عن االغتراب البيئي: الكالب الضالة الضارة
عــــانــــت دول عــــــدة حــــــول الــــعــــالــــم فــي السابق وما زالت تعاني مشاكل مختلفة مـتـعـلـقـة بــالــحــيــوانــات الــضــالــة الــضــارة ووجــودهــا بين السكان ووصولها إلى الـمـنـاطـق الـحـضـريـة والــمــدن السكانية كذلك، وألننا جميعا نحب أن نستشهد بالعالم الغربي األول، وألننا نحمل عقدة «الـــفـــورمـــان» و«الـــخـــواجـــة» فــي جيناتنا الـــعـــربـــيـــة، ســـأســـتـــشـــهـــد هـــنـــا بــإنــكــلــتــرا قبل 15 عاما حين تعرض طفل صغير لـــهـــجـــوم مـــن ثــعــلــب بـــالـــقـــرب مـــن مــنــزلــه شرقي العاصمة لندن، وال أتذكر إن فارق الطفل الحياة أم ال، لكنني أتذكر استنفار الــحــكــومــة اإلنــكــلــيــزيــة بـــل الــبــريــطــانــيــة بأكملها إليـجـاد حلول للمشكلة، وتلك المصيبة الـتـي حلت بـأحـد مواطنيها، ولــزيــادة الطين بـلـة، بـالـقـرب مـن منزله بل على مرأى ومسمع الجيران واألهالي، فالروح هناك لها قدسيتها واحترامها والمواطن معزز مكرم في بلده، ويجب أن تتم حمايته وصـون حياته وممتلكاته مهما كان.
وهـــنـــا أســـتـــرجـــع كـــيـــف أن لـلـمـلـكـيـة الخاصة في الكويت شبه انعدام االحترام من الدولة، فالسيارات تتحطم أو تغرق دون تحمل أي مسؤولية من الدولة رغم أنـــهـــا مـــن يــعــمــل ويـــشـــرف عــلــى شــــوارع الـــبـــالد، ويــتــعــرض الـكـثـيـرون لـلـحـوادث الــتــي تـفـقـد األرواح بـسـبـب تــلــك الــطــرق و(عـمـك اصــمــخ). عـمـومـا، لسنا هنا في موضع اإلشارة أو اللوم، لكنني أحببت أن أســـتـــذكـــر تــلــك الـــحـــادثـــة اإلنــكــلــيــزيــة وأســتــدرك بـعـض الـنـقـاط عـلـى الصعيد المحلي، لما لها (تلك الحادثة) من أثر كبير في وقتها.
وكـــمـــا عـــانـــت «بـــريـــطـــانـــيـــا الــعــظــمــى» مشاكل ذوات الــنــاب، عـانـت دول كثيرة حول العالم مشاكل القوارض والثعالب والـثـعـابـيـن والـــكـــالب والــدبــبــة ووصـــول كــل ذلـــك وغــيــره مــن حــيــوانــات مفترسة شرسة بطبعها وغريزتها الى المواقع الحضرية السكانية، والجدير بالذكر أن
مكافحة كل نوع من تلك الحيوانات له ما له من طرق وسبل يفهمها المختصون بذلك، لكن لنسلط الضوء على ما نحن بصدده هنا، وهو مشكلة الكالب الضالة الــضــارة فــي الـكـويـت الــتــي بــاتــت تشكل ظـاهـرة ليست مقتصرة على منطقة أو محافظة بعينها، بل أصبحت تـرى في كـــل الــمــنــاطــق واألمـــاكـــن وتــشــكــل خــطــرا حقيقيا على حياة الناس وبشكل مباشر وذلــك قياسا بـعـدد الـشـكـاوى وضحايا هجوم تلك الكالب الضالة على الناس، وإن صحت الــذاكــرة فكان هناك مؤخرا مـنـذ ثــالثــة أشــهــر تـقـريـبـا هــجــوم أودى بحياة طفلة فـي الكويت أيـضـا بحسب مـــا تــنــاقــلــتــه مـــواقـــع إخـــبـــاريـــة، فــرحــمــة الله تعالى عليها وألـهـم ذويـهـا الصبر والسلوان والحول وال قوة إال بالله.
تــلــك الــــحــــوادث تــســتــوجــب الــمــســاءلــة السياسية واستقالة الحكومة ومحاسبة الــمــتــســبــبــيــن بـــشـــكـــل واضـــــــح وصـــريـــح وعلني لدى حكومات أخرى حول العالم، لكن ال داعي لهذا كله أصال في الكويت فمتوسط عمر الوزير هنا أقل من عشرة أشهر كمتوسط يقاس منذ أول حكومة مشكلة في تاريخ الدولة الدستوري، وإذا ما استمر أم ال فهو في الكويت موظف كبير ال صاحب رؤية ورجل دولة يتحمل مـهـامـه ومـسـؤولـيـاتـه إال مــن رحــم ربــي، وهم نادرون وقلة قليلة، هذا إن لم يفكر بــامــتــيــازاتــه ومــعــاشــه االســتــثــنــائــي في األول واألخير!!
عـــمـــومـــا مــشــكــلــة الـــكـــالب الـــضـــالـــة في الــكــويــت تـفـاقـمـت وأصـــبـــح مـــن الــواجــب معرفة وصولها إلى هذا العدد وقربها من المناطق السكنية عدا المسبب األول وهــو تـراكـم النفايات المنزلية وبواقي األطـــعـــمـــة طـــبـــعـــا، والـــــــذي يـــشـــجـــع عـلـى اجــتــذاب الـحـيـوانـات أكـثـر وأكــثــر، ورغـم أن الجهات المعنية تتخلص من النفاية بشكل دوري فإن وجـود الكالب الضالة دلــيــل عــلــى أنــهــا اعـــتـــادت وألـــفـــت بعض المناطق، فيجب التخلص منها بالسبل اإلنسانية أو القسرية أحيانا، ألن حياة الناس والعوائل في نهاية المطاف أهم بكثير من ادعاءات اإلنسانية في مثل هذا الموضع بل حتى مسألة دراسة التبعات البيئية واألســـبـــاب والــتــنــوع األحـيـائـي يـــصـــبـــح تــــرفــــا مـــقـــابـــل صـــحـــة وســـالمـــة المواطنين التي تعد بالمقام األول.
أعان الله وزراء حكومات الكويت فهم يـحـتـاجـون دهــــرا لحصر الـجـهـات التي تتبع وزارتــهــم ومــن ثـم دهـــرا لممارسة أعمالهم ووضـع خطط واستراتيجيات جـديـدة (صـفـريـة) ومــن بعدها يستريح في منزله معززا مكرما!! على الهامش:
فــــتــــح بـــــــاب الــــطــــعــــون عــــلــــى الـــقـــيـــود االنـــتـــخـــابـــيـــة يــــومــــي 25 و62 فـــبـــرايـــر الماضي وتحصين القيود السابقة ما لم يتم تغيير القيد مطلع فبراير، هو بذاته أمر مريب وغريب، بتحصين تلك القيود فـإن من تبدل موضع سكنه في غضون الـعـام الـمـاضـي وأصـبـح بحكم العنوان الجديد فـي دائـــرة انتخابية جـديـدة لن ينتقل قـيـده بـل يـصـوت بحسب دائـرتـه االنـتـخـابـيـة الــقــديــمــة، أو لـيـس هـــذا من ضمن أعمال الحكومة بالتقاليد الجديدة ألخــذ المعلومات المدنية والـعـمـل بها لـلـقـيـود الـــجـــديـــدة؟! أولــــم تــكــن هـــذه هي فــكــرة الــعــمــل االنــتــخــابــي الـــجـــديـــد؟! هل هـي ثغرة أغفلتها الحكومة ام مشروع طعن وبطالن المجلس الـقـادم؟! هـذا ما ســنــعــرفــه فـــي قـــــادم األيــــــام مـــن مسلسل الحياة السياسية في الدولة. هامش أخير:
إن كــان الـهـدف األسـمـى مـن الـرواتـب االستثنائية أمـــرا إنـسـانـيـا نبيال حين وضـــــع الــــقــــانــــون فــــإنــــه بـــــات اســـتـــنـــزافـــا للمال العام وجب تقنينه وضبطه، ألنه وببساطة أصبح طموح الساسة!!