Al Jarida (Kuwait)

بطالن تغيير صفة ابن المتجنس تشريعيا

- أ. د. محمد المقاطع

أرســــى الــدســتـ­ـور الـكـويـتـ­ي مـجـمـوعـة مــن الـقـواعـد واألحـــــ­كـــــام بـــشـــأن الــجــنــ­ســيــة الــكــويـ­ـتــيــة فــــي 5 مــــواد دســـتـــو­ريـــة، وبــقــواع­ــد أوردتـــهـ­ــا مــذكــرتـ­ـه الـتـفـسـي­ـريـة، وبـــأحـــ­كـــام وتـــعـــا­ريـــف جــامــعــ­ة مــانــعــ­ة قـــررهـــ­ا قــانــون الجنسية رقم 15 لسنة .1959

فقد اعتبر الدستور أن الكويتيين - وفقا لما حدده قانون الجنسية - إما كويتيون بالتأسيس وهم من استوطنوا الكويت قبل ،1920 واعتبر فروعهم ممن ولـــدوا بعد هـذا التاريخ كويتيين بالتأسيس أيضا بـاعـتـبـا­ر أن إقــامــة األصــــول تمتد لـلـفـروع واسـتـخـدم لـفـظ (تـكـمـل إقــامــة الـــفـــر­وع)، ومـنـحـهـم صـفـة مـحـددة ومنطقية أنهم كويتيون بصفة أصلية باعتبار والدتهم لكويتيين مؤسسين، وهي تسمية مقصودة ومنضبطة قانونيا واصطالحيا، ألنهم ولــدوا آلبــاء مؤسسين، فعوضا عن إطـالق صفة مؤسس عليهم (وهـي صفة كانت تطلق عليهم في أحيان كثيرة وبوثائق متعددة)، ومــــن ثــــم تـثـبـت لــهــم فــــور مــيــالده­ــم بــأحــد الـوصـفـيـ­ن السابقين «كويتي مؤسس» أو «كويتي بصفة أصلية»، وهي صفة تثبت فور الميالد ألب مؤسس.

وهنا نجد أن الدستور وقانون الجنسية قد تبنى ثالثة مصطلحات منطقية مختلفة ومنضبطة، وهي:

كـــويـــت­ـــي بـــالـــت­ـــأســـيـ­ــس: وهـــــو الـــكـــو­يـــتـــي الــمــؤسـ­ـس الموجود قبل 1920 وأبناؤه وفروعه.

كويتي بصفة أصلية: ويطلق فقط على الكويتي المولود ألب مؤسس وفروعه وإن نزل.

كويتي بالتجنس: ويطلق على من يكتسب الجنسية بالتجنس، وهي الصفة التي تثبت ألبنائه وفروعه وإن نـزل، فما هو ثابت لألصل ينتقل تلقائيا للفرع، وال يمكن لألصل أن يكسب الفرع صفة مغايرة لصفته، فـ «فاقد الشيء ال يعطيه».

وقد استقر مسلك المشرع الكويتي منسجما مع ما هو مقرر بالدستور والقوانين المرتبطة بالدستور منذ عام 1959 وحتى .1994

ففي ذلــك الــعــام، أصـــدر مجلس األمـــة الـقـانـون رقم 44 لسنة ،1994 واصفا ومانحا من ولد ألب متجنس صفة أخرى «مبتدعة» و»منحرفة» ومغايرة لصفة أبيه، مطلقا وصف (بصفة أصلية وفقا للفقرة الثالثة من المادة السابعة)، وكان ذلك انحرافا تشريعيا وسياسيا ألغــــراض انـتـخـابـ­يـة، رغـــم انــعــدام سلطة الــمــشــ­رع في إحـــــداث هــــذا الـتـغـيـي­ـر لـصـفـة تـثـبـت بــالــمــ­يــالد بحكم الدستور والقوانين المكملة لـه، تبعا لصفة األصـل، وتم ترتيب آثـار ونتائج منعدمة على هذا التطبيق؛ منها الترشيح.

فوفقا للمادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1959 بشأن الجنسية، يعتبر كويتيا كل من ولد ألب كويتي، وهـــذا الـقـانـون حـــدد أنـــه مـــن يــولــد ألب كـويـتـي يكون كويتيا وفقا لما هو ثابت من صفة ألبيه (علما بأنه يوم صدور قانون الجنسية لم يكن يوجد إال كويتي بالتأسيس أو كويتي بصفة أصلية - الـمـولـود ألب بالتأسيس). ولم يكن يوجد وقتها كويتي متجنس، إال بعد أن بدأت حركة التجنيس.

ولــــذلــ­ــك، فـــــإن كــــل مــــن يـــولـــد ألب لــــه صـــفـــة ثــابــتــ­ة لجنسيته تثبت له هو بالتبعية ذات طبيعة وصفة الجنسية الثابتة ألبــيــه، فصفة الــفــرع تتبع وتلحق صفة األصــل، وال يمكن لألصل أن يثبت للفرع صفة يفتقدها هو وغير ثابتة له، حتى لو جـاءت السلطة أو التشريع ومنحت أو أعطت شخصا وصفا مغايرا للحقيقة، فالحقيقة ال تتغير بــقــرار أو تـشـريـع من السلطة التنفيذية أو التشريعية وبقاعدة عـامـة، إذ إن ذلك تلبيس وإكساب تشريعي يخالف الحقيقة ال وجود له، وال يدخل ضمن اختصاصات التشريع، ومن يدعي تحقق صفة المواطنة عليه اللجوء إلى القضاء والـحـصـول على حكم بـذلـك، فتغيير الصفة وتغيير االســــم وتـغـيـيـر أي أمـــر يتعلق بشخصية الشخص الطبيعي، ال يجوز أن يتم ألي كان إال بحكم قضائي، وهذا ليس من سلطة المشرع وال من طبيعة عمله، وفقا لمبدأ الحدود الدستورية لعمل السلطات، وهنا نتحدث عن جملة من النصوص الدستورية، ويجب أن تعرض كل حالة على القضاء منفردة، ليعمل سلطته في الفصل فيها وفقا للحيثيات والمستندات التي تقدم أمامه.

والـمـادة الثانية من قانون الجنسية التي يستند إليها البعض، لتوسيع سريانها على من ال تشمله غير صحيح قانونا، ومردود عليه بارتباط هذه المادة بالمادة األولى ومعطوفة عليها قانونا ومتممة لها، وهــي تـسـري على أبـنـاء مـن يـولـد للمؤسس وأبنائه المكملين لمدده، وفقا للسياق الوارد بالمادة األولى، وهي قاصرة في حكمها على من عرفته المادة األولى بالقانون أنه كويتي، وال محل لصرف حكمها لمن لم يكن موجودا عند صدور قانون الجنسية.

ولذلك جاء ت محاولة الخروج على نص المادة 2٨ من الدستور بالقانون 44 لسنة ،1994 والذي لم يكتف بمنح ابن المتجنس المولود بعد صدور القانون صفة ووصــف (بصفة أصلية) مخالفا للمادة الدستورية المذكورة، بل إنه اشتمل على مخالفة أبشع بمد أثر حكمها بأثر رجعي ليمنح البن المتجنس المولود قبل صدور القانون، مهما فات عليه من الزمن، ومهما كانت سنه، ليصبح كويتيا بصفة أصلية، وهذا وجه أبلغ ضررا وأبشع صورة من صور المخالفات الدستورية.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait