من جنوب إفريقيا إلى الجزائر
تسارعت األحداث التي يمر بها عالمنا العربي بشكل غير مسبوق، فالمتابع للشأن العربي ال بد أن يتوقف في محطات عـدة، أبرزها اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي قبل عدة أيام في مقر األمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض، وهي الـدورة الـــ951 وانطالق المطالبات التي تضمنت عدة نقاط أبرزها اتخاذ موقف حازم لوقف إطالق النار، واتخاذ اإلجراء ات ضمن إطار القانون الـدولـي للرد على ممارسات الحكومة اإلسرائيلية وأسلوبها في المجازر التي ترتكبها تجاه الفلسطينيين، واستنكار نقض مشروع القرار الجزائري الذي تم تقديمه في مجلس األمن ممثال لصوت الدول العربية (المجموعة العربية في األمم المتحدة).
وفيما يخص الجزائر فقد طالب مشروعها بوقف فوري إلطالق النار في غــزة، وجــدد المطالبة بامتثال جميع األطـــراف بالتزامها بحماية المدنيين، ورفض التهجير القسري للسكان الفلسطينيين، وااللتزام الثابت برؤية حل الدولتين، وتوحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية، واإلفراج غير المشروط عن الرهائن جميعهم، والـحـرص على استمرار وصــول المساعدات اإلنسانية، لكن مجلس األمن رفض مشروع القرار بعد فيتو أميركي استخدمته الـواليـات المتحدة ضد مشروع الـقـرار، األمــر الــذي عرقل المطالبة بالوقف الفوري إلطالق النار.
ومن الجدير بالذكر أن المشروع حظي بتأييد 13 دولة وامتناع بريطانيا ومعارضة الواليات المتحدة التي يقال إنها أقرب ما تكون إلى العدول عن موقفها، واقتراح مشروع قرار في مجلس األمن يدعو إلى وقف مؤقت إلطالق النار خالفا لمطلب بقية األعضاء بالوقف الفوري.
وانطلقت األقـــالم محللة سبب تغيير الموقف، واتفقت على أن الضغط يـأتـي موجها لرئيس الــــوزراء اإلسـرائـيـلـي بـاإلضـافـة الى اقـتـراب االنتخابات األميركية، وسعي بـايـدن إلــى واليــة ثانية في البيت األبيض.
وعــودة للجزائر فبعد مـرور عشرين عاما على واليتها األخيرة عادت إلى عضويتها مجددا، وكما يأتي تقرير معهد واشنطن في يونيو فقد انتخبت الجمعية العامة لألمم المتحدة الجزائر كعضو غير دائم، وهي الوالية الرابعة للجزائر في مجلس األمن لتشغل أحد المقاعد اإلفريقية الثالثة، والدولة الوحيدة التي تمثل العالم العربي.
ومنذ يونيو من العام الماضي والجزائر عضو غير دائم بعدما تم انتخاب خمسة أعضاء جدد لعضوية مجلس األمن لعامين، وهم الجزائر وسيراليون عن المجموعة اإلفريقية، باإلضافة الى كوريا الجنوبية مـن آسـيـا، ومــن أوروبـــا الشرقية سلوفينيا، وغيانا من أميركا الالتينية.
وخالصة األمر فإن العضوية غير الدائمة مكسب للدول العربية، وهي فرصة للمساهمة في اإلنجاز الدبلوماسي وتعزيز السلم الدولي وإيـصـال صوتها، والـجـزائـر باعتقادي تميزت بالتخطيط الجيد للمساهمة في إدارة األزمـــات، واستطاعت بنجاح ربـط المنظمات الـدولـيـة وقــراراتــهــا إللــقــاء الــضــوء على مـعـانـاة الفلسطينيين في غزة، فهل ستأتي الجهود بثمارها وترفع المعاناة عنهم بمباركة المجتمع الدولي؟