Al Jarida (Kuwait)

أميركي وأفتخر

- فيصل خاجة faisalkhaj­ah@gmail.com

فــي غـمـرة االحــتــف­ــاالت الـوطـنـيـ­ة، وعـلـى أعــتــاب مـهـرجـان االعــتــد­اء على اآلخرين بحجة الوطنية، ومـع ما تتالقفه الساحة االجتماعية والسياسية من تمييز بغيض بين الفئات بحسب الجنسية ومـادة الجنسية والجنس والمذهب، أستعير ما قاله الساخر األميركي الشهير جـــورج كـارلـيـن، فـي دقيقة ونـصـف، ناسفا مفهوم الفخر باألنساب واالنتساب الجيني، وأورد أدناه ما قاله مضمونا مع قليل من التلطيف.

«يجب أن يتم تحذير األطفال من الهراء الذي ينتظرهم في حياتهم، الهراء الذي يجب أن يتم اكتشافه وتحاشيه، هذا أفضل شيء نقدمه لهم وللمستقبل، لم يحذرني أحد لألسف ألكتشف األمر بنفسي، الكثير من المسلمات التي يعتقد بها العامة هي ليست كذلك بالنسبة لي لما يعتريها من أخطاء، أعطيكم مثال: رأيت ملصقا على سيارة أحد الشباب بشعار (فخور بكوني أميركيا)، وقلت لنفسي: ما هذا الهراء؟! يجب علي في البدء إخباركم بأصولي األيرلندية المكتملة األركان، وقــد كنت عند طفولتي أالحـــظ بيع ملصقات تحمل شـعـار (فخور بكوني أيرلنديا) في األسواق، وفي نفس الوقت وفي مكان آخر كان شعار (فخور بكوني إيطاليا)، ثم توالت حاالت وحمالت الفخر إلى أن جاء ت إلى ذوي البشرة السمراء والبورتاري­كيين وغيرهم، لم أستطع أبدا استيعاب حالة الفخر بالجنسية أو اإلثنية، ألنه من البديهيات ضــرورة ارتـبـاط الفخر بشيء تقوم أنـت شخصيا بتحقيقه، الفخر ليس وساما تناله لمجرد مصادفة ميالدك ضمن هذه الفئة أو تلك، أن تكون أيرلنديا ليس بمهارة! إنها مصادفة جينية تافهة، ال يمكنك أن تكون فـخـورا بطولك البالغ 180 سنتيمترا، أو أن تكون فخورا بجيناتك التي قد تعرضك أكثر من غيرك لمواجهة سرطان القولون، لماذا حماقة الفخر بشيء ليس لك يد فيه؟ انتبه، إن كنت سعيدا بذلك فهذا شأن آخر، كن سعيدا وعبر عن ذلك، ضع على سيارتك ملصق (سعيد بكوني أميركيا)».

عـودة إلى الكويت... علينا أن ننتبه حتى ال ننزلق في فخ الفخر الكاذب أو المتعالي على اآلخرين، علينا أن نستحضر أعيادنا الوطنية بمسؤولية وباحترام شديدين لوطننا ولآلخرين وألنفسنا، وأن تكون هذه المناسبة فرصة للتفكير بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وأن تكون فرصة لالنضواء تحت لواء الوطن ال غيره.

أذكر لكم حادثة شهدتها العام الماضي بتاريخ 25 فبراير، آمال أال تتكرر بأي شكل من األشكال، كنت موجودا في منطقة العبدلي، واضطررت للذهاب عصرا إلى محطة الوقود لتزويد سيارتي بما ينقصها، ألجد نفسي محبوسا فيما يسمونه مسيرة وطنية قرابة الساعتين بما احتوته من مشاهد مخجلة متمثلة في االعتداء على اآلخــريــ­ن، محزن عــدم اقتصار تلك الممارسات على األطـفـال الذين كـانـوا برفقة أولـيـاء أمـورهـم (ونـعـم الـتـربـيـ­ة!)، بـل امـتـدادهـ­ا لشباب وفتيات تجاوزت أعمارهم الثامنة عشرة، على ما يبدو، بخالف قيام بعض القصر بقيادة السيارات، وكان محزنا بشكل أكبر وقوع تلك الممارسات على مرأى رجال الشرطة المنشغلين بالتدخين وشرب الــشــاي، ادخــــرت غضبي إلـــى األخــيــر عـنـدمـا شــاهــدت الـبـعـض وهـم يركبون الخيول ويرفعون أعـالم قبيلتهم، عوضا عن علم الكويت، في مشهد استفزازي، ذهبت إلـى رجـال الشرطة مستفسرا عن عدم تدخلهم لوقف هذا السلوك المشين، فأجابني العسكري قائال: شفيها؟ خلهم يستانسون!

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait