في الزمن الراهن له من األتباع ممن يعدون بالماليين.